الاضافة الى منطوق حكم المحكم
أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين
الاستاذ بكلية الشريعة والقانون جامعة صنعاء
الاضافة الى منطوق
حكم التحكيم ليست نادرة. لان غالبية المحكمين ليسوا من اهل الخبرة والاختصاص,
وتثير الاضافة الى منطوق حكم التحكيم
اشكاليات عدة من حيث صحة نسبة الاضافة الى المحكم, وما اذا كان المحكم او المحكمين
هو الذي قام بالإضافة عند النطق بالحكم ام بعد ذلك علاوة على ان الاضافة الى منطوق
الحكم تثير الشكوك بشأن اسباب الاضافة الى المنطوق وكذا فان هذه الاضافة بحاجة الى
تكييف لبيان ماهيتها وهل جزء من الحكم لاسيما وانها لم تكن حاضرة في ذهن المحكم
عند النطق بالحكم وانما قام باضافتها بعد النطق بالحكم مباشرة, ولذلك فانه من
المهم الوقوف على نظرة القضاء اليمني الى هذه الاشكاليات وكيفية معالجته لها.لذلك
فقد وجدنا انه من المناسب التعليق على الحكم الصادر من الدائرة المدنية بالمحكمة
العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ23/2/ 2011م في الطعن المدني رقم (41214) لسنة
1431هـ وتتلخص وقائع القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا ان اخوين اختلفا بشأن
المستطلع او المكتسب من قبلهما المضاف الى تركة والدهما فقاما بتحكيم هيئة تحكيم
للفصل في الخلاف بينهما. حيث قام المحكمون بالفصل في الخلاف واصدار حكمهم الذي كان
مطبوعا وفي نهاية منطوقه وردت اضافة بخط اليد مضمونها (بالإضافة الى ذلك فيلحق بكل
لبنة الجيوب المتصلة بها فكل لبنة تأخذ نصيبهامن ذلك) وبعد صدور حكم التحكيم لم
يقم احد بتقديم دعوى بطلان حكم التحكيم .وعندما شرع احد الاخوين بتنفيذ الحكم قدم الأخ
الاخرالمنفذ ضده استشكالا مفاده ان تلك الاضافةفي منطوق الحكم سند التنفيذ مزورة وانها لم تتم الا بعد ان اصبح الحكم
نهائيا فرد عليه طالب التنفيذ بان تلك الاضافة قد قام المحكمون بتدوينها بخط
احدهم في وقته اي عند النطق بالحكم وقد
استدعت محكمة الاستئناف المحكمين بناء على طلب طالب التنفيذ كما ان طالب التنفيذ
قدم ادلة على ان تلك الاضافة قد كانت بخط احد المحكمين وانها تمت بعد النطق بالحكم
مباشرة وانها قد تمت بتراضي الطرفين. وفي
ضوء ذلك حكمت الشعبة الاستئنافية برفض الاستشكال و صحة الاضافة الى المنطوق فقام
المستشكل بالطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي امام المحكمة العليا الا ان المحكمة
العليا اقرت الحكم الاستئنافي مسببة حكمها (بان الدائرة بعد رجوعها الى الاوراق
مشتملات الملف وجدت ان ما ينعي به الطاعن في عريضة طعنه المشار اليها هو نعي غير
صحيح لقيامه على اسباب غير صحيحة لأنه قد
ثبت بشهادة الشهود المذكورين في الحكم الاستئنافي ان الاضافة الحاصلة في منطوق حكم
التكيم التي بخط اليد قد تمت بموافقة الطرفين في حينه وحيث
ان الحكم الاستئنافي المطعون فيه قد جاء موافقا لصحيح الشرع والقانون الامر الذي
يتعين معه رفض الطعن واقرار الحكم المطعون فيه) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم بحسب
الاوجه الاتية :
الوجه الأول : وجوب
تحاشي الحشر او الاضافة او التعديل في احكام التحكيم :
ذكرنا فيما سبق ان
احكام التحكيم غالبا ما تصدر عن اشخاص غير متخصصين وتبعا لذلك تحدث بعض الاخطاء فيها ومن ذلك الاضافة او الحشر او
التعديل او الشطب لكلمات او جمل او فقرات في الحكم, والواجب تحاشي الاضافات او
الحشر او التعديل في الاحكام عامة لان ذلك يسرب اليها الشك ويفتح بابا من ابواب
النزاع بين الخصوم مستقبلا مثلما حصل في القضية التي تناولها الحكم محل
تعليقنا فلولا الاضافة في حكم المحكمين
لما حدث هذا النزاع الذي استغرق من القضاء والخصوم جهدا ووقتا ومالا, كما ان
الاضافة الى الحكم تضعف الحكم وتثير الشكوك حوله مع انه يجب ان يكون الحكم عنوان
الحقيقة, ومع ان الاضافات والحشر في الاحكام ممنوعة سواء اكانت في وقائع الحكم او
اسبابه او منطوقه لكن الاضافة والحشر في المنطوق هو الاخطر منها لان المنطوق هو
الحكم .علما بان الاضافة الى منطوق الحكم القضائي يبطل الحكم وقد سبق لنا التعليق
على حكم بهذا المعنى وقد ذكرنا فيه ان قضاء المحكمة العليا قد استقر على ان
الاضافة الى منطوق الحكم مبطلة للحكم.
الوجه الثاني :
الوضعية القانونية للإضافة والتعديل في منطوق الحكم :
من خلال المطالعة
للحكم محل تعليقنا نجد ان الاضافة المختلف بشأنها قد كانت في منطوق الحكم وقد كانت
بخط اليد في حين ان الحكم كاملا كان مطبوعا, ومع ذلك فقد اقر الحكم محل تعليقنا
الحكم الاستئنافي الذي قضى بان الاضافة في المنطوق قد تمت في حينه أي في وقته أي عند
النطق بالحكم, وهذا يقتضي منا الاشارة الى التكييف القانوني لهذه الاضافة بحسب
القواعد والمبادئ القانونية العامة وذلك على النحو الاتي :
1-
الاضافة ليست
تزويرا لان هيئة التحكيم المكونة من ثلاثة اشخاص قد افادت امام محكمة الموضوع بان
هذه الاضافة قد تم تدوينها من قبل احد اعضاءهيئة التحكيم بموافقةالاخوين المحتكمين
وقد تمت الاضافة حين النطق بالحكم كما ان الشهود الذين كانوا حاضرين في جلسة النطق
قد اكدوا على ذلك, وبموجب ذلك فقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك بان تلك الاضافة
صحيحة النسبة الى هيئة التحكيم, وليست مزورة حسبما ذكر المطلوب التنفيذ ضده الطاعن
امام المحكمة العليا .
2-
الاضافة اللاحقة
ليست من الحكم وانما تمت بالتوافق بين الخصوم ساعة النطق بالحكم : فالثابت من خلال
مطالعة الحكم محل تعليقنا ان الخصوم حين النطق بالحكم من قبل هيئة التحكيم اختلفوا
على منطوق الحكم المطبوع كما هو ولذلك فقد اقترحت هيئة التحكيم اضافة تلك
العبارة الى المنطوق بخط اليد للتوفبق
والاصلاح بين الاخوين لضمان موافقتهما على الحكم , وعندئذ قبل الخصمان الحكم بعد
الاضافة ولم يتم الطعن به او الادعاء ببطلانه فصار الحكم نهائيا ولم يحدث النزاع
بين الخصمين الا حين تنفيذ حكم التحكيم, وعلى هذا الاساس فان منطوق الحكم هو الحكم
بالمفهوم القانوني والقضائي لأنه قد سبقت الدراسة والمداولة وتوافقت هيئة التحكيم على ذلك المنطوق, اما
الاضافة الى المنطوق بخط اليد فهي عبارة عن صلح بين الخصوم عرضته هيئة التحكيم على
الخصوم حين النطق بالحكم فقبلوه حسبما اشار اليه الحكم محل تعليقنا فلم يكن في بال
هيئة التحكيم عند الدراسة و المداولة للقضية قبل النطق بالحكم هذه الاضافة كما ان
ذلك لم يكن حاضرا في اذهان هيئة التحكيم قبل وعند النطق بالحكم وانما كان ذلك بعد
النطق بالحكم ببرهة قصيرة, ولذلك فان
تلك العبارة المضافة ليست حكما وانما صلحا, كما ان الاضافة الى منطوق حكم التحكيم
لم تكن ناتجة عن سهو او نسيان هيئة التحكيم وانما خلاف الخصمين عند النطق بالحكم
هو الذي استدعى تلك الاضافة, ومن هذا المنطلق فلا تكون الاضافة من قبيل تصحيح
الخطأ المادي في الحكم .
الوجه الثالث :
الاضافة الى المنطوق بين التصحيح والتفسير لحكم المحكم والصلح بين الخصوم لحسم
الخلاف الذي حصل بينهم عند النطق بالحكم :
التصحيح والتفسير
للحكم اختصاص منوط بالهيئة التي اصدرت الحكم الذي يحتاج الى تصحيح او تفسير, وعند
المطالعة للحكم محل تعليقنا وتحديدا العبارة المضافة الى منطوق الحكم نجد انها قد
تضمنت عبارة انه يلحق بكل لبنة الجيوب المتعلقة بها والمقصود بها الاجزاء الملحقة
باللبنة أي الزيادات وبناء على ذلك نستطيع القول بان الاضافة الى منطوق الحكم
لايمكن حملها على انها تفسير للحكم من قبل الهيئة التي اصدرته ولايمكن حمله ايضا
على انه تصحيح لخطأ مادي شاب الحكم, لان
هيئة التحكيم حينما ادرجت تلك الاضافة لم
يطلب منها تفسير الحكم او تصحيحه كما انها حينئذ لم تكن تقصد تفسير الحكم.الا انه
من الممكن تكييف الاضافة بانها من قبيل تفسير المحكمين لحكمهم على اساس ان هيئة
التحكيم قامت بادراج تلك الاضافة بقصد تفسير الاجمال الوارد في كلمة (اللبنة) لا
سيما وان الارض محل الخلاف ارض زراعية وليست عرصة بناء, والخلاصة ان الاضافة الى
المنطوق تدور بين التكييفين (الصلح والتفسير لحكم التحكيم) والله اعلم .
تعليقات
إرسال تعليق