بيع الشي المرهون لايجوز الا بإذن الراهن أو حكم القضاء
أ.د عبد المؤمن شجاع الدين
الاستاذ بكلية الشريعة والقانون جامعة صنعاء
يسود مفهوم مغلوط لدى عامة الناس بشأن تصرف المرتهن في الشي المرهون ، حيث يقدم بعض الاشخاص المرتهنين على التصرف في
الشي المرهون او بيعه بدون اذن من المالك الراهن او حكم قضائي ويحدث هذا في الواقع
كثيراً ، وقد تناولت هذه المسألة بعض الأحكام الصادرة عن المحكمة العليا ومنها
الحكم محل تعليقنا وهو الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها
المنعقدة بتاريخ 24/3/2017م في الطعن المدني رقم (26609) لسنة 1437هـ وخلاصة أسباب
هذا الحكم انه ( من خلال اسباب الطعن بالنقض فقد ظهر النعي على الحكم المطعون فيه
مخالفته للقانون فيما يتعلق ببيع الرهن خلافاً للقانون المدني الذي نظم هذه
المسألة بقواعد آمرة وحيث ثبت مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون حينما اجازبيع
المرتهن للرهن خلافاً للقانون وبدون حكم
قضاي وبدون ان يأذن المالك الراهن بذلك ، مما يستوجب قبول الطعن ونقض الحكم
المطعون فيه). وسيكون تعليقنا على هذا الحكم بحسب الأوجه الآتية:
الوجه الأول : السند القانوني للحكم محل تعليقنا في عدم جواز بيع الشء
المرهون الا باذن المالك الراهن او حكم قضائي :
السند القانوني للحكم محل تعليقنا في تقريره عدم جواز بيع المرهون الا
باذن الراهن او حكم القضاء سند الحكم في ذلك هو المادة (1014) مدني التي نصت على
أنه (يتم بيع المرهون بموافقة الراهن والمرتهن أو بأمر القاضي) فصياغة النص توحي
بأن النص آمر لايجوز العمل على خلافه وهذا ما قضى به الحكم محل تعليقنا.
الوجه الثاني: كيفية موافقة المرتهن والراهن على بيع المرهون :
المال المرهون في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا هي أرض قام
المرتهن ببيعها للغير بدون ان يوافق على ذلك مالكها الراهن وبدون أن يكون هناك حكم
من القضاء يقرر بيعها ، ومعلوم أن رهن الأرض لايتم إلا بعقد رهن رسمي نموذجي تقوم
بإعداده الهيئة العامة للأراضي ، وعلى هذا الأساس فإن الأولى ان تكون موافقة
الراهن او المرتهن على البيع كتابةً إضافة الى ان الأمين الشرعي الذي يقوم بتحرير
عقد بيع المرهون يجب عليه التأكد من موافقة الراهن او المرتهن وتلك الموافقة تتم
بحضورهما اى الراهن والمرتهن امام الأمين وصدور الموافقة الشفوية منهما ويقوم
الأمين بإثبات ذلك في وثيقة البيع.
الوجه الثالث: كيفية صدور أمر االقضاء وبيع المرهون:
ذكرنا سابقاً (1014) قد نصت على ان بيع
المرهون لايتم الا بموافقة الراهن والمرتهن أو بأمر من القضاء ، وأمر القضاء
المقصود في تلك المادة لايصدر الا بعد ان يتقدم الدائن المرتهن بدعوى بالمديونية
المستحقة له في ذمة المدين الراهن حيث يتم التقاضي فيما بين الراهن والمرتهن امام
التقاضي للتأكد من صحة المديونية سبب الرهن ويتم في الغالب تعيين محاسب للوقوف على
حسابات المدين الراهن والدائن المرتهن ومعرفة اصل الدين والمبالغ التي تم تسديدها
من المديونية فإذا تأكد القاضي من صحة المديونية ومقدارها ومدى تناسبها مع قيمة العقار
المرهون فإنه حينئذ يصدر حكمه بالزام المدين بسداد المديونية وان لم يتم السداد
يتم التنفيذ على العقار المرهون تي بيعه جبرا بنظر المحكمة لاستيفاء المديونية
المستحقة للدائن وبالطبع يكون هذا الحكم قابلاً للاستئناف وبعدئذ للطعن بالنقض ،
ولذلك فإجراءات بيع المرهون في اليمن طويلة ومعقدة بخلاف الحال في دول كالاردن
ولبنان وفلسطين وغيرها ، ولذلك يشكك البعض في جدوى الرهن العقاري ومناسبته
للاستثمار و المستثمرين المحليين والاجانب.
الوجه الرابع : التسليط للمرتهن او غيره في بيع المرهون:
التسليط هو الاذن السابق من الراهن للمرتهن او لغيره ببيع العقار
المرهون واستيفاء الدين من قيمته مباشرة دون حاجة الى اية إجراءات اخرى، ويختلف
التسليط عن موافقة المرتهن على بيع المرهون في الموافقة تكون او تصدر عند البيع
للمرهون في حين ان (التسليط) يصدر عند ابرام عقد الرهن الرسمي وليس عند بيع
المرهون ، والتسليط عبارة عن توكيل او تفويض من الراهن للمرتهن او لغير المرتهن
ببيع المرهون اذا لم يقم الراهن بسداد الدين في الميعاد المتفق عليه فيما بين
الراهن والمرتهن ، كما قد يكون التسليط في تاريخ لاحق لعقد الرهن، وقد اجاز
القانون المدني اليمني التسليط للمرتهن او
عدل وذلك في المادتين 1015و1016، الا ان القضاء في اليمن لايقبل ان يقوم المرتهن
او العدل ببيع المرهن بموجب (التسليط) فلابد من وجهة نظر القضاء في اليمن من صدور
موافقة الراهن على بيع المرهون في هذه الحالة ، بخلاف القضاء في دول كثيرة كالاردن
ولبنان وفلسطين وغيرها التي تجيز للمرتهن ان يقوم ببيع المرهون مباشرة وبموجب
(التسليط) دون حادة الى اللجوء الى القضاء، والله اعلم
تعليقات
إرسال تعليق