عدم الاعتراض على التكليف بالوفاء يكون إقراراً ضمنياً

 


أ.د.عبد المؤمن شجاع الدين

كلية الشريعة والقانون جامعة صنعاء

 

الحكم محل تعليقنا هو الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا باليمن في جلستها المنعقدة بتاريخ 24/10/2011م وخلاصته (وحيث قد جاء في أسباب الحكم الابتدائي والاستئنافي المطعون فيه أنه من الثابت هو سبق حصول التكليف بالوفاء الودي للمدين وذلك للوفاء بالمديونية المطالب بها في الدعوى كما هي المديونية في تاريخ 31/12/2005م وفقاً لما جاء في محرر التكليف كما أنه من الثابت أن ذلك التكليف قد تم بواسطة عاقل الحارة وأن المدين قد استلم ذلك التكليف ووقع عليه بالاستلام وذلك في 25/3/2007م وحيث أن محامي المدين لم يقدم ما يثبت حصول أي اعتراض من موكله عند استلامه للتكليف بالوفاء بالمديونية، كل ذلك يجعل من استلام موكله لذلك التكليف وتوقيعه عليه بالاستلام وبدون حصول أي اعتراض منه منذ استلام التكليف وحتى رفع الدعوى بمثابة إقرار ضمني منه بالمديونية بل يعد موافقة منه على ذلك، هذا وعلى ضوء ما سبق فأنه يتضح للدائرة أن ما أثاره الطاعن في أسباب طعنه على الحكم الاستئنافي المؤيد لحكم محكمة أول درجة غير مؤثر، فحكم الشعبة جاء موافقاً للشرع والقانون) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم بحسب الأوجه الآتية:

الوجه الأول: الغرض من التكليف بالوفاء:

يتحدد الغرض من التكليف بالوفاء بأنه وسيلة المطالبة الودية بالدين وغالباً ما يتم التكليف بالوفاء في الفترة السابقة على رفع الدعوى القضائية حتى يثبت الدائن للقضاء أنه قد سلك الوسائل الودية للمطالبة بدينه إلا أن المدين لم يستجب لذلك، ويؤدي التكليف بالوفاء الغرض منه في حالات كثيرة حيث يبادر المدين بالسداد لاسيما إذا كان الدين خال من النزاع ومعين المقدار وحال الأداء حيث يبادر المدين بالسداد خشية لجوء الدائن لاتخاذ الإجراءات القانونية والقضائية والإدارية في مواجهته بما ذلك الحجوز وفرض الحراسة، لأن التكليف بالوفاء يتضمن إنذار الدائن للمدين بأنه سوف يقوم بمباشرة تلك الإجراءات في مواجهته إن لم يبادر بالسداد خلال المدة المحددة في التكليف للسداد.

 

 

الوجه الثاني: متى يكون استلام التكليف بالوفاء إقرار ومصادقة على الدين:

يكون استلام المدين للتكليف بالوفاء مصادقة على الدين إذا كان التكليف قد تضمن تحديد المبالغ التي بذمة المدين وسبب نشؤها وتاريخ استحقاقها وكذا تصريح الدائن بأنه يكلف المدين بسدادها خلال مدة معينة محددة، ومن وجهة نظرنا أنه إذا كانت المديونية نتيجة قيود محاسبية عدة ينبغي في هذه الحالة أن يتضمن التكليف بالوفاء كشف حساب المديونية حتى يكون المدين على بينة في قبوله أو اعتراضه على مفردات الحساب والمديونية المترتبة عليه، وكي يكون استلام المدين للتكليف بمثابة مصادقة على المديونية ينبغي أن لا يقوم المدين بالاعتراض خلال المدة المحددة في التكليف وذلك على المديونية المذكورة في التكليف أما إذا قام المدين بالاعتراض خلال المدة فأن التكليف لا يكون بمثابة إقرار ضمني منه بصحة المديونية، كما يشترط أن يتم التكليف بالطريقة القانونية وأن يكون استلام المدين للتكليف ثابتاً بما لا يدع مجالاً للشك.

الوجه الثالث: موجبات جعل عدم الاعتراض على التكليف بالوفاء بمثابة إقرار ضمني:

الأصل وفقاً للقواعد العامة أن عدم الاعتراض لا يعد إقراراً بالمديونية لأن عدم اعتراض المدين يمكن حمله على اعتبارات عدة فقد يرجع عدم الاعتراض إلى نسيان المدين أو إهماله وتقاعسه أو تريثه أو أنه يرى عدم جدية التكليف وغير ذلك، إلا أن النشاط التجاري ومقتضياته من سرعة وثقة تستلزم على المدين أن يبادر إلى تحديد موقفه القانوني عند استلامه للتكليف أما بالمبادرة إلى سداد المديونية المذكورة في التكليف أو محاولة تسويتها مع الدائن بالاتفاق معه أو الاعتراض على المديونية خلال المدة المحددة في التكليف، والله أعلم.

  

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اسباب الطعن بالنقض في القانون اليمني

ماهي الحالة التي يجوز فيها الحكم بإعادة القضية الى المحكمة الابتدائية؟

إنكار المحرر العرفي الصادر عن الغير