النطق بالحكم من غير قفل باب المرافعة
أ.د.عبد المؤمن شجاع
الدين
الاستاذ في كلية
الشريعة والقانون جامعة صنعاء
الحكم
محل تعليقنا هو الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا باليمن في
جلستها المنعقدة بتاريخ 24/10/2011م وذلك في الطعن التجاري رقم (45563) لسنة 1432ه
وخلاصة أسباب هذا الحكم (فأن الدائرة بعد الرجوع إلى الأوراق مشتملات الملف تبين
أن الطاعن ينعي في السببين الأول والثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه
مخالفته للقانون لأنه صدر من دون حجز القضية للحكم وتحديد موعد للنطق بالحكم، وهذا
النعي صحيح، لأن العلة من ذلك هي إتاحة الفرصة للخصوم لتقديم أدلتهم ودفوعهم كاملة
حتى يتم بعد ذلك قفل باب المرافعة، فالنطق
بالحكم من غير أن يسبقه قفل باب المرافعة يعد إخلالاً بحق الدفاع، ولذلك فأن
الدائرة تقرر نقض الحكم المطعون فيه والإعادة إلى الشعبة الاستئنافية) وسيكون
تعليقنا على هذا الحكم بحسب الأوجه الآتية:
الوجه الأول: موقف قانون المرافعات اليمني من قفل باب المرافعة:
تناول
قانون المرافعات النافذ هذا الموضوع في المواد 172و220و222و224 ومن خلال دراسة تلك
المواد نجد أن المادة (220) قد نصت على أنه (يجب على المحكمة عند حجز القضية للحكم
أن تحدد موعداً للنطق به) والظاهر أن هذه المادة تفيد وجوب حجز القضية للحكم قبل
النطق بالحكم، لأن وجوب تحديد ميعاد النطق الوارد في المادة يقتضي حجز القضية،
ودلالة الاقتضاء في هذا النص القانوني ليست مفهومة عند بعض الأحكام القضائية ومنها
الحكم الاستئنافي الذي نقضه الحكم محل تعليقنا حيث تتعامل بعض الأحكام مع حجز
القضية للحكم كما لو أنه جوازي وليس وجوبي مع أن القانون قد اشترط قفل باب
المرافعة حتى لو تم النطق بالحكم في الجلسة حسبما ورد في المادة (172) مرافعات.
الوجه الثاني: ماهية قفل باب المرافعة وموجباته:
قفل باب
المرافعة هو تقرير صلاحية القضية للحكم فيها بناءً على دراسة يقوم بها القاضي
للتأكد من أن أطراف الدعوى قد قاموا بتقديم كل طلباتهم ودفوعهم ودفاعهم وأدلتهم حتى
يكون قرار قفل باب المرافعة رشيداً، وهناك موجبات لوجوب قفل باب المرافعة قبل
النطق بالحكم وهي أن قفل باب المرافعة بمثابة إعلان من المحكمة لأطراف الخصومة بأن
المحكمة قد قامت بتمكينهم من تقديم كافة طلباتهم وأدلتهم ودفاعهم ودفوعهم وأن
المحكمة لن تقبل بعد قرار قفل باب المرافعة أي دفاع أو دفوع أو غير ذلك -إلا أنه يجوز
للخصوم أن يطلبوا فتح باب المرافعة إذا تحققت الشروط اللازمة لذلك، ويقرر أستاذنا
المرحوم الدكتور أحمد أبو الوفاء بأن قرار قفل باب المرافعة لا يعد حكماً وإنما هو
مجرد قرار ولائي لا يقيد المحكمة إذ أن المقصود من قفل باب المرافعة هو تقرير
صلاحية القضية للفصل فيها بحالتها، فقبل قفل باب المرافعة لا يجوز النطق بالحكم،
إضافة إلى أن قرار قفل باب المرافعة مهم في تحديد نطاق القضية في ذهن القاضي.
الوجه
الثالث: علاقة قرار قفل باب المرافعة بأوجه دفاع أطراف الخصومة:
أشار
الحكم محل تعليقنا إلى أن الحكم من غير أن يسبقه قرار قفل باب المرافعة يعد
إخلالاً بحق الدفاع، وهذا التسبيب سديد لأن النطق بالحكم من غير أن يسبقه قفل باب
المرافعة يعني أن الحكم قد صدر من غير أن يتمكن الخصوم من تقديم ما تبقى لديهم من
أدلة أو دفاع أو دفوع ومن غير أن يتم إخطارهم بذلك، وأن الحكم الصادر من غير أن
يسبقه قفل باب المرافعة يكون مفاجئاً للخصوم، وهناك مسلك حميد في اليمن لكثير من
القضاة الذين يكلفوا أو ينبهوا الخصوم قبل قفل باب المرافعة بتقديم ما تبقى لديهم
من طلبات أو أدلة وغيرها حتى يكون الخصوم على بينة من أمرهم قبل قرار قفل باب
المرافعة أو حجز القضية، حيث أن قرار قفل باب المرافعة من غير أن يتم إخطار أو
تنبيه الخصوم قبل ذلك يكون مفاجأة للخصوم الذين ربما لم يكونوا قد تقدموا بما
لديهم من أدلة لاسيما في اليمن حيث يلجأ الخصوم إلى عدم تقديم ما لديهم من أدلة أو
دفاع في بداية المحاكمة حيث يؤجلوا تقديم ذلك إلى الجلسات السابقة لقرار قفل باب
المرافعة، والله أعلم.
تعليقات
إرسال تعليق