اسباب التماس اعادة النظر في قانون المرافعات اليمني رقم (40) لسنة 2002م

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين وبه نستعين على أمور الدنيا والدين، من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، ونشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

 

عنوان البحث:

فإني أقدم بحثي هذا بعنوان أسباب التماس إعادة النظر في قانون المرافعات اليمني رقم (40) لسنة 2002م، فحدد القانون أسباب التماس إعادة النظر على سبيل الحصر لا يجوز القياس عليها، أو التوسع فيها لأن نظام الالتماس نظام استثنائي شرع لمصلحة المحكوم عليه ليتمكن من تدارك السهو الواقع من محكمة الموضوع وتلك الحالات تقتصر على الأحكام النهائية دون غيرها لأن نظام الالتماس طريق طعن غير عادي.

 

أهمية البحث:

تكمن أهمية البحث في تكوين رؤية قانونية حول أسباب الالتماس في قانون المرافعات اليمني وشرح تلك الأسباب في ضوء الفقه القانوني حتى يتسنى توضيح كل حالة على حده لمعرفة مدى التزام القانون اليمني بذلك. ومدى مطابقتها على الواقع اليمني، وتوضيح التداخل بينها وما يشبها من أسباب طرق الطعن الأخرى وبلورتها بما يحقق الغاية من الالتماس.

ولقد لفت نظري للبحث في هذا الموضوع، هو تكوين صورة واضحة على نظام الالتماس اليمني على ضوء تعديلات قانون المرافعات لسنة 2002م لما لقى هذا النظام من نقد شديد من قبل بعض القضاة والمحامين والعاملين في المجال القانوني لمعرفة مدى التزام المشرع اليمني مع الهدف التي من أجله شرع نظام الالتماس ومدى تطابقه مع الفقه القانوني؟ وهل قصر أسباب الالتماس على الأخطاء الواقعة في تقدير الوقائع من قبل القضاة أم أنه توسع في تلك الأسباب؟ ولتحديد الأحكام الجائز التماسها عن غيرها.

 

أسلوب بحثي:

لذا كان أسلوب بحثي هو ذكر  نصوص القانون اليمني، ثم شرحها على ضوء الفقه القانوني، مشيراً إلى الأوجه التي خالف فيها القانون اليمني الفقه القانوني مستشهداً ببعض الأحكام الصادرة عن المحكمة العليا.

 

خطة البحث:

ستكون دراستنا لأسباب التماس إعادة النظر من خلال مطلب تمهيدي ومبحثين وخاتمة.

أما المطلب التمهيدي، فيتضمن فكرة الالتماس وتمييزه والمبحث الأول يتضمن الأحكام الجائز التماسها وذلك في مطلبين، يتضمن المطلب الأول الأحكام الجائز التماسها والمطلب الثاني الأحكام الغير جائز التماسها، والمبحث الثاني: يتضمن أسباب التماس إعادة النظر وقد تضمن ستة مطالب، ثم أنهيت بحثي بخاتمة أوجزت فيها خلاصة المسائل التي تم بحثها والنتائج  التي تم التوصل إليها.  

 


 

مطلب تمهيدي

فكرة الالتماس وتمييزه

مفهوم الالتماس:

إن التماس إعادة النظر  هو من طرق الطعن غير العادية، يلجأ إليه المحكوم عليه متى كان الحكم الملتمس فيه قد صدر بصفة انتهائية وامتنع الطعن فيه بأي من الطرق العادية، وحاز بذلك قوة الأمر المقضي، يضمن للمحكوم عليه أن يرفع في بعض الأحوال طعناً بالالتماس إلى نفس المحكمة التي أصدرت الحكم، بهدف سحب الحكم الملتمس فيه ونظر القضية من جديد على ضوء الظروف الجديدة التي لو كانت المحكمة تعلمها لما أصدرت حكمها محل الطعن([1]).

ويعد الطعن بالالتماس استثناء من القاعدة العامة التي تنص بأنه لا يجوز طلب مراجعة الحكم النهائي لأنه قد حاز قوة الأمر المقضي، وكذلك استثناء من القاعدة العامة الشرعية العامة التي تقرر بأن الحكم القضائي إذا فصل القضية بمقتضى الشرع فإنه لا ينقض ولا يعاد ([2]) لأن المقصود منه هو مجرد تنبيه المحكمة لتصحيح الحكم الذي أصدرته عن سهو غير متعمد منها أو بسبب فعل المحكوم له دون أن يشف الطعن عن تجريحه للحكم الصادر عن المحكمة([3]).

إن التماس الحكم ليس المقصود منه هو الإدعاء بمخالفته للقانون وإنما يرمي إلى تصحيح الوقائع التي بني عليها الحكم([4])، وعلى هذا الاعتبار إذا كان الحكم قابلاً للطعن فيه بالتماس وقابلاً للطعن فيه للنقص، وجب الطعن فيه بالالتماس حتى يتم تصحيح وقائع الدعوى فيصدر الحكم فيه على نحو مخالف لما كان قد اتجه إليه الحكم المطعون فيه.

إن التماس إعادة النظر لا يلجأ إليه إلا في حالة انسداد الطرق العادية للطعن في الحكم أمام المحكوم عليه، وفي حالات محددة على سبيل الحصر لا يجوز التوسع فيها أو القياس عليها، لأنه نظام استثنائي اقتضت العدالة منحه للخصم إذا تبين إن الحكم صدر بناءً على وقائع أثرت في الحكم، ثم اتضح بعد ذلك خطأ في تقدير تلك الوقائع بحيث لو كانت تعلم المحكمة ذلك لغيرت اتجاهها في الحكم.

 

تمييز الالتماس عن طرق الطعن العادية:

التماس إعادة النظر طريق غير عادي لا يلجأ إليه الملتمس إلا في حالات معينة على سبيل الحصر بعد انسداد الطرق العادية أمامه للطعن بالحكم الملتمس فيه، يعالج الأخطاء التي شابت الحكم في تقدير الوقائع، أما الطعن بالطرق العادية فجائز في جميع الأحكام الصادرة عن المحاكم الابتدائية إذا شابها أخطاء في تقدير الوقائع أو القانون، إلا ما استثناه القانون.

كما يتميز التماس إعادة النظر عن طرق الطعن العادية بأنه لا يقصد به تجريح الحكم أو إصلاحه وإنما يرمي إلى محو الحكم ذاته ليعود مركز الملتمس في الخصومة إلى ما كان عليه قبل صدوره، ومواجهة الحكم من جديد للحصول على حكم آخر بعد أن تخلص من حجية الأمر المقضي، وفي حالة أن المحكمة قد قضت بأكثر مما طلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوا، فلا يجوز الالتماس إلا على أساس أن المحكمة لم تخطئ عندما أصدرت حكمها، أما إذا كان عن قصد وعمد وأنها كانت مصرة على ما قضت به وأوردت له أسباباً في هذا الخصوص لم يجز التماس إعادة النظر في هذا الحكم وإنما يجب اللجوء إلى طريق النقض([5]).

 

تمييز الالتماس عن الطعن بالنقض:

التماس إعادة النظر يواجهه أخطاء في تقدير الوقائع أدى إلى التأثير في قرار القاضي بحيث ما كان يصدر على النحو الذي صدر به لو لم يقع في هذا الخطأ أما الطعن بالنقض فيكون لمواجهة الخطأ في القانون([6]).

يتفق كل من الالتماس والطعن بالنقض في أنهما طريق طعن غير عادي يلجأ إليها المحكوم عليه إذا توفر وجه من الأوجه التي يجيز هذا الطعن، وإلا كان الطعن غير مقبول، وقد حدد المشرع تلك الحالات على سبيل الحصر تحديداً متعلقاً بأسس التنظيم القضائي وبالتالي بالنظام العام مما يوجب على المحكمة التصدي لها من تلقاء نفسها([7]).

تلك لمحة سريعة على ماهية الالتماس وما يميزه عن غيره من طرق الطعن تمهيداً للخوض في موضوع بحثنا والمكون من مبحثين يتضمن المبحث الأول الأحكام الجائز التماسها ويتضمن المبحث الثاني أسباب التماس إعادة النظر.

 


المبحث الأول

الأحكام الجائز التماسها

تمهيد وتقسيم:

إذا كانت القاعدة العامة إن المحكمة إذا أصدرت حكماً في القضية فإنها تستنفد ولايتها، وتزول سلطتها إزاء هذه القضية، فلا يجوز لها المساس بالحكم الذي أصدرته سواء من تلقاء نفسها، أو بناً على طلب الخصوم أو إتفاقهم، ولكن المشرع أجاز ذلك استثناء في حالات معينة تصحيح حكمها رجوعاً إلى الحق والعدل عن طريق الالتماس، ولكنه قصره على حالات معينة على سبيل الحصر فلا يجوز التوسع فيها أو القياس عليها، ولكن هل كل حكم شابه أخطاء في تقدير الوقائع يجوز التماسه؟  أم أن هناك أحكام معينة هي الجائز التماسها دون غيرها؟ وهو ما سنحاول بحثه في هذا المبحث في مطلبين، يتضمن المطلب الأول الأحكام الجائز التماسها ويتضمن المطلب الثاني الأحكام الغير جائز التماسها.

 

 

 

المطلب الأول

الأحكام الجائز التماسها

تقسيم:

نقسم دراستنا في هذا المطلب إلى أربعة فروع، يتضمن الفرع الأول الأحكام الابتدائية الصادرة بصفة انتهائية والفرع الثاني، الأحكام الاستئنافية، والفرع الثالث أحكام المحكمة العليا إذا كانت محكمة موضوع، والفرع الرابع الأحكام المستعجلة.

 

 

 

الفرع الأول

الأحكام الابتدائية الصادرة بصفة انتهائية

الأصل إن جميع الأحكام الصادر من محكمة أول درجة تقبل الاستئناف، تأسيساً على فكرة العدل وذلك لمنح الخصوم فرصة أخرى لإثبات خطأ الحكم الأول، أو لتحسين
مركزه في الدفاع، فهو ضمان ينتج عنه نظر جديد للدعوى من قضاة أعلى درجة وأكثر خبرة(
[8]).

ولكن المشرع اليمني رأى إن بعض الدعاوى لضآلة قيمتها الاقتصادية لا تستحق التقاضي على درجتين وتعتبر نهائية وغير قادر للطعن فيها وواجبة النفاذ وهو ما نص عليه في المادة (86) (يكون الحكم الابتدائي غير قابل للاستئناف في الأحوال التالية:

1)    إذا كان المحكوم فيه لا يتجاوز مائة ألف ريال في المسائل المدنية.

2)    إذا كان المحكوم فيه لا يتجاوز ثلاثمائة ألف ريال في المسائل التجارية.

3)    إذا كان المحكوم فيه كنفقة للزوجة لا يتجاوز خمسة الآلف ريال.

4)    إذا كان المحكوم فيه كنفقة للطفل لا يتجاوز ثلاثة آلاف ريال ما لم يكن النزاع بشأن النفقة متعلقاً بسبب استحقاقها.

وتلك الأحكام غير قابلة للطعن فيها لكونها أصبحت نهائية قابلة للتنفيذ الجبري، ولكن قد يشوب تلك الأحكام خطأ في تقدير الوقائع، ولم يستطيع المحكوم عليه إثبات ذلك أثناء نظر الدعوى ولكن في ظل الظروف الجديدة يستطيع أن ينبه المحكمة لتصحيح حكمها، ولا سبيل له بذلك إلا عن طريق الالتماس.

وبناءً على ذلك، فإن الأحكام الابتدائية الصادرة بحدود نصابها الانتهائي، جائز التماسها لانسداد طرق الطعن العادية أمام المحكوم عليه.

وإذا كانت الأحكام الابتدائية الصادرة بحدود النصاب النهائي، جائز التماسها بسبب انغلاق باب الاستئناف أمام المحكوم عليه، ولكنها ليست الوحيدة التي لا يجوز استئنافها، بل هناك أحكام أخرى نص القانون على عدم جواز الطعن فيها، كالحكم الصادر من محكمة التنفيذ في المنازعة في اقتدار الكفيل م(341)، وكل حالة ينص فيها القانون على أن يكون الحكم الابتدائي نهائياً، فيجوز التماس إعادة النظر فيها.

ويتم تحديد النصاب وفقاً للتكيف الصحيح لطلبات الخصوم دون اعتداد بما أطلقوه على وقائع النزاع من أوصاف أو كيوف، كما أن العبرة في هذا الصدد بحقيقة الدعوى وموضوعها والطلبات الختامية منها دون اعتداد بما أسبغه الحكم على نفسه من أوصاف، فإذا وصف الحكم نفسه خطأ بأنه غير انتهائي متى كان يعتبر وفقاً لصحيح القانون حكماً نهائياً والعكس صحيح، ويلاحظ في هذا الصدد أن العبرة بالطلب دون نظر لما قضى به، فإذا كان المطلوب يدخل في النصاب الانتهائي للمحكمة اعتبر الحكم انتهائياً وجاز الطعن فيه بالالتماس ولو كان الحكم قد قضى بما يجاوز ذلك النصاب والعكس صحيح هذا في القانون المصري، أما في القانون اليمني فالعبرة بما تم الحكم فيه([9]).

ومما سبق يتضح أن علة التماس الأحكام الصادرة بصفة انتهائية هو منح الخصم فرصة لتصحيح الأخطاء في تقدير الوقائع التي شابت الحكم أثناء نظر الدعوى ولكن في ظل الظروف الجديدة يستطيع أن ينبه المحكمة إلى ذلك تأسيساً على فكرة العدالة بسبب عدم جواز استئنافها.

أما الأحكام التي تصبح نهائية وغير قابلة للاستئناف بفوات ميعاد الطعن والتي حددها القانون ستين يوماً تبدأ من تاريخ النطق بالحكم أو من تاريخ استلام المحكوم عليه نسخة الحكم المادة (275) وفي المواد المستعجلة ثمانية أيام تبدأ من تاريخ النطق بالحكم المادة (244) وفي منازعات التنفيذ خمسة  عشر يوماً تبدأ من تاريخ النطق بالحكم مادة (50) فإذا فاتت مدة الطعن وأصبح الحكم نهائياً غير قابل للطعن، فهل يجوز التماسه؟ وقد أجاب على ذلك فقهاء القانون بقولهم إن التماس إعادة النظر طريق غير عادي لا يجوز اللجوء إليه إلا بصفة استثنائية في حالة إنسداد الطريق العادي للطعن في الأحكام؛ أما إن جاز استئناف الحكم ومع ذلك أغفل المحكوم عليه هذا الطريق رغم جوازه امتنع اللجوء إلى الطريق غير العادي لأن المحكوم عليه يعتبر تاركاً استئنافه، فإذا كان الحكم قابلاً للاستئناف وفوت المحكوم عليه مواعيد استئنافه أو أقام استئنافاً قضى بعدم قبوله لرفعه بعد الميعاد، فإنه يعتبر هذا الترك بمثابة قبول المحكوم عليه للحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى يمنع التارك من  إعادة استئنافه فيمنعه أيضاً من الطعن بالطرق غير العادية([10]).

والفقه القانوني لم يجز للمحكوم عليه التماس إعادة النظر بعد فوات الميعاد، وإن كان يجوز التماس إعادة النظر في الأحكام الصادرة بحدود النصاب النهائي للمحكمة، لأن العبرة باعتبار الحكم نهائياً هو بوقت صدوره([11]).

ومما سبق يتضح أن الأحكام الابتدائية لا يجوز التماسها إذا أصبحت نهائية بمضي المدة، لأن المحكوم عليه كان الطريق أمامه مفتوحاً للطعن بالطرق العادية فلا يجوز أو ولوج طرق الطعن غير العادية.

وإذا كان ما ذهب إليه الفقهاء قائماً على أساس أن المحكوم عليه يعتبر تاركاً استئنافه، فإنه لا يمكن تطبيق ذلك في كل الأحوال بل يقتصر ذلك في حالة ظهور حالة من حالات الالتماس خلال مدة الطعن بالاستئناف، لأن أسباب الالتماس تبدأ من تاريخ ظهورها فإذا ظهرت إحدى حالاته خلال مدة الاستئناف؛ فيكون للمحكوم عليه الطعن بالحكم عن طريق الاستئناف، لأن أسباب الالتماس تصلح أسباباً للاستئناف، فإذا أغفل المحكوم عليه هذا الطريق رغم جوازه امتنع عليه اللجوء إلى الطرق غير العادية، لأنه يعتبر بذلك قابلاً للحكم أما في حالة ظهور إحدى حالة الالتماس بعد انتهاء مدة الطعن، فإن ما ذهب إليه فقهاء القانون لا يمكن الأخذ به في مثل هذه الحالة لأنه يجعلنا أمام اعتبارين متعارضين الأول: العبرة باعتبار الحكم نهائياً هو بوقت صدوره وهي الجائز التماسها دون غيرها؛ أما الأحكام التي أصبحت نهائية لا يجوز التماسها حتى ولو ظهر حالة من حالات الالتماس بعد انتهاء ميعاد الاستئناف، والاعتبار الثاني حماية المحكوم عليه من أخطاء القضاة في تقدير الوقائع لأنه ليس من العدل حرمانه من الالتماس في حالة ظهور إحدى حالات الالتماس بعد انتهاء المدة المحددة للطعن بالاستئناف، لكي لا يلزم المحكوم عليه إثبات التماسه قبل ظهور دليله، وحتى يتم التوفيق بين ذلك فيكون من خلال النظر إلى وقت ظهور إحدى حالات الالتماس فيجوز التماسها إذا ظهرت بعد انتهاء ميعاد الاستئناف، بخلاف إذا ظهرت خلال ميعاده الاستئناف فإنه لا يجوز التماسها لأن المحكوم عليه يعتبر تاركاً استئنافه وقابلاً للحكم الصادر ضده في هذه الحالة.

ومما تجدر ملاحظته أن القانون النافذ أجاز التماس إعادة النظر في الأحكام الابتدائية إذا أصبحت نهائية بفوات مدة الطعن فيه، سواء ظهرت إحدى حالات الالتماس قبل انتهاء المدة المحددة للطعن أم بعدها، خلافاً لقانون المرافعات القديم الذي لم يجيز التماس الأحكام الابتدائية، إلا إذا كانت في حدود نصابها الانتهائي ولم يجز ذلك في حالة فوات مدة الطعن، تأسيساً أن المحكوم عليه قد ترك استئنافه فلا يحق له الطعن بالطرق غير العادية.

وبالعودة إلى نص المادة (305/1) نجد أن المشرع اليمني وقع في قصور تشريعي عندما جعل انتهاء ميعاد الاستئناف سبباً لالتماس الأحكام الابتدائية، لأنه قد يظهر سبب من أسباب الالتماس خلال ميعاد الاستئناف ومع ذل يتقاعس المحكوم عليه من تقديم استئنافه حتى تنتهي المدة المحددة للاستئناف مما يجعله تاركاً لاستئنافه، لأنه كان بإمكانه استئناف ذلك الحكم لأن أسباب الالتماس تصلح أن تكون أسباباً للاستئناف باعتبار محكمة الاستئناف محكمة موضوع، مما يترتب على ذلك قبول المحكوم عليه للحكم الصادر ضده، ومع ذلك أجاز المشرع اليمني الالتماس في هذه الحالة بالرغم إن نظام الالتماس نظام استثنائي لا يجوز إلا إذا كانت طرق الطعن العادية مسدودة أمام المحكوم عليه.

وكان الأحرى بالمشرع اليمني أن يجيز الالتماس في حالة ظهور إحدى حالات الالتماس بعد انتهاء ميعاد الطعن بالاستئناف فقط.

وبالرجوع إلى نص المادة (305) نجدها قصرت الأحكام الجائز التماسها على الأحكام التي أصبحت نهائية بقوات ميعاد الطعن ولم تشمل الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بحدود نصابها الانتهائي والأحكام التي نص القانون على عدم جواز استئنافها مما يترتب  على ذلك عدم جواز التماسها لولا تداركه ذلك في المادة (307) حين عددت الشروط الشكلية للالتماس فاشترط لقبول الالتماس شكلاً، ألا يكون أمام الملتمس سوى طريق الالتماس، إما لاستنفاذ طرق الطعن الأخرى أو لعدم جواز استئنافها، ولولا ذلك التدارك لما جاز التماس الأحكام الابتدائية الصادرة بحدود نصابها الانتهائي، أو تلك الأحكام التي نص القانون على عدم جواز استئنافها، لأن الفقرة الأولى من المادة(305) قصرت الالتماس على الأحكام الابتدائية التي أصبحت نهائية بفوات ميعاد الطعن بالاستئناف.

الفرع الثاني

الأحكام الصادرة من المحاكم الاستئنافية

الأحكام الصادرة من المحاكم الاستئنافية تقبل الالتماس أياً كانت طبيعتها سواء كانت أحكام إلزام أو تقريرية أو منشئة، وأياً كانت مضمونها سواء كانت بقبول الدعوى أو بعدم قبولها أو رفضها([12])، لأنها تعتبر نهائية بمجرد صدورها، وبالتالي يجوز التماسها إذا توافر سبب في أسباب الطعن بهذا الطريق([13]). فإذا توافر في شأنها سبب من أسباب الطعن بالنقض وسبب من أسباب الالتماس وجاز رفع الالتماس إلى محكمة الاستئناف ورفع النقض أمام محكمة النقض خلال الميعاد المقرر([14]). لأنه ليس المقصود بالالتماس هو الإدعاء بمخالفته للقانون، وإنما يرمي إلى تصحيح الوقائع التي بني الحكم عليها، وعلى هذا الاعتبار إذا كان الحكم قابلاً للطعن فيه بالالتماس وبالنقض في ذات الوقت، وجاز الطعن فيه بإعادة المحاكمة، حتى يتم تصحيح وقائع الدعوى، فيصدر الحكم فيها على نحو مخالف لما كان قد اتجه إليه الحكم المطعون فيه.

ويلاحظ أن مخالفة القانون ليس سبباً من أسباب إعادة المحاكمة، فإذا صدر الحكم في إعادة المحاكمة من محاكم الاستئناف، وكان مخالفاً للقانون جاز الطعن فيه بالنقض([15]).

وبالعودة إلى المادة 305/2 حيث نصت (إذا صار الحكم الاستئنافي واجب النفاذ بفوات مدة الطعن بالنقض فيتم الالتماس إلى محكمة الاستئناف). ومن ذلك يتضح أن القانون اليمني لا يجيز التماس الأحكام الصادرة عن محكمة الاستئناف، إلا إذا أصبحت واجبة النفاذ بفوات ميعاد الطعن بالنقض فإذا وجد سبب من أسباب الالتماس خلال المدة المحددة للطعن بالنقض، فلا يجوز تقديم الالتماس في هذه الحالة، مما مؤداه أنه يتم الطعن فيه أمام المحكمة العليا، أما بعد انتهاء مدة الطعن فيجب رفع الالتماس إلى محكمة الاستئناف.

ومما تجدر ملاحظته أن القانون اليمني خلط بين نظام الالتماس ونظام الطعن بالنقض حيث ربط الالتماس بالحكم الاستئنافي بفوات ميعاد الطعن بالنقض، مع أن المسائل التي يعالجها نظام الطعن بالنقض هي مسائل قانون وأن المسائل التي يعالجها نظام الالتماس هي مسائل واقع([16]).

علاوة على أن أسباب الالتماس محددة على سبيل الحصر وكذلك أسباب الطعن بالنقض، وعلى فرض تقديم المحكوم عليه في حالة ظهور سبب من أسباب الالتماس خلال ميعاد الطعن بالنقض وقدم طعناً أمام المحكمة العليا فإن طعنه سيرفض شكلاً لعدم وجود

حالة من حالات الطعن بالنقض، وإذا انتظر حتى انتهى الميعاد المحدد للطعن بالنقض حتى يتسنى له تقديم التماسه أمام محكمة الاستئناف فقد يفاجئ برفض التماسه بمضي المدة، لأن القانون حدد ميعاده بثلاثين يوماً تبدأ من تاريخ ظهور سبباً من أسباب الالتماس، لأنه في مثل هذه الحالة قد يكتشف المحكوم عليه سبب من أسباب الالتماس خلال فترة قصيرة من النطق بالحكم، فتنتهي الثلاثون يوماً وهو مازال خلال المدة المحددة للطعن بالنقض، لأن ميعاد الطعن بالنقض ستون يوماً فيحرم بذلك المحكوم عليه من الالتماس لأسباب لأدخل لإرادته فيها.

ومما سبق يتضح أن المشرع اليمني وقع في قصور تشريعي، وخلط شديد بين نظامي النقض والالتماس، فأجاز الطعن بالنقض بمسائل تتعلق بالوقائع، بالرغم أن المحكمة العليا محكمة قانون، فخالف بذلك الفقه القانوني والقوانين المقارنة، الذين أجازوا التماس الأحكام الاستثنائية فور صدورها ولم يقيدوها بانتهاء المدة المحددة للطعن بالنقض، وحتى ولو كانت القضية منظورة أمام محكمة النقض تماشياً مع الغاية التي شرع من أجلها نظام الالتماس.

والذي يحسن بالمشرع اليمني إعادة النظر في صياغة الفقرة الثانية من المادة (305) لتصبح (الأحكام الصادرة من المحاكم الاستئنافية) لكي تشمل جميع الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف سواء أكانت خلال المدة المحددة للطعن بالنقض أم بعدها.

 

 

الفرع الثالث

أحكام المحكمة العليا إذا كانت محكمة موضوع

لا يجوز التماس الأحكام الصادرة عن المحكمة العليا، لأنها نهائية المطاف، ولا تقبل الطعن بأي طريقة من الطرق([17]). لأن الالتماس محدد حالاته على سبيل الحصر تتعلق بأخطاء في تقدير الوقائع وتقدم أمام محكمة الموضوع، استئنافية أو ابتدائية بحسب المحكمة التي أصدرته، بخلاف أسباب الطعن بالنقض وإن كانت محددة على سبيل الحصر إلا أنها تعالج أخطاء في مسائل قانونية، وتقدم أمام المحكمة العليا لكونها محكمة قانون وليس محكمة موضوع؛ وحتى في حالة كونها محكمة موضوع فإن الفقه القانوني والقوانين العربية ضحت بنظام الالتماس لصالح حجية الأمر المقضي حفاظاً على استقرار الأحكام القضائية.

أما المشرع اليمني فقد نص في المادة 305/3 للخصم أن يلتمس من المحكمة التي أصدرت الحكم (إذا صدر الحكم باتاً لصدوره من المحكمة العليا فيقدم الالتماس إليها لتفصل فيه من حيث الشكل، فإذا رأت قبوله أحالته إلى المحكمة التي أصدرت الحكم، أما إذا كانت المحكمة العليا قد خاضت في موضوع الحكم محل الالتماس فعليها الفصل في الالتماس شكلاً وموضوعاً).

ومن خلال ذلك نجد أن المشرع اليمني في هذه الفقرة أجاز التماس الأحكام الصادرة عن المحكمة العليا وجعلها المختصة بالفصل بالالتماس من حيث الشكل والموضوع إذا كانت المحكمة العليا محكمة موضوع والفصل بالتماس من حيث الشكل إذا لم تكن محكمة موضوع، وعليها في هذه الحالة إعادة القضية إلى المحكمة التي أصدرت الحكم محل الالتماس، وقد وقع المشرع اليمني في تعارض مع المادة (2) من نفس القانون والتي منعت الطعن بالأحكام الباتة بأي طريق من طرق الطعن العادية، أو غير العادية حيث نصت (الحكم البات هو الحكم الذي لا يقبل الطعن بأي طريق من طرق الطعن سواء كانت عادية كاستئناف أو غير عادية كالطعن بالنقض أو التماس إعادة النظر)، والأحكام الصادرة من المحكمة العليا تعتبر باتة لا يجوز المساس بها بأي طريق من طرق الطعن العادية أو غير العادية فوقع المشرع بقصور تشريعي فأورد نصوصاً متناقضة علاوة على مخالفته للنظام المألوف في الفقه والقانون المقارن واللذين منعا التماس الأحكام الصادرة عن المحكمة العليا على أساس أن تلك الأحكام قد صدرت صحيحة من حيث الشكل وموافقة للحقيقة من حيث الموضوع فقصرت الالتماس على حالات محددة تعالج أخطاء في تقدير الوقائع وليس لها أي صلة بالأخطاء المخالفة للقانون، لأن مخالفة القانون ليس سبباً من أسباب الالتماس، وإن كان المشرع اليمني لم يجيز الالتماس أمام المحكمة العليا إلا إذا كانت محكمة موضوع، فإنه قد جانب بذلك الصواب، لأن المحكمة العليا لا تكون محكمة موضوع إلا إذا تم الطعن أمامها للمرة الثانية، وإذا حكمت في دعاوى ومخاصمة القضاة، وتلك الأحكام لا يجوز الطعن فيها بنص القانون، كما تعتبر محكمة موضوع تلك الأحكام الصادرة عن الدائرة الدستورية، وفيما عدا ذلك لا تكون إلا محكمة قانون وسواء كانت محكمة موضوع أو محكمة قانون، فإن الأحكام الصادرة عنها لا يجوز التماسها غالباً لعدم تحقق حالة من حالات الالتماس([18]).

 

ولم يكتف المشرع اليمني بجواز ذلك فحسب، بل أجاز الالتماس في الأحكام الابتدائية والاستئنافية المؤيدة من المحكمة العليا لتفصل فيها من حيث الشكل، فإذا رأت قبوله إحالته إلى المحكمة التي أصدرت الحكم، مما يؤدي ذلك إلى توزيع الاختصاص وتطويل الإجراءات هذا من ناحية ومن ناحية أخرى أن الأحكام المؤيدة من المحكمة العليا تم الطعن فيها لمخالفتها للقانون ولا علاقة لها بالموضوع.

ومن المبادئ التي أقرتها المحكمة العليا المحكمة المختصة بنظر الالتماس إعادة النظر هي المحكمة مصدرة الحكم الملتمس فيه بإعادة النظر) وتطبيقاً لذلك الحكم الصادر عن المحكمة العليا برقم (223) لسنة 1420هـ حيث جاء فيه (إن المحكمة المختصة بنظر الالتماس هي المحكمة مصدرة الحكم الملتمس إعادة النظر فيه، فإذا كان الحكم صادراً من محكمة الابتدائية لم يطعن فيه بالاستئناف كانت المحكمة المختصة هي المحكمة الابتدائية التي أصدرت الحكم، أما إن استؤنف الحكم وأصدرت محكمة الاستئناف حكمها؛ فإن المحكمة المختصة بنظر الالتماس هي محكمة الاستئناف ذلك أن محكمة الاستئناف عندما تصدر حكماً فإنه يحل محل حكم أول درجة ويكون هو الحكم الوحيد في القضية، أما قضاء المحكمة العليا فلا يقبل التماس إعادة النظر إلا إذا فصل في الموضوع، والغش الذي يدعيه الملتمس على فرض وجوده أثر في الحكم الاستئنافي لا في حكم المحكمة العليا([19]).

لذلك تقر الدائرة:

عدم قبول الالتماس ومصادرة الكفالة، وتغريم الملتمس خمسة ألاف ريال تورد لخزينة الدولة إعمالاً للمادة (232) مرافعات.

وكان الأحرى بالمشرع اليمني حذف الفقرة الثالثة من المادة (305) حفاظاً على قدسية أحكام المحكمة العليا واستقراراً للحقوق والمراكز القانونية([20]).

 

الفرع الرابع

الأحكام المستعجلة

لقد ثار خلاف في الفقه الإجرائي بخصوص جواز الطعن بالتماس على الحكم المستعجل، فذهب البعض إلى عدم جواز الطعن بالتماس إعادة النظر في الأمور المستعجلة، لأن الالتماس لا يكون إلا في الأحكام النهائية الفاصلة في أصل النزاع بخلاف الأحكام الصادرة عن قاضِ الأمور المستعجلة لما لتلك الأحكام من حجية مؤقتة، وأثر لا يتعلق بالموضوع وهذه الأحكام يجوز تصحيح أثارها أو التخلص منها إذا تغيرت الظروف أو حصلت مرافعة في أصل الحق. لذلك لا حاجة لطلب إعادة النظر بصددها، فطالما بإمكان الخصوم الرجوع إلى قاض الأمور المستعجلة إذا تغيرت الظروف لا يكون هناك داع لطلب إعادة المحاكمة لتغير الظروف([21]). بينما ذهب البعض الأخر إلى جواز الطعن في الأحكام الصادرة عن قاضِ الأمور المستعجلة، لأنه لا يجوز حجب على الملتمس حق بتقيد النصوص في نطاق معين دونما سند في القانون([22])، وإنما في القول بأن الحماية التي تضفيها حماية وقتية لحين الفصل في النزاع من محكمة الموضوع هو قول محل نظر، لأن الفصل في الالتماس بحسبانه طعناً على حكم مستعجل يستتبع فيه إجراءات القضاء المستعجل وستقيد فيه المحكمة بما تتقيد به من قيود في الدعوى المستعجلة، ومنها عدم المساس بأصل الحق، وتوافر الاستعجال، بحيث إذا اتضح أن التثبيت من توافر إحدى حالات الالتماس يقتضي تحقيقاً موضوعياً أو أن القول به فيه مساس بأصل قضت قبول الالتماس([23]).

 

 

المطلب الثاني

الأحكام التي لا يجوز التماسها

الفرع الأول

الأحكام الصادرة بالالتماس

لا يجوز الطعن بالتماس إعادة النظر في الحكم القضائي الصادر برفض الالتماس أو الصادر بموضوع الدعوى بعدم قبول الالتماس ويقال تعبيراً عن هذه القاعدة (إن الالتماس بعد الالتماس لا يجوز) والحكمة من هذه القاعدة، ضرورة منع تعدد طريق الطعن الواحد عن ذات الحكم حسماً للنزاع حتى تستقر الحقوق المحكومة بها لأصحابها([24]).

ولكن المنع لا يسري إلا على طالب الالتماس، أما المدعى عليه في دعوى الالتماس فيجوز له أن يطلب الالتماس إذا كان الميعاد ممتداً إذا وجد سبب من الأسباب التي وردت في التشريع على سبيل الحصر([25]). بينما ذهب البعض أن المنع يشمل الملتمس والملتمس ضده بحيث لا يجوز للملتمس ضده إعادة النظر حتى إذا وجد سبباً من أسباب الالتماس([26]).

وقد منع المشرع اليمني الطعن بالتماس إعادة النظر في الأحكام الصادرة بعدم قبول الالتماس شكلاً أو بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً بأي طريق من طرق الطعن وكذلك الحكم بقبول الالتماس موضوعاً وتعديل الحكم محل الالتماس فإنه لا يجوز التماسه وإن كان جائز الطعن فيه بالاستئناف أو أمام المحكمة العليا، إذا كان صادراً من المحكمة الابتدائية أو الاستئنافية، وهو ما أوضحته المادة (313) من قانون المرافعات.

 

 

الفرع الثاني

الأحكام الابتدائية القابلة للاستئناف

إذا أصبح الحكم الابتدائي نهائياً لفوات مواعيد الاستئناف، ففوت المحكوم عليه مواعيد استئنافه أو قدم استئنافاً قضي بعدم قبوله لتقديمه بعد الميعاد، فلا يجوز الطعن في الحكم بالالتماس، لأن الالتماس يعتبر طريق طعن غير عادي، لا يجوز للمحكوم عليه إتيانه إلا في حالة عدم قابلية الحكم للطعن فيه بالطرق العادية، ولكن المشرع اليمني كما سبق وأن أوضحناه أنه أجاز التماس الأحكام الابتدائية إذا أصبحت نهائية بفوات ميعاد الطعن.

 

 


الفرع الثالث

الأحكام الصادرة عن المحكمة العليا إذا لم تكن محكمة موضوع

لا يجوز الطعن في الأحكام الصادرة من المحكمة العليا بأي طريق من طرق الطعنا لعادية أو غير العادية باعتبارها نهاية المطاف في الخصومة([27])، لأنها محكمة قانون والالتماس يعالج أخطاء في تقدير الوقائع وحتى ولو كانت المحكمة العليا محكمة موضوع فقد ضحت التشريعات بنظام الالتماس لصالح نظام حجية الأمر المقضي حفاظاً على استقرار الأحكام القضائية.

ولكن المشرع اليمني قد جاء بنظام جديد يتمثل في جواز التماس الأحكام الابتدائية والاستئنافية المؤيدة من المحكمة العليا، وكذلك الأحكام الصادرة من المحكمة العليا إذا كانت محكمة موضوع مخالف بذلك الفقه والقوانين العربية وقد سبق وأن أوضحنا ذلك في المطلب الأول من هذا البحث فرجع إليه إن شئت.


المبحث الثاني

أسباب التماس إعادة النظر

تمهيد:

متى صدر الحكم من محكمة الدرجة الأولى، فإنه يحوز حجية الأمر المقضي فور صدوره ولو كان قابلاً للطعن، أو تم الطعن فيه بالاستئناف، إذ لا يترتب على هذا الطعن إلا وقف تلك الحجية مؤقتاً. وأوجب المشرع نظر الدعوى على درجتين، فإذا امتنع هذا الطريق إما لصدور الحكم من محكمة أولى درجة بصفة انتهائية، أو لصدور الحكم من محكمة الاستئناف مما يجعل ذلك الحكم استنفد طرق الطعن العادية، فإذا ظهر أخطاء في تقدير الوقائع، فإن المشرع منح المحكوم عليه استثناء التماس ذلك الحكم في حالات معينة على سبيل الحصر، لا يجوز القياس عليها، أو التوسع فيها، وهو ما سنحاول بحثه من خلال المطالب الآتية:

 

المطلب الأول

الالتماس القائم على وقوع غش من الخصم

نص المشرع اليمني (الغش كسبب من أسباب الالتماس) في الفقرة الأولى من المادة (304)  ((إذا تبين للمحكوم بعد صدور الحكم وقوع غش من خصمه كان من شأنه التأثير في الحكم) وهو ما سنحاول بحثه من خلال الفروع الآتية:

 

الفرع الأول

المقصود بالغش

يقصد بالغش العمل الاحتيالي المخالف للنزاهة، الذي يكون من شأنه تضليل المحكمة، وهو يشمل كل أعمال التدليس والمفاجآت الكاذبة التي يعمد إليها الخصم لخدع المحكمة ويؤثر في اعتقادها، ويتوافر بمباشرة الإجراء على غير مقومات صحته عن قصد تحقيقاً لغرض يرمي إلى جلب منفعة على غير مقتضى العدل والحق المخالف لمبدأ حسن النية الواجب توافره في كافة المعاملات، وصور الغش كثيرة منها، سرقة مراسلات الخصم إلى محاميه، ومنع وصول تعليمات إلى وكيله والعمل على عدم الإعلان إلى المعلن إليه، والاتفاق مع الوكيل إضراراً بمصلحة الموكل، وإرشاء الشهود والتأثير عليهم([28]).

 

الفرع الثاني

شروط الغش

يشترط لقبول إعادة النظر لهذا السبب توافر الشروط الآتية:

1) أن يكون الغش صادر من المطعون ضده أو من ممثله سواء كان ممثلاً قانونياً أو اتفاقياً، أما الغش الصادر من الغير فلا يصلح سبباً للالتماس إلا إذا كان المطعون ضده شريكاً فيه بالمساهمة أو الاستعمال إذا كان عالماً به([29]). ويتصور أن يكون الغش في صورة تواطؤ بين الخصم وممثل الطاعن، ولكن هل يعتبر غشاً تواطؤ الخصمين فيما بينهما لإخفاء الحقيقة عن القاضي؟ يذهب البعض إلى هذا على أساس أن التواطؤ غشان (غش من كل الخصمين) لا غش واحد فيجب من باب أولى أن يجيز لكل الخصمين الطعن بالتماس إعادة النظر، ولكن الرأي الراجح لا يعتبر غشاً على أساس أن يكون الملتمس غير عالماً بالغش أثناء الخصومة([30]).

2- أن يكون الغش قد خفي على الملتمس طول نظر الدعوى بحيث لم تتح له الفرصة لتقديم دفاعه وتنوير حقيقته للمحكمة، فيكون واقع ممن حكم لصالحه في الدعوى بناءً عليه، ولم تتح للمحكمة أن تتحرى عند أخذها به بسبب عدم قيام المحكوم عليه بدحضه وتنويرها في حقيقة شأنه لجهله به وخفاء أمره عليه بحيث يستحيل كشفه، أما إذا كان مطلعاً على أعمال خصمه المحكوم له في الحكم القضائي الصادر بصفة انتهائية والمطعون فيه بالتماس إعادة النظر، ولم يناقضها، أو كان في وسعه أن يتبين الغش الذي منه وسكت عنه، ولم يفصح أمره أو كان في مركز يسمح له بمراقبة تصرفات خصمه المحكوم له في الحكم القضائي الصادر بصفة انتهائية، ولم يبين أوجه دفاعه في المسائل التي يتظلم منها، فإنه لا يقبل منه الطعن بالتماس إعادة النظر في الحكم القضائي الصادر بصفة انتهائية في مثل هذه الحالات وما شابهها([31]).

ومن المبادئ القضائية الصادرة عن المحكمة العليا أن الغش الذي يجيز الالتماس هو (ما يقع من المحكوم له ويكون خفياً على الخصم طيلة نظر الدعوى بحيث لم يتمكن من إعداد دفاعه).

وتطبيقاً لذلك الالتماس المدني الصادر عن المحكمة العليا برقم (30421) وتاريخ 9/7/2007م) حيث جاء فيه (بعد الإطلاع على أوراق القضية وعلى الأحكام الصادرة منها وعلى عريضة الالتماس والرد عليها، تبين أن الملتمس قد أقام التماسه على وجود غش من الملتمس ضده أثر على الحكم حيث جاء مخالفاً لمادة (304) مرافعات فإن الدائرة تجد أن الغش غير متوفر، حيث أن مفهوم الغش الذي استقر عليه قضاء المحكمة العليا الذي يجيز الالتماس هو ما يقع من المحكوم له ويكون خفياً على الخصم طيلة نظر الدعوى بحيث لم يتمكن من إعداد دفاعه) فالذي أطال الملتمسون سرده في عريضتهم هي وقائع تبادل فيها الأطراف الأخذ والرد ولم يكن بها غش بالمفهوم الذي أوردناه. وعليه فإن الدائرة تقرر عدم قبول الالتماس شكلاً لعدم توافر حالة من حالاته([32]).

3- أن يتوجه الغش إلى أحد مصادر معلومات القاضي أو يؤدي إلى منع الخصم من حرية الدفاع، وتعتبر غشاً الوسائل الاحتيالية فلا يعد كذلك مجرد الكذب أو استعمال حيلة مشروعة أثناء الدفاع أو السكوت بعض الوقت عن إبداء دفاع معين أو العدول عن تعديل الطلبات متى تم وفقاً للقانون وتقدير ما يعتبر غشاً وما لا يعتبر أمر يخضع لتقدير المحكمة التي تنظر الالتماس دون رقابة عليها من محكمة النقض ما دامت تستند في هذا التقدير إلى اعتبارات سائغة لها أصلها الثابت ومن شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها بما يكفي لحمل قضائها([33]).

 

4- أن يكون الغش قد أثر في إصدار الحكم بحيث يتضح أنه لولا الغش لتقيد حكم المحكمة. فلا تأثير للغش إذا كانت الوقائع التي تناولها لم تعتمد عليها المحكمة في حكمها، ولم يكن من شأنها أن تؤثر في رأيها إذا ثبت لها حقيقتها([34]).

ومما سبق يتضح أن الغش يشمل كل أنواع التدليس والمفاجآت والوسائل التي تستعمل بواسطة خصم في مواجهة خصم آخر بقصد التضليل ويشترط لتحقيق هذا السبب أن يكون قد وقع غشاً بالمعنى المتقدم وأن يصدر من المحكوم له شخصياً فلا يعتبر بالغش الصادر من شخص غير المحكوم له إذا لم يكن شريكاً معه وأن يحصل الغش في مواجهة المحكوم عليه وألا يكون المحكوم عليه عالماً بذلك الغش أثناء الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه مما يكون من شأنه التأثير على المحكمة حيث لولا ذلك الغش لتغيرت اتجاه المحكمة نحو الحكم الصادر.

ومن المبادئ القضائية التي أقرتها المحكمة العليا (إذا ثبت غش بغرض إبطال مستند المطعون ضده وجاء الحكم متأثراً به لحقه البطلان ويسوغ إعادة النظر).

ومن ذلك الطعن رقم (185) لسنة 1419هـ أمام الدائرة المدنية الثانية بالمحكمة العليا حيث قضى (وحيث ثبت وقوع الغش من الملتمس ضده مع غير الملتمس وعدم قدرته على التعبير، وحيث ثبت صحة البصيرة التي يحتج بها الملتمس المدعى عليه استناداً إلى شهادة الشهود المقامة شهادتهم أمام المحكمة الاستئنافية على كون البصيرة المبرزة من المدعى عليه بخط كاتبها المذكور وبعدالته وحيث مضى على ثبوت يد المدعى عليه الملتمس حالياً على المدعى فيه أكثر من خمسين سنة فالدائرة المدنية بالمحكمة العليا لم تجد أمامها إلا القول بلزوم قبول الالتماس([35]).

 

المطلب الثاني

أسباب التماس إعادة النظر المبنية على التزوير

تنص المادة 304/2 من قانون المرافعات التماس إعادة النظر في الأحكام طريق استثنائي للطعن فيها لا يجوز للخصوم اتباعه إلا عند تحقق إحدى الحالات الآتية:

(إذا حصل بعد الحكم إقرار بتزوير الأوراق التي بني عليها أو قضى بتزويرها).

كما تنص ذات المادة في فقرتها الثالثة على جواز الطعن بالتماس.

(إذا كان الحكم قد بني على شهادة أو يمين قضى بعد صدوره بأن الشهادة زوراً بأن اليمين كاذبة). وعلى ضوء هذه النصوص فسوف نقسم الدراسة في هذا المطلب إلى الفرع الآتية:

 

الفرع الأول

المقصود بالتزوير المعتبر سبباً لالتماس إعادة النظر

يقصد بالتزوير في مجال قانون المرافعات إدخال تحويراً أو تعديل في الأوراق المقدمة إلى المحكمة مما يؤدي إلى تغير أو تحريف حقيقة مضمون هذه الورقة لصالح المتمسك بها أو لصالح من حدث التزوير لمصلحته([36]).

فقد يختلط التزوير بالغش في الأحوال التي يتمسك بها الخصم فيها بورقة مزورة وهو يعلم بتزويرها فيعتبر ذلك غشاً لا تزويراً بخلاف إذا استعمل الشخص الورقة المزورة وهو لا يعلم بها بحسن نية ففي هذه الحالة لا يعتبر غشاً بل يتم التمسك على أساس التزوير وسواءً كان التزوير من عمل الخصم في ذات الخصومة التي صدر فيها الحكم المبني على التزوير أو من عمل شخص آخر خارج الخصومة ومع ذلك يستخدم الخصم هذه الورقة المزورة([37]).

وإذا استندت المحكمة في حكمها بناءً على أوراق مزورة فإن حكمها يكون عرضة للطعن بالتماس إعادة النظر إذا أصبح نهائياً ولكي يتمكن المحكوم عليه من تقديم التماسه فلا بد من إثبات تزوير الأوراق التي بني عليها الحكم، وقد حددت المادة (304) من قانون المرافعات في فقرتها الثانية، أن تزوير الأوراق يتم عن طريق الإقرار أو صدور حكم بذلك فالإقرار المعتبر كوسيلة للإثبات، هو الإقرار الصادر من المحكوم له بناءً على الأوراق المزورة المقدمة منه في أثناء الخصومة متى صدر عنه على سبيل الجزم واليقين تعبيراً عن إرادة جديه حقيقية غير مشوباً بإكراه أو تدليس، وكما يثبت التزوير بالإقرار يثبت بحكم نهائي صادر من المحكمة وهو ما سنوضحه في الفرع الثاني ولا يلزم أن يكون المحكوم له هو مرتكب التزوير كفاعل أصلي، وإنما يكفي أن يكون شريكاً فيه بالاتفاق أو التحريض أو المساعدة أو أن يقتصر دوره على المساعدة مع علمه بالتزوير وحينئذ ينتج أثره القانوني بالتماس ولا يمتد هذا الأثر إلى غير المحكوم له حتى ولو ادعى الغير أنه الفاعل الأصلي بخطأ في الإجراء فلا يكون سبيل الطعن فيه هو الالتماس ومن ناحية أخرى إذا لم يكن ثابتاً قبل رفع الالتماس، فإن الالتماس يكون لغير السبب الذي رفع لأجله([38]).

ومما سبق يتضح أن التزوير الذي يكون سبباً للالتماس أن يثبت إما بإقرار الخصم أو بالحكم بتزوير الورقة وأن تكون الورقة ذات تأثير كلي على الحكم فلولاها لتغير اتجاه المحكمة فيما قضت به وأن تظهر بعد صدور الحكم الملتمس فيه وقبل رفعه.

 

الفرع الثاني

شروط قبول إعادة النظر بناءً على الأوراق المزورة

1- أن يكون الحكم الملتمس فيه قد أقام قضاءه على الأوراق المزورة بحيث تكون ذات تأثير كلي على ما ورد في الحكم المطعون فيه، ولولا وجودها واعتقاد المحكمة بصحتها لما صدر الحكم بالمضمون الذي صدر به، أما إذا كان قد بني على غيرها من الأسس أو كانت ضمن ما أقيم عليه من الأسس ولكن الأسس كافية لحمله لم يصلح ثبوت تزويرها سنداً للالتماس([39]).

ومهما كان التزوير ثابتاً أو مؤكداً فلا يصلح سبباً للالتماس ما لم يكن للورقة المزورة تأثير حاسم ومع ذلك يرى بعض الفقه أنه يكفي أن يكون للورقة المزورة تأثير على الحكم الصادر أياً كان هذا  التأثير ولا يشترط أن يكون للورقة المزورة تأثير كلي أو حاسم على الحكم([40]). ولكن نص المادة (304/2) لا يسعف هذا الرأي حيث أن القانون يشترط بناء الحكم على الأوراق المزورة مما يستشف عنه ضرورة أن يكون لهذه الأوراق تأثير كلي وحاسم على المعنى الذي صدر به الحكم.

 

2- أن يثبت تزوير الأوراق الذي بني عليه الحكم، فقد حدد المشرع على سبيل الحصر الطرق التي يجب كشف التزوير عن طريقها، ووفقاً لذلك فإنه يجب أن ينكشف التزوير إما بحصول الإقرار بالتزوير أو بصدور حكم نهائي قاضِ بتزوير هذه الأوراق.

فإذا كان الإثبات عن طريق الإقرار فالمعني بالإقرار كوسيلة لإثبات الأوراق المزورة هو الإقرار غير القضائي، لأن الإقرار القضائي هو اعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعى بها أثناء السير في الدعوى المتعلق بهذه الواقعة مما مفاده أن تزوير الأوراق سيظهر خلال النظر في القضية وقبل صدور الحكم، بينما الإقرار غير القضائي هو اعتراض الخصم بواقعة مدعى عليه خارج مجلس القضاء أو أمام محكمة لا تنظر الدعوى محل الواقعة المعترف بها بحيث لو صدر حكم بناءً على تلك الورقة فإن للمحكوم ضده الطعن فيه عن طريق الالتماس وإذا كان تقدير إثبات الأوراق يخضع للسلطة التقديرية للمحكمة التي تنظر الالتماس فإنه يكفي الإدعاء بصدوره من المحكوم له شفاهاً أمام شهود متى شهد هؤلاء بذلك واطمأنت المحكمة إلى تلك الشهادة([41]).

ويثبت التزوير بصدور حكم نهائي يقضي بتزوير الأوراق التي بني عليه الحكم الملتمس فيه قضاءه، أما إذا كان الحكم غير نهائي فإنه لا يصح الاحتجاج به كدليل للإثبات وكذلك إذا كان في مرحلة النظر فيه أمام الاستئناف فإنه غير صالح كدليل لإثبات التزوير ويتعين على المحكمة في هذه الحالة أن توقف الالتماس حتى يقدم الملتمس الشهادة بهذه الصيرورة وعلى هديها تفصل المحكمة في شكل الالتماس بالقبول أو في عدمه.

3- أن يثبت قبل صدور الحكم الملتمس فيه وقبل رفع الالتماس.

 

 

الفرع الثالث

بنى الحكم على الشهادة المزورة

الشهادة إحدى وسائل الإثبات في جميع المعاملات، ويجب على الشاهد قول الصدق في تأدية الشهادة، ولكن قد يدلي الشهود بشهادة لا تطابق الحقيقة وبالتالي تكون مزورة وينخدع القاضي بصدور حكمه بناءً عليها، وفي مثل هذه الحالة يجوز الطعن في هذا الحكم بالتماس إعادة النظر إذا توافرت كافة الشروط اللازمة لوجودها هذا الطريق من طرق الطعن.

ويجب لقبول الالتماس استناداً إلى هذه الحالة الشروط الآتية:

1- أن يبنى الحكم استناداً إلى الشهادة الكاذبة بحيث يكون للشهادة أثر حاسم وكلي على الحكم الصادر، بمعنى أنه يجب أن يكون هناك علاقة سببية وثيقة بين شهادة الزور، والحكم الصادر بناءً عليها، بحيث لو لم تكن هذه الشهادة ما كان الحكم ليصدر بالمعنى والمضمون الذي صدر به، ولا يهم وجود أدلة أخرى في القضية ما دام الحكم قد بني على ذلك الدليل([42]).

2- أن يثبت تزوير الشهادة بحكم من القضاء المدني أو الجنائي، ولا يكفي إقرار الشاهد، ويجب أن يصير الحكم نهائياً بفوات ميعاد الطعن فيه أو بتأييده من محكمة الاستئناف، فإذا رفع الالتماس قبل صيرورة الحكم نهائياً  تعين وقف الالتماس تعليقاً على هذه الصيرورة، تمهيداً للفصل في الشكل بحيث إذا صار نهائياً تعين قبوله شكلاً أما أن الغي تعين عدم قبول الالتماس([43]).

3- يجب أن تنصب الشهادة على الوقائع التي تضمنها الحكم الصادر ضد الملتمس، فلا يكفي أن يحكم على الشاهد بالعقوبة عن شهادة أدلى بها في دعوى أخرى أو دعوى منظمة طالما كانت مستقلة عن الدعوى الأصلية ولم يترتب على الضم اندماجها معاً، أما إن أدى إلى الاندماج فقدت كل منهما استقلالهما، وكانت الشهادة التي تتم في إحداهما مؤثرة في الأخرى مما يجيز الطعن بالتماس.

4- أن يثبت هذا التزوير بعد صدور الحكم الملتمس إعادة النظر فيه، وقبل رفع الالتماس فالشهادة المقصودة هي التي تحصل أثناء الخصومة الصادرة فيها الحكم المراد الطعن فيه بالالتماس وتصدر هذه الشهادة دون أن يتمكن أحد من كشف زورها، لأنه إذا كشف تزوير الشهادة قبل صدور الحكم ما أمكن الطعن فيه بالتماس إعادة النظر لأن المحكمة سوف تستبعدها وتنزل العقاب بالشاهد زوراً أو على فرض أن الحكم بني على الشهادة المزورة التي انكشف زورها قبل صدوره، فإنه يمكن الطعن فيه بالطرق العادية، كما يجب أن يكون بيد الملتمس قبل رفع الالتماس، لأنه لا يجوز أن يتخذ من الالتماس وسيلة لكشف تزوير الشهادة لأن طريق الالتماس لم يشرع لهذا الغرض([44]).

وقد لحق المشرع اليمني بالشهادة المزورة اليمين الكاذبة، ويشترط لها الشروط سالفة الذكر للشهادة المزورة.

ومما سبق تتضح أن الشهادة المزورة التي بني عليها الحكم وكذلك اليمين الكاذبة سبباً من أسباب الالتماس إذا صدر حكم نهائي بزور الشهادة أو بكذب اليمين واكتشف الملتمس ذلك بعد صدور الحكم وقبل رفع الالتماس وأن يكون الحكم قد صدر بناءً على الشهادة المزورة أو اليمين الكاذبة، ولولا تلك الشهادة أو اليمين الكاذبة لما صدر بالمعنى الذي صدر به.

 

 

المطلب الثالث

الطعن بالتماس إعادة النظر القائم على مسك الخصوم في القضية

تنص المادة 304/4 من قانون المرافعات أنه يجوز الطعن بالتماس إعادة النظر (إذا حصل الملتمس بعد صدور الحكم على أوراق قاطعة في الدعوى كانت لدى الغير دون علم الملتمس بها أو كان خصمه قد احتجزها أو حال دون تقديمها).

وهذا النص يواجه نمطاً من سلوك الخصم في الدعوى، ومؤثراً بشكل أو بآخر على الحكم الصادر في هذه الدعوى، كما يؤثر بشكل مباشر على مصالح المحكوم عليه الذي يطعن بالالتماس كما إذا كان الحكم المطعون فيه قد صدر بإلزام الشخص بدفع مبلغ معين لأنه لم يقدم مخالصة كانت تحت يد خصمه ثم تحصل عليها بعد صدور الحكم عليه.

ويشترط لقبول الالتماس لهذا السبب ما يأتي:

1- أن تكون الورقة التي حصل عليها الملتمس مكتوبة وبالتالي لا يكفي أي مستند إذا لم يكن مكتوباً سواءً كان شريط مسجلاً أو مصوراً أو غير ذلك فمثل هذه الأدلة ولو كانت قاطعة لم ينظر  إليها المشرع بعين الاعتبار لفتح باب الطعن بالتماس إعادة النظر.

كما يشترط أن تكون الأوراق التي حصل عليها الملتمس قاطعة في الدعوى، بحيث لو قدمت أثناء نظر الدعوى لتغير نظر المحكمة فيما قضت به ويكون من شأنها حسم النزاع لمصلحة الملتمس، أما إ ذا لم تكن من شأنها حسم النزاع وإنما كدليل كبقية الأدلة الأخرى فإن الالتماس غير مقبول([45]).

2-أن تكون الورقة قد حجزت أثناء نظر القضية بفعل الخصم الأخر أو لدى الغير دون علم الملتمس مما موداه أن الأوراق قد حجبت عن الملتمس طلبه نظر الدعوى بدون أن يعلم ذلك أما في حالة علمه دون أن يطلب إلزام خصمه أو الغير بتقديمها لكي تكون تحت بصر المحكمة فلا يجوز له بعد صدور الحكم الطعن فيه بالالتماس، ولا يكفي عدم علم الملتمس تلك الأوراق بيد خصمه وإنما يشترط أن يكون المحكوم له ملزماً بتسليمها أو وضعها تحت تصرف الطاعن إذ بغير هذا لا يكون فعل الخصم هو الذي حال دون تقديمها. ونتيجة لهذا فإن مجرد التدليس المستخدم من خصم لمنع خصمه من معرفة وجود الورقة لا يصلح سبباً للالتماس([46]). وهذا ما يفهم من نص المادة 304/4 حيث نصت (إذا كان الخصم قد حال دون تقديمها أو احتجزها،...) ولكنه اعتبر الورقة لدى الغير سبب من أسباب الالتماس إذا لم يكن عالماً بها الملتمس دون أن يشترط أن يكون الغير ملزماً بتسليمها أو حال دون ذلك وبرغم أن الورقة إذا كانت لدى الغير لا تعتبر سبباً من أسباب الالتماس في الفقه والقوانين العربية المقارنة ومع ذلك فإن المشرع اليمني لم يفيدها بأي قيد كاليمين على الملتمس أو تحديدها بوقت معين مما يؤدي ذلك إلى شيوع التزوير([47]).

3- أن تظهر الورقة القاطعة في الدعوى بعد صدور الحكم المطعون فيه، وإذا كان ميعاد الالتماس يبدأ من يوم ظهور الورقة المحتجزة، فإن المشرع لم يقصد بلفظ الظهور أن يجوز الملتمس الورقة حيازة مادية وإنما يكفي أن ينكشف به الورقة وتصبح في متناول يده وتحت نظره بحيث يمكن الإطلاع عليها دون حائل أو عائق، وهو ما يعني جهل الملتمس وجود هذه الأوراق أثناء نظر الخصومة، فإذا كان عالماً بوجودها ولم يطلب إلزام بتقديمها ممن هي تحت يده، فليس له الطعن بالتماس على أساس ظهورها بعد الحكم.

ومما سبق يتضح أن مناط قبول الالتماس في هذه الحالة أن تكون الورقة التي حصل عليها الملتمس بعد صدور الحكم المطعون فيه قاطعة في الدعوى بحيث لو قدمت أثناء نظر النزاع لغيرت من قناعة المحكمة نحو القضية وأصدرت حكماً مغايراً لحكمها محل الطعن وكما يشترط أن يكون الملتمس جاهلاً بتلك الورقة طيلة نظر الخصومة أما إذا علم بذلك ولم يطلب الخصم من الغير تقديمها سقط حقه في التماس إعادة النظر.

وتطبيقاً لهذه الحالة من حالات الالتماس- الالتماس رقم 30564) الصادر من الدائرة المدنية بالمحكمة العليا بتاريخ 18 ربيع الثاني 1428هـ الموافق 5/5/2007م. ((بعد الإطلاع على صحيفة الالتماس المرفوعة من الملتمسين والرد المقدم من الملتمس ضده وعلى الحكم الملتمس فيه تبين أن الملتمسين  قد أثارا في صحيفة الالتماس سبباً استدعى الوقوف عليه وبحثه وهو حصولهما على أوراق قاطعة في الدعوى كانت لدى الغير دون علم الملتمسين بها وقد تحددت في الورقة المحررة بقلم الملتمس ضده التي عليها توقيعه وختمه وتوقيع الشهود المؤرخة 19 شعبان سنة 1412هـ الموافق 22/2/1992م، والمضمنة رقم القنوع من الملتمس ضده بعد أن حلف الملتمسان اليمين الحاسمة بأن مبلغ المائتين والعشرين ألف ريال مقابل الضمانة وليس في أرضية وقنع بيمينهما...الخ.

والمستند حجة مؤثرة في مسار النزاع وقد دفع الملتمسان دعوى المدعي بانقضاء النزاع ولم يتمكنا من إبراز المستند مما جعل الحكم يصدر ضدهما لصالح الملتمس ضده وقد توفر في الالتماس إحدى حالاته وهي الحالة الرابعة من المادة (304) مرافعات مما يتعين معه قبول الالتماس شكلاً وموضوعاً ولا عبرة بما دفع به الملتمس ضده من أن ما طرحه الملتمسان قد سبق طرحه في الأحكام السابقة لأن ما طرح هو الدفع بانقضاء الخصومة وقد جاء ما يؤيد دفعهما في شهادة بعض الشهود غير أن القضاة لم يفحصوا تلك الشهادات وأصروا على طلب الوثيقة التي تدل عليه ولم يتمكن الملتمسان من إحضارها لعدم عثورهما عليها إلا في مرحلة الالتماس مما يستدعي معه رفض الدفع وقبول الالتماس وإلغاء الحكم الملتمس فيه وما سبقه من أحكام وإعادة القضية إلى محكمة استئناف الأمانة لعرضها على الشعبة المختصة لنظر القضية في ضوء ما استجد بشأنها وهو الرقم الذي حرره الملتمس ضده على نفسه وسماع شهوده والفصل في النزاع يتقرر شرعاً.

لذلك واستناداً إلى المواد (304/4، 306، 310، 312) من قانون المرافعات وبعد المداولة فقد أصدرت الدائرة حكمها بما يلي:

1- قبول الالتماس شكلاً وموضوعاً للأسباب والأدلة التي ذكرناها.

2- إلغاء الحكم الملتمس فيه الصادر من هذه الدائرة برقم (157) لسنة 1427هـ وما سبقه من أحكام.

3- إعادة القضية إلى الشعبة المدنية المختصة بمحكمة استئناف أمانة العاصمة لنظر القضية في ضوء المستند المقدم من الملتمسين وسماع شهوده والحكم فيها طبقاً للشرع الحنيف والقانون النافذ.

4- إعادة الكفالة للملتمسين([48]).

 

 

المطلب الرابع

الطعن بالالتماس ممن يعتبر الحكم حجة عليه ولم يكن خصماً في الدعوى

تنص المادة 304/5 يجوز للخصوم التماس إعادة النظر (إذا كان الحكم حجة على شخص لم يكن خصماً في الدعوى.

يقصد بالملتمس في هذه الحالة من يكون الحكم حجة عليه دون أن يكون ماثلاً في الدعوى بشخصه بألا يكون أُدخل أو تدخل في الدعوى التي صدر فيها الحكم، ولكنه يعتبر قانوناً ممثلاً فيها بالمحكوم عليه([49]).

الأصل إن الحكم حجة على الخصوم أنفسهم وبصفاتهم ولا يمتد هذا الأثر إلى الغير لأنه لم يوضع موضع الدفاع ولهذا فإن هذا الحجة قاصرة فلا يستفيد منها إلا من صدر الحكم لصالحه ولا يضار منها إلا من صدر الحكم عليه([50]). ولكن تواجه هذه الحالة الفرض الذي يعتبر فيها الشخص في نظر المشرع ممثلاً في الحقوق وإن لم يكن خصماً ظاهراً فيها، كالخلف بالنسبة للسلف، والكفيل بالنسبة للمدين الأصلي، والمالك الحقيقي بالنسبة للمالك تحت شرط فاسخ أو واقف، والمنتفع بالنسبة للمالك الرقبة ونحو ذلك، وعلى هذا التمثيل الافتراضي يعتبر الحكم حجة على من كان ماثلاً في الدعوى([51]). فإذا أضير من كان ماثلاً في الحقوق ولم يكن خصماً ظاهراً فيها، كان له رفع هذا الضرر عن طريق التماس إعادة النظر.

 

ويجب لقبول الالتماس وفقاً لهذه الحالة توافر الشروط الآتية:

1)  ألا يكون  الملتمس طرفاً بشخصه في الدعوى التي صدر فيها الحكم سواء كان طرفاً أصلياً أو متدخلاً انضمامياً أو اختصامياً، فالمقرر أن من توجه إليه إجراءات الخصومة يصبح خصماً فيها، سواء كان خصماً أصلياً أو متدخلاً بالانضمام أو بالاختصام فيكون الحكم الذي يصدر حجة له أو عليه ويجوز له بالتالي الطعن فيه بطرق الطعن المقررة للخصم الأصلي حتى لو لم يطعن فيه الخصم الذي انظم إليه في حالة التدخل الانضمامي([52]).

أما إذا لم يكن الملتمس طرفاً بشخصه في الدعوى وكانت حجية الحكم تتعدى إليه، مما يحول دون مراقبة مسلك من تتعدى الحجية منه، جاز له أن يطعن بالتماس إعادة النظر إذا صدر الحكم ضد من كان ينوب عنه إذا توافرت الشروط الأخرى اللازم توافرها لقبول التماسه.

2- أن تمتد حجية  الحكم إلى الملتمس:الأصل في حجية الأحكام أنها نسبية لا يضار ولا يفيد منها غير من اختصم في الدعوى، واستثناء من هذا الأصل أن هذه الحجية تتعدى إلى من كان ماثلاً في الدعوى بما ينوب عنه بموجب رابطة استخلاف أو علاقة مديونية في حدود ما يتأثر به حق الضمان العام المقرر للدائن على أموال مدينة كالدائن ولو كان دائناً عادياً أو من يوجد في مركز قانوني يعتمد على الحكم كالمستأجر من الباطن بالنسبة إلى الحكم الذي يقضي ببطلان عقد الإيجار من الباطن وكالوارث بالنسبة إلى الحكم الصادر ضد مورثه، وبوجه عام كل من تمتد إليه حجية الحكم أو تنعكس على مركزه القانوني([53]).

3- أن يلحق ضرراً بالملتمس فيجب لقبول الالتماس في الوجه الماثل أن يلحق ضرر بالملتمس لسبب تعدي الحجية إليه، لأن المصلحة هي مناط كل طعن فإذا لم يوجد مصلحة فلن يقبل التماسه، كدائنين إذا حصل حكم ضد مدين فليس لمدين أخر التماس إعادة النظر إذا كانت أموال المدين كافية للوفاء بحقوق جميع دائنيه، وكذلك إذا تعدد الدائنون أصحاب حقوق الامتياز كالمؤجر وبائع المنقول وأوقع الأول حجزاً تحفظياً على منقولات المستأجر التي تمثل كل أمواله وكانت لا تكفي بدين الأجرة ثم استصدر أمراً بالأداء بصفة انتهائية، فإن امتداد حجيته إلى بائع المنقول لا يرتب ضرراً له لأنه لو ألغى الأمر ما عاد عليه منفعة لضآلة حصيلة التنفيذ ومن ثم لا يجوز رفع التماس إعادة النظر.

4- توافر الغش ممن امتدت حجية الحكم منه إلى الطاعن، فإذا اثبت الملتمس غش من كان يمثله بقصد الإضرار بكل من تتعدى إليه حجية الحكم مما أدى ذلك إلى صدور  الحكم ضده كعدم التمسك بالمقاصة وإخفاء الدليل عليها، أو إخفاء المستندات أو عدم إبدائه دفوعاً مؤثرة أو عدم مولاة إجراءات الخصومة مما أدى إلى التأثير على الحق جاز طلب التماس إعادة النظر بعد صدر الحكم([54]).

ومما سبق يتضح أن الحكم القضائي الصادر بصفة انتهائية أو المطعون فيه بالتماس إعادة النظر يكون حجة على الملتمس دون أن يكون طرفاً في الخصومة القضائية، سواء كخصم أصلي أو كخصم عارض، بسبب علاقته بأحد أطراف هذه الخصومة القضائية، أو اعتماد مركزه القانوني على الحق الذي تناوله الحكم القضائي الصادر بصفة انتهائية والمطعون فيه بالتماس، ولكي يقبل الالتماس في هذه الحالة يجب أن يكون الحكم الملتمس قد أضر بالملتمس بالرغم من عدم تدخله أو إدخاله فيها حتى تتوافر له المصلحة في الطعن، وأن يثبت غش ممثله الحكمي.

وقد كان الأحرى بالمشرع اليمني حذفها والاكتفاء بعدم الحجية لأن الأصل إن الحجية نسبية تقتصر على من كان خصماً في الدعوى ولا تمتد إلى الغير.

 

 

المطلب الخامس

الطعن بالالتماس القائم على مخالفة مقتضيات القانون من الشخص القائم بالدفاع

تنص المادة (304/6) يجوز للخصوم التماس إعادة النظر (إذا صدر الحكم على شخص طبيعي أو اعتباري لم يكن ممثلاً تمثيلاً صحيحاً في الدعوى).

تعالج هذه الحالة عدم تمثيل المحكوم عليه تمثيلاً صحيحاً في الدعوى التي صدر فيها الحكم محل الالتماس ويشمل النص كافة حالات النيابة، سواء كانت النيابة قانونية كنيابة الولي الطبيعي أو الوصي على القاصر أو القيم المحجوز عليه أو وكيل الغائب أو قضائية، كالحارس القضائي أو السنديك أي وكيل الغائبين، ولم يقصر المشرع اليمني عدم تمثيل المحكوم عليه على النيابة القضائية أو القانونية وإنما جاء النص عاماً مما يشمل النيابة الاتفاقية كحالة عدم صحة الوكالة في الخصومة أو خروج الوكيل عن نطاق وكالته ومن المعروف أن الأعمال التي يقوم بها محام لم يوكل أصلاً قبل رفع الدعوى.

ومهما يكن من الأمر سواء كانت النيابة اتفاقية أو قانونية أو قضائية. فإذا لم يتم تمثيل الشخص تمثيلاً صحيحاً في الدعوى، فلا يعتبر طرفاً في الخصومة مما يجعل الحكم باطلاً لأن المحكوم عليه لم يكن طرفاً في الدعوى.

ومن ثم يشمل النص التمثيل القانوني والقضائي للشخص الاعتباري بوجه عام سواء كان عاماً أو خاصاً وسواء كان شركة أو جمعية أو مؤسسة أو غير ذلك من الأشخاص الاعتبارية ويرجع في تحديد ممثلها إلى سند إنشائها كما يشمل التمثيل للأشخاص الطبيعيين وفقاً للقواعد القانونية التي تحكم نيابة الغير عن عديم أو ناقص الأهلية، كما يشمل النيابة الاتفاقية ويرجع في تحديد وتنظيم إجراءاتها إلى قانون المرافعات، كما يعالج حالة التمثيل غير الصحيح كان توجه الدعوى إلى الشخص الاعتباري لغير ممثله القانوني، أو ممثله القانوني الذي زالت صفته في تمثيله أثناء نظرها دون اختصام صاحب الصفة الجديدة أو توجه الدعوى إلى ممثل الشخص الطبيعي في أمر يخرج أساساً من نطاق النيابة.

ومما سبق يتضح إن لكل من لم يمثل تمثيلاً صحيحاً في الدعوى ثم صدر حكم فله التماس إعادة النظر فيه، أما إذا كان التمثيل صحيحاً ولكن قصر الممثل بالدفاع عن مصالح من يمثله فلا يجوز الطعن بالحكم بالتماس لأن النص يواجه فقط مسألة عدم صحة التمثيل.

ومما يجدر ملاحظته إن القانون اليمني لم يكن موفقاً في إدخال هذه الحالة ضمن حالات الالتماس لأن عدم التمثيل الصحيح يعتبر خطأ في الإجراءات الذي يترتب عليه بطلان الحكم، لأنه من شروط قبول الدعوى أن تكون قد رفعت إلى المحكمة بالطريقة والإجراءات الصحيحة وإذا تبين للمحكمة نقض أو بطلان في الإجراءات تأمر باستكمال النقص أو تصحيح الباطل فإن عجز الخصم عن استكمال النقص أو تصحيح الإجراء الباطل لا تقبل الدعوى شكلاً، فإن قبلت الدعوى برغم عدم التمثيل الصحيح وصدر حكم يكون الطعن فيه بالاستئناف إذا كان ابتدائياً، وبالنقض إذا كان استئنافياً، لأنه خطأ في الإجراءات، أما في حالات عدم وجود تمثيل قانوني صحيح في الدعوى القضائية، فإن الحكم الصادر لا يعتبر حجة على الأصيل لأنه من الغير ويعتبر باطلاً لعيب في الإجراء ويعتبر سبباً من أسباب الطعن بالنقض، وهو ما نص عليه المشرع اليمني في المادة 292/2 يجوز للخصوم أن يطعنوا أمام المحكمة العليا... في الأحوال الآتية(إذا وقع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم..).

مما موداه أن القانون اليمني خلط بين نظام الطعن بالنقض والطعن بالتماس إعادة النظر لأن  عدم التمثيل الصحيح هو خطأ أو عمل من أعمال الغير ويمكن اكتشافه بعد صدور الحكم مما يجعل ذلك الحكم باطلاً لخطأ في الإجراءات) ([55]).

وتطبيقاً لذلك الالتماس الصادر عن المحكمة العليا الدائرة المدنية برقم (275) لسنة 1421هـ وتاريخ 10ذي القعدة 1421هـ حيث اعتبرت عدم تمثيل المقاسم أو وكيله سبب من أسباب الالتماس حيث جاء فيه: (وعليه فقد تبين للدائرة المدنية الأولى بالمحكمة العليا من خلال مطالعة ما حواه ملف القضية وبعد المداولة تبين أن المدعى عليه أبرز مستنداته الحاكية تملكه لموضع معاقد الدبا لدى المحكمة الابتدائية فأصدرت حكمها القاضي بأن معاقد الدبا وأشعافهن وأطرافهن...) حسبما حكته الفصول والبصائر بيده ثم تعقب ذلك ما تحرر من القاضي....) وتعين القاضي )..... رئيساً للمحكمة بدلاً عنه من أنه تم تقسيم الشعوف نظراً للمصلحة عن كل من ورثة المذكورين أعلاه وعند التأمل تبين أن المدعى عليه المحكوم له لم يحضر تلك القسمة ولا يوجد أي دليل أو ذكر فيما تحرر على حضوره أو حضور من ينوب عنه إنابة شرعية أو موافقته أو إجازته لذلك كما إن المدعي المحكوم عليه لم يثبت لدى محكمة الاستئناف صحة ما حرر مؤخراً من قبل القاضي،...) بعد نقله من المحكمة أو إحضار شهود التقسيم أو غيره.

حيث تبين لنا تحقيق حالة من حالات إعادة النظر في الأحكام طبقاً للفقرة السابقة من المادة (266) مرافعات.

وعليه فإن الدائرة المدنية الأولى بالمحكمة العليا تقرر الآتي:

1)    قبول الالتماس طبقاً لنص المادة (266) الفقرة السابقة من قانون المرافعات والتنفيذ المدني.

2)    تأييد الحكم الاستئنافي([56]).

وكذلك القرار الصادر عن المحكمة العليا برقم (4566) لسنة 1421هـ لتوفر حالة من حالات الالتماس، وهو عدم حضور المورث لدى المحكم حيث جاء فيه: (بعد الإطلاع على الحكمين الابتدائي والاستئنافي وعلى حكم التحكيم وعلى عريضة الالتماس والرد عليها وبعد المداولة تبين إصرار الملتمسين على إنكار عدم حضور مؤرثهم لدى المحكم مع إفادتهم أن أوراقهم التي ذكرت في حكم التحكيم كانت لدى شخص وأنه لا علم لهم ولا لمؤرثهم بحكم التحكيم مع إنكارهم صحة الحكم الأمر الذي جعلنا نرى إعادة القضية إلى محكمة المسراخ الابتدائية موطن الطرفين والمحكم للاستفصال حول صحة أن مجرد حضور مؤرثهم وترددهم إلى المحكم واستكمال ما يلزم في إثبات وقوعه وصحته لما ذكرنا لبراءة الذمة، ولذلك قررنا ما يلي:

1)    قبول الالتماس شكلاً.

2)  إعادة القضية إلى محكمة المسراخ لإجراء ما يلزم بخصوص حكم المحكم المذكور والتأكد من وقوعه وصحته ثم البت بما يلزم شرعاً في أقرب وقت ممكن.

3)    لا حكم بالنسبة للكفالة حتى يصير الحكم نهائيا([57])ً.

والله ولي التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل،،،

صدر بالمحكمة العليا بصنعاء بتاريخ 22شهر ذي القعدة سنة 1421هـ الموافق 15/2/2001م ))

 

 

المطلب السادس

الالتماس القائم على إخلال القاضي بواجب الحياد والتسبيب

تنص المادة (304/7) على جواز الطعن بالتماس إعادة النظر (إذا ظهر عند تنفيذ الحكم إنه قضى بشيء لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه).

وتنص في الفقرة الثامنة على جواز الالتماس (إذا ظهر عند تنفيذ الحكم تناقض منطوقه مع البعض الآخر) وسنحاول تناول هذا الوجه من أوجه الالتماس في الفروع الآتية:

 


الفرع الأول

الحكم بما لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه

من المعروف إنه يقع على عاتق القاضي وهو ينظر النزاع المطروح عليه مجموعة من الواجبات الأساسية أول هذه الواجبات وأهمها هو ضرورة احترام حدود الطلب القضائي كما حدده الخصوم، لأن الخصومة ملك للخصوم فهم أحرار في رفع الأمر إلى القضاء، وهم أحرار في التنازل عنه بعد رفعه أمام المحكمة استناداً إلى مبدأ سيادة الخصوم، مما يترتب عليه منع القاضي من تعديل الطلب القضائي فإذا حكم بما لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه، فإنه يحصل اعتداء جسيم على مبدأ احترام الدفاع([58]) وقد أخل القاضي بمبدأ الحياد الفني الذي يوجب على القاضي أن يصدر حكمه بناء على الأدلة والإدعاءات التي طرحت أمامه، وأن يتقيد بحدود الطلب المقدم إليه وبالأساس الذي قام عليه([59]).

ومن أمثلة ذلك إذا طلب شخص حق ارتفاق أو انتفاع أو استعمال فحكم له بالملكية، أو إذا رفع شخص طلباً بمبلغ معين فحكم له بأكثر من ذلك المبلغـ أو إذا طلب لشخص الحكم له بملكية شيء قضى له بثمن ذلك الشيء.

لكن يلاحظ إنه لا يعد قضاء بما لم يطلبه الخصوم الحكم بما يتعلق بالنظام العام، أو بما تضمنه طلبات الخصوم، أو الحكم بأقل مما طلبه الخصوم، أو الحكم بما لها أن تقضي به بغير طلب كالإحالة على التحقيق، أو الحكم لمن فوض لها الرأي، أو الحكم في غيبة المدعى عليه في دعوى المدعي الحاضر([60]).

ومن الملاحظ إنه ليس كل حكم بما لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه يعتبر قابلاً للالتماس، ولكن يجب التفرقة بين إذا ما قضت المحكمة بما لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه عامدة مدركة حقيقية ما قدم لها من طلبات، مسببة قضاءها فيكون سبيل الطعن هو النقض، وبين الحكم دون أن تكون عامدة في ذلك فيكون سبيل ذلك هو الالتماس([61]). وسبب هذه التفرقة إن القاضي الذي يحكم بما لم يطلبه الخصوم وهو مدرك تمام الإدراك لهذا قد ارتكب مخالفة للقانون تبرر الطعن في هذا الحكم بطريق النقض، إذ لا فائدة في هذه الحالة من العودة إلى ذات القاضي مصدر الحكم عن طريق الالتماس لمطالبته لسحب حكمه بحجة أنه سهو أو عن غير قصد قد حكم بما لم يطلبه الخصوم.

وإذا كان أساس إجازة الطعن في هذه الحالة يرجع أن القاضي قد أصدر حكمه في مسألة غير متنازع عليها لأنه لم يقدم بشأنها طلب قضائي، وبالتالي فإن حكمه يكون في الواقع ومن الوجهة الفنية معدوماً لأنه فقد ركناً من الأركان الشكلية المنصوص عليها في المادة (217) حيث نصت (الحكم قرار مكتوب صادر في خصومة معينة من ذي ولاية قضائية شرعية وقانونية) فحددت بذلك الأركان الشكلية للحكم في شكل الحكم وشخص الحكم ووجود المطالبة القضائية، فإذا تخلف ركن من تلك الأركان يعتبر الحكم منعدماً إذا فقد أحد الأركان المنصوص عليها في المادة (217).

وبالنظر إلى نص الفقرة السابقة من المادة (304) نجد أن الحكم الصادر بما لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه يعتبر صادراً بغير خصومه قضائية فاقداً أحد الأركان الشكلية، مما يترتب عليه الانعدام ويجب لمواجهة هذه الحالة إتباع الإجراءات القانونية لمواجهة الحكم المنعدم وفقاً لنص المادة(57).

ومما تجدر ملاحظته إن القانون اليمني لم يكن موفقاً في إدخال هذه الحالة ضمن حالات الالتماس، لعدم وجود طلب قضائي أو وقائع تسمح بهذا الطلب تؤدي إلى هذا الحكم، مما يجعل ذلك مخالفتاً واضحة للقانون، فيكون الحكم منعدماً، فكان الأحرى بالمشرع وقد نظم فكرة الانعدام عدم ذكرها ضمن حالات الالتماس ولعله قد سار على ما عليه القوانين العربية كالقانون المصري، وكان الأحرى به عدم الأخذ بذلك بسبب تبنيه فكرة انعدام الأحكام القضائية وهو سبق يشكر عليه.

إن المشرع اليمني لم يدخل هذه الحالة ضمن حالات الالتماس فحسب كما هو معول به في بعض القوانين العربية بل ربط ميعاد الالتماس بظهور هذه الحالة أمام قاض التنفيذ، برغم إن الأحكام القابلة للتنفيذ هي الأحكام النهائية التي تتضمن إلزاماً بأداء قانوني، أما الأحكام التي تتضمن تقريراً لمراكز قانونية أو إنشاء لمراكز قانونية فلا تكون صالحة للتنفيذ الجبري لأن الحكم التقريري والحكم المنشئ وإن كان يرتب أثاراً قانونية إلا أنه لا يحتاج إلى التنفيذ الجبري، مما مؤداه إن الأحكام التقريرية والمنشئة وإن تحقق فيهما هذا العيب، ومع ذلك فلا تخضع لنظام الالتماس مما يجعل ذلك إخلالاً بمبدأ المساواة في مبدأ ممارسة الطعن في الأحكام ويجعل ذلك النظام في حالة عوار دستوري)([62]).

ومما سبق يتضح أن المشرع اليمني قد أدخل هذه الحالة ضمن حالات الالتماس برغم إنها تدخل ضمن حالات الانعدام والذي أفرد له القانون مواد مستقلة وكان له السبق في ذلك من بين القوانين العربية وإن كانت بعض الدول تأخذ بفكرة الانعدام إلا أنها لم تنظمنه في مواد مستقلة وكان الأحرى به الاكتفاء بذلك وعدم ذكرها ضمن حالات الالتماس لكي لا يوجد خلط بين المواد نفسها في القانون نفسه.

 

الفرع الثاني

تناقض بعض منطوق الحكم مع البعض الأخر

إن هذه الحالة من حالات الالتماس، تقتضي استبعاد الحالة التي يوجد فيها حكم قضائي مشتملاً على مجرد أخطاء مادية أو مجرد غموض تقتضي الحاجة إلى طلب تفسيره، أو مجرد تعارض أو تضارب في أسبابه، وكذلك الحالة التي يوجد فيها حكمان نهائيان متعارضان أو متناقضان، أو  حكم ابتدائي مناقض لحكم نهائي، وباستبعاد جميع هذه المسائل يخلص بنا وجه الطعن بالتماس المنصوص عليه في المادة 304/8.

ويقصد بالتناقض في المنطوق، أن يكون هذا المنطوق رغم تمامه ووضوح عباراته، إلا أنه متضارب بعضه مع البعض الأخر، فنص منه يؤكد والأخر ينفي، أو نص يلزم ونص يبري الذمة أو نص يقرر المسئولية ونص ينفيها، أو نص يثبت الواقعة ونص يمحوها من الوجود([63]).

فإذا صدر حكم وأصبح قابلاً للتنفيذ الجبري فإن تنفيذه يتم وفقاً لما تضمنه منطوقه، فإذا تعذر ذلك لعدم معرفة حقيقة ما قضى به الحكم، تعين الرجوع إلى نفس المحكمة عن طريق الطعن في حكمها بالالتماس وهو ما سار عليه القانون المصري والذي فرق بين التناقض في أسباب الحكم والتناقض في المنطوق حيث جعل التناقض في الأسباب يوجب سلوك سبيل الطعن على الحكم عن طريق النقض، وإذا كان التناقض في المنطوق يكون الطعن فيه بالالتماس إعادة النظر وحيث عرفت محكمة النقض المصرية التناقض الذي يصلح سبباً للالتماس بقولها (التناقض الذي يبطل الحكم ويؤدي إلى نقضه هو التناقض الذي يقع في الأسباب بحيث لا يفهم معه على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به، أما التناقض في المنطوق فهو من أحوال الطعن بطريق الالتماس)([64]).

أما المشرع اليمني جعل تناقض المنطوق مع بعضه البعض من ضمن حالات الطعن بالنقض وهو ما نص عليه في المادة (292/3) وكذلك حالة من حالات الالتماس وهو ما نص عليه في المادة (304/8) فما هو قصد المشرع من ذلك؟ أيقصد المشرع أن الأصل الطعن فيه أمام المحكمة العليا فإذا انتهت مدة الطعن أمام المحكمة العليا يتم الطعن فيه عن طريق الالتماس، ولا أرى إن قصد المشرع ذلك لأنه ربط الالتماس بوقت التنفيذ، ومن المعلوم أن هناك أحكام صادرة بصفة انتهائية قابلة للتنفيذ الجبري فور صدورها، برغم جواز الطعن فيها أمام المحكمة العليا، علاوة أن نظام الالتماس يعالج أخطاء في تقدير الوقائع وفي مثل هذه الحالة يعتبر حكم القاضي مخالفاً للقانون الإجرائي الذي يوجب أن يكون التسبيب منطقياً وألا يناقض بعضه بعضاً إضافةً أن (تناقض منطوق الحكم مع بعضه يجعل الحكم خالياً من المنطوق وهو أهم ركن شكلي في الحكم القضائي مما يجعل ذلك الحكم منعدماً وغير ذي جدوى في نظر الفقه)([65]).

ومما سبق أنه كان أحرى بالمشرع اليمني عدم إدخال هذه ضمن حالات الالتماس لكونها تدخل تحت فكرة الانعدام وهو ما نص عليه المشرع اليمني صراحة في المادة (56) وعلى ما سبق تفصيله في الفرع الأول.


الخاتمة

أولاً: النتائج:

من خلال دراستنا لأسباب التماس إعادة النظر، والأحكام الجائز التماسها في قانون المرافعات اليمني نوجز النتائج الآتية:

1) حدد المشرع اليمني أسباب التماس إعادة النظر على سبيل الحصر في المادة (304) على النحو الآتي:

- الغش الصادر من المحكوم له أو ممن يمثله أو من الغير إذا كان المحكوم له شريكاً معه بالمساهمة أو الاشتراك، الصادر بطرق احتيالية، المخالف لمبدأ حسن النية، المغير لحقائق الأمور، الذي من شأنه تضليل المحكمة فأثر على عقيدتها، فأصدرت الحكم على نحو لم تكن لتصدره لو كانت تعلم بحقائق الوقائع، بشرط أن يكون خافياً على الملتمس طيلة نظر الدعوى التي صدر فيها الحكم.

- تزوير الأوراق والشهادة وكذلك حلف اليمني الكاذبة إذا كان من شأنها التأثير في إصدار الحكم بحيث لولا تلك الأدلة لما قضت المحكمة فيما قضت به، ولابد من إثبات تلك التزوير عن طريق حكم نهائي قاضي بتزوير الأوراق أو بأن الشهادة مزورة أو بأن اليمين كاذبة والحكم هو الطريق الوحيد لإثبات الشهادة المزورة واليمين الكاذبة بخلاف الأوراق المزورة كما تثبت بحكم نهائي تثبت بالإقرار.

- حصول المحكوم عليه على أوراق قاطعة في الدعوى لدى الخصم الملزم بتقديمها إذا حجزها أو حال دون تقديمها وكان المحكوم عليه جاهلاً تلك الورق طيلة نظر الدعوى وكذلك أضاف المشرع اليمني وجود الورقة المزورة لدى الغير في حالة عدم علم الملتمس بها، وقد أخذ ذلك على المشرع اليمني لكونه لم يقيد هذه الحالة بأي قيد كاليمين الحاسمة على الملتمس والغير، وكذلك لم يقيدها بوقت محدد (ثلاث سنوات-خمس سنوات) مما يجعل هذه الحالة مؤدية إلى شيوع التزوير.

- إذا كان الحكم الصادر في دعوى حجة على شخص لم يكن طرفاً بشخصه أو من يمثله قانوناً في تلك الدعوى التي صدر فيها الحكم، إذا كان من شأن تلك الحجية إلحاق ضرر بالملتمس، وقد أخذ ذلك  على المشرع اليمني لأنه كان يكفي مواجهة هذا الحكم بفكرة عدم الحجية.

-إذا صدر حكم على شخص طبيعي أو اعتباري لم يكن ممثلاً تمثيلاً صحيحاً، سواء كان التمثيل قانونياً أو قضائياً أو اتفاقي وتقتصر هذه الحالة على عدم التمثيل لا القصور في التمثيل، ولم يكن المشرع موفقاً في إدخال هذه ضمن حالات الالتماس لأن عدم التمثيل هو خطأ أو عمل من أعمال الغير، وهو خطأ في الإجراءات وكان نظام الطعن أقرب إلى هذه الحالة.

- إذا ظهر عند تنفيذ الحكم أنه قضى بأكثر مما طلبه الخصوم أو بشيء لم يطلبوه في صحيفة دعواهم فيجوز التماس الحكم أمام المحكمة التي أصدرته بخلاف الحكم بما يتعلق بالنظام العام أو ما تضمنته دعوى الخصوم أو بأقل مما طلبوه فإنه لا يجوز الالتماس في مثل تلك، ولم يكن المشرع اليمني موفقاً في إدخال هذه الحالة لأن الحكم يعتبر منعدماً طبعاً للمادة (56) مرافعات.

- إذا ظهر عند تنفيذ الحكم تناقض بعض منطوق الحكم مع بعضه الأخر، بحيث يتعذر معرفة حقيقة ما قضى به الحكم فيتعين الرجوع إلى نفس المحكمة التي أصدرت الحكم عن طريق الطعن في حكمها بالالتماس بخلاف التناقض في الأسباب أو التناقض بين حكمين نهائيين أو حكم نهائي مع حكم ابتدائي فإنه لم يجوز الالتماس، ولم يكن المشرع اليمني موفقاً في إدخال هذه الحالة ضمن حالات الالتماس، لأن تناقض المنطوق مع بعضه الأخر هو عمل من أعمال القاضي وليس من موضوع الدعوى وهو خطأ في الإجراءات وليس خطأ في الوقائع مما يجعل الحكم منعدماً.

 

2) قصر القانون اليمني في المادة (305) الالتماس على أحكام محددة دون غيرها على النحو الآتي:

- الأحكام الابتدائية الصادرة بحدود نصابها النهائي أو التي نص القانون على عدم جواز التماسها أما التي أصبحت نهائية بمضي المدة فإن الفقه القانوني لا يجيز التماسها انطلاقاً من الملتمس يعتبر تاركاً استئنافه بخلاف القانون اليمني الذي أجاز التماسها وقد اقترحنا أن يتم التفرقة بين حالتين: فيجوز الالتماس في حالة ظهور إحدى حالات الالتماس بعد انتهاء مدة الطعن ومنعه في حالة ظهور إحدى حالات الالتماس خلال ميعاد الاستئناف لأنه في هذه الحالة يجوز للمحكوم عليه الطعن بالاستئناف.

- وفقاً للفقه والقانون المقارن، فإن جميع الأحكام الصادرة عن محكمة الاستئناف يجوز التماسها ولكن المشرع اليمني قيدها بمضي مدة الطعن أمام المحكمة العليا فوقع في خلط بين نظام الالتماس ونظام النقض وكان الأحرى به ألا يقيدها بمضي ميعاد الطعن بالنقض.

- الأحكام الصادرة من المحكمة العليا لا يجوز التماسها فقهاً وقانوناً ولو كانت المحكمة العليا محكمة موضوع لأنها نهاية المطاف، وحفاظاً على استقرار الأحكام تضحيتاً بنظام الالتماس على حساب نظام حجية الأمر المقضي، ولكن المشرع اليمني أجاز التماسها إذا كانت محكمة موضوع، علاوة على فصلها بالالتماس من حيث الشكل في حالة عدم فصلها في الموضوع وإعادتها إلى المحكمة التي أصدرت الحكم محل الالتماس، مما يجعل ذلك تطويلاً للإجراءات وتوزيعها الاختصاص وحتى في حالة كونها محكمة موضوع فإنه لا يجوز الالتماس بنص القانون نفسه. وكان الأحرى بالمشرع اليمني أن ينص على عدم جواز التماس أحكام المحكمة العليا.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ثانياً: التوصيات:

لما سبق وأن عللناه من خلال شراح القانون نوصي المشرع اليمني:

أ) تعديل الفقرة الرابعة من المادة (304) وحذف الفقرة الخامسة والسادسة والسابعة والثامنة لتصبح المادة بعد التعديل على النحو الآني:

((التماس إعادة النظر في الأحكام طريق استثنائي للطعن فيها، لا يجوز للخصوم اتباعه إلا عند تحقق إحدى الحالات الآتية:

1-    إذا تبين للمحكوم عليه بعد صدور الحكم وقوع غش من خصمه كان من شأنه التأثير في الحكم.

2-    إذا حصل بعد الحكم إقرار بتزوير الأوراق التي بني عليها أو قضى بتزويرها.

3-    إذا كان الحكم قد بني على شهادة أو يمين قضى بعد صدوره بأن الشهادة زوراً أو بأن اليمين كاذبة.

4-  إذا حصل الملتمس بعد صدور الحكم على أوراق قاطعة في الدعوى كانت لدى الغير خلال ثلاث سنوات من تاريخ النطق بالحكم دون علم الملتمس بها بعد أخذ اليمين من الملتمس والغير أو كان خصمه قد احتجزها أو حال دون تقديمها)).

ب- تعديل الفقرة الأولى والثانية وحذف الثالثة من المادة (305) لتكون المادة بعد التعديل على النحو الآتي:

((إذا تحققت بعد صدور الحكم حالة من الحالات المحددة في المادة (304) فللخصم أن يلتمس من المحكمة التي أصدرت الحكم إعادة النظر فيه وذلك على التفصيل الآتي:

1-الأحكام الابتدائية الصادرة بصفة انتهائية أو أصبحت نهائية بمضي مدة الطعن بالاستئناف في حالة ظهور إحدى حالات الالتماس بعد فوات ميعاد الاستئناف.

2- الأحكام الصادرة عن محاكم الاستئناف.

وأخيراً نقول الحمد لله حمداً كثيراً يليق بجلال قدرته وعظيم شأنه فهذا ما وفقني الله إليه، فما كان من صواباً فهو بفضله وما كان من خطأ فهو مني، فالكمال لله وحده وهو الهادي إلى سواء السبيل...

 

قائمة المراجع

أولاً: المراجع العامة:

1)    د/ أحمد أبو الوفاء، أصول المحاكمات المدنية، الدار الجامعية، بيروت، 1983م.

2)    د/ أحمد أبو الوفاء، التعليق على نصوص قانون المرافعات، الطبعة الرابعة، دار المعارف، الإسكندرية، 1984م.

3)  د/ أحمد السيد صاوي، الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية، دار النهضة العربية، القاهرة، ط بدون، 1981م.

4)    د/ أحمد هندي، أصول المحاكمات المدنية، دار الجامعة، الإسكندرية، ط بدون، تاريخ النشر بدون.

5)    د/ أمينة النمر، أصول المحاكمات المدنية، الدار الجامعية، الإسكندرية ط بدون، تاريخ النشر بدون.

6)  د/ سعيد خالد جباري الشرعبي، الموجز في أصول قانون القضاء المدني، الطبعة الثالثة، مركز الصادق، صنعاء، 2003م.

7)    د/ فتحي والي، الوسيط في قانون القضاء المدني، دار النهضة العربية،الطبعة الثانية،  1981م.

8)    د/ محمد السيد عمر التحيوي، الطعن في الأحكام القضائية، دار الفكر، الإسكندرية، ط بدون، 2006م.

9)    المحامي/ محمد كمال عبد العزيز، تقنين المرافعات في ضوء القضاء والفقه، الجزء الأول، الطبعة الثالثة، بدون ناشر، 1995م.

10)   المستشار/ أنور المحروس، أصول المرافعات الشرعية، الطبعة الثالثة، دار الكتاب، شركة الإسكندرية للطباعة والنشر، بدون تاريخ.

11)       المستشار/ أنور طلبة، موسوعة المرافعات المدنية والتجارية، الجزء الخامس، شركة الحداد للطباعة، الإسكندرية.

12)       المستشار/ سعيد شعلة، قضاء النقض المدني في الطعن في الأحكام، دار الكتب القانونية، مصر، 2004م.

13)   المستشار/ عز الدين الدنياصوري، التعليق على قانون المرافعات، الجزء الثاني، الطبعة العاشرة، بدون تاريخ، بدون طبعة.

14)   المستشار/ مصطفى حجزي، موسوعة المرافعات المدنية والتجارية والإدارية والجنائية، المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية، 2005م.

15)   المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، الموسوعة القضائية في المرافعات المدنية والتجارية، الجزء الثاني، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، ط بدون، 1995م.

16)   القواعد القضائية، المستخلص من بعض الأحكام الصادرة عن المحكمة العليا، المكتب الفني،العدد الأول، الجزء الأول، المطبعة القضائية، الحصبة، اليمن، 2004م.

المراجع المتخصصة:

1)  د/ إبراهيم سيد أحمد، التماس إعادة النظر في المواد المدنية والتجارية فقهاً وقضاء، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2004م.

2)  د/ نبيل إسماعيل عمر، الوسيط في الطعن بالتماس إعادة النظر في المواد المدنية والتجارية، دار الجامعة للنشر، الإسكندرية، 2000م.

3)  المستشار/ أنور طلبة، الطعن بالاستئناف والتماس إعادة النظر، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، تاريخ بدون، طبعة بدون.

4)  المستشار/ محمد أحمد عابدين، التماس إعادة النظر في المواد المدنية والتجارية، دار الجامعة الجديدة، دار النشر، الإسكندرية،1984م.

ثالثاً: الرسائل العلمية:

د/ سعيد خالد الشرعبي، حق الدفاع أمام القضاء المدني، دراسة مقارنة بين القانون اليمني والفقه الإسلامي، والقانون المصري، رسالة دكتوراه، جامعة عين شمس، مصر، الناشر أوان للخدمات الإعلامية، 1996م.

 

 

فهرس المحتويات

الـمـوضـــــــوع

الصفحة

الإهداء

3

شكر وتقدير

4

المقدمة

5

مطلب تمهيدي: مفهوم الالتماس وتميزه عن غيره من طرق الطعن

7

 

المبحث الأول

الأحكام الجائز التماسها

10

المطلب الأول: الأحكام الجائز التماسها

10

الفرع الأول: الأحكام الابتدائية الصادرة بصفة انتهائية

11

الفرع الثاني: الأحكام الصادرة من المحاكم الاستئنافية

14

الفرع الثالث: أحكام المحكمة العليا إذا محكمة موضوع

16

الفرع الرابع: الأحكام المستعجلة

18

المطلب الثاني: الأحكام التي لا يجوز التماسها

19

الفرع الأول: الأحكام الصادرة بالالتماس

19

الفرع الثاني: الأحكام الابتدائية القابلة للاستئناف

20

الفرع الثالث: الأحكام الصادرة عن المحكمة  العليا

21

المبحث الثاني

أسباب التماس إعادة النظر

22

المطلب الأول: الالتماس القائم على وقوع غش من الخصم

22

الفرع الأول: المقصود بالغش

22

الفرع الثاني: شروط الغش

23

المطلب الثاني: أسباب التماس إعادة النظر المبنية على التزوير

25

الفرع الأول: المقصود بالتزوير المعتبر سبباً للالتماس

26

الفرع الثاني: شروط قبول إعادة النظر بناءً على الأوراق المزورة

27

الفرع الثالث: بني الحكم على الشهادة المزورة

28

المطلب الثالث: أسباب الالتماس القائم على مسلك الخصوم في القضية

30

المطلب الرابع: أسباب الالتماس ممن يعتبر الحكم حجة عليه ولم يكن خصماً في الدعوى

33

المطلب الخامس: أسباب الالتماس القائم على مخالفة مقتضيات القانون في الشخص القائم بالدفاع

35

المطلب السادس: الالتماس القائم على إخلال القاضي بواجب الحياد والتسبيب

38

الفرع الأول: الحكم بما لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه

39

الفرع الثاني: تناقض بعض منطوق الحكم مع البعض الآخر

41

الخاتمة

43

قائمة المراجع

47

فهرس المحتويات

49

 



([1]) راجع الدكتور/ أحمد السيد صاوي، الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية دار النهضة العربية، القاهرة، 1981م، بند 469، ص695. ود/ أمينة النمر، أصول المحاكمات المدنية، الدار الجامعية، الإسكندرية، تاريخ النشر بدون، بند36، ص309. والمستشار أنور طلبه، الطعن بالاستئناف والالتماس، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، تاريخ النشر بدون، ص1171.

([2]) انظر د/ سعيد خالد الشرعبي، الموجز في أصول قانون القضاء المدني، الطبعة الثانية، مركز الصادق، صنعاء، 2003م، ص606.

([3]) راجع د/ أحمد أبو الوفاء، التعليق على نصوص قانون المرافعات، الطبعة الرابعة، تاريخ النشر بدون، المعارف، الإسكندرية، بند241، ص 487.

([4]) راجع د/ أحمد أبو الوفاء، أصول المحاكمات المدنية، الدار الجامعية، بيروت، 1981، بند514، ص751.

([5]) راجع المحامي محمد كمال عبدالعزيز، تقنين المرافعات في ضوء القضاء والفقه،بلد النشر بدون، تاريخ النشر بدون، الطبعة الثالثة الجزء الأول، ص1611.

([6]) راجع د/ أحمد هندي، أصول المحاكمات المدنية، دار الجامعة، الإسكندرية بند288، ص416،.

([7]) راجع المستشار/ أنور طلبه، الطعن بالاستئناف والالتماس، مرجع سابق، ص 1175.

([8]) راجع د/ سعيد خالد الشرعبي، حق الدفاع أمام القضاء المدني، دراسة مقارنة بين القانون المصري واليمني، والفقه الإسلامي، جامعة عين شمس، القاهرة، أوان للخدمات الإعلامية،1996م، ص721.

([9]) انظر المحامي، محمد كمال عبد العزيز، تقنين المرافعات في ضوء الفقه والقضاء، بلد النشر ودار النشر، بدون، الطبعة الثالثة، الجزء الأول، مرجع سابق، ص1611.

([10]) راجع د/أحمد أبو الوفاء، أصول المحاكمات المدنية،الدار الجامعية، بيروت، 1983م، ص 752.  ود/ فتحي والي، الوسيط في قانون القضاء المدني، دار النهضة العربية، بلد النشر، بدون، ص824. ود/محمد السيد عمر التحيوي، الطعن في الأحكام القضائية، الإسكندرية، دار الفكر، تاريخ النشر، بدون ص153. ود/ أحمد السيد صاوي، الوسيط في شرح قانون المرافعات، دار النهضة= =العربية، القاهرة، 1981م. ف470، ص696. ود/ أحمد أبو الوفاء، المرافعات المدنية والتجارية، ص367، مرجع سابق، والمحامي محمد كمال عبد العزيز، تقنين المرافعات في ضوء الفقه والقضاء، الجزء الأول، الطبعة الثالثة، دار النشر بدون، تاريخ النشر بدون، ص1612.

([11]) راجع المستشار أنور طلبة، الطعن بالاستئناف، والالتماس، ص1172، مرجع سابق.

([12]) راجع د/ فتحي والي، الوسيط في قانون القضاء المدني، مرجع سابق، ف362، ص824. ود/ أحمد أبو الوفاء، أصول المحاكمات المدنية، مرجع سابق، ، ص 752. ود/ أحمد السيد صاوي، الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية، مرجع سابق،= =ف470، ص696.  والمستشار أحمد محمد عابدين، التماس إعادة النظر في المواد المدنية والتجارية، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، 1997م، ص 141.

([13]) راجع د/ نبيل إسماعيل عمر، الوسيط في الطعن بالتماس إعادة النظر، الإسكندرية، دار الجامعة للنشر، 2008م، ف815، ص85.

([14]) راجع المستشار/أنور طلبة، الطعن بالاستئناف والتماس إعادة النظر، مرجع سابق، ص1172. ود/ أحمد أبو الوفاء، أصول المحاكمات المدنية، مرجع سابق، ف514، ص751.

([15]) انظر د/ سعيد خالد الشرعبي، الموجز في أصول القضاء المدني، مرجع سابق، ص613.

([16]) انظر د/ سعيد خالد الشرعبي، الموجز في أصول قانون القضاء المدني، مرجع سابق، ص613.

([17]) راجع المحامي/ محمد كمال عبدالعزيز، مرجع سابق، ص1614. ود/ أحمد هندي، أصول المحاكمات المدنية والتجارية، مرجع سابق، ص420. ود/ فتحي والي، الوسيط في قانون القضاء المدني، مرجع سابق، ص824.

([18]) انظر الدكتور/ سعيد خالد الشرعبي، الموجز في أصول قانون القضاء المدني، مرجع سابق، ص614.

([19]) غير منشور.

([20]) انظر الدكتور/ سعيد خالد الشرعبي، الموجز في أصول قانون القضاء المدني، مرجع سابق، ص615.

([21]) راجع المستشار مصطفى مجدي هرجة، الموسوعة القضائية في المرافعات المدنية والتجارية، الجزء الثاني، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 1995م، ص296. ود/ أمينة النمر، أصول المحاكمات المدنية، الدار الجامعية، الإسكندرية، ط بدون، تاريخ نشر بدون، ص 316.

([22]) راجع المستشار/ مصطفى هرجه، ص296، مرجع سابق.

([23]) انظر المحامي/ محمد كمال عبد العزيز، تقنين المرافعات في ضوء القضاء والفقه، مرجع سابق، ص1613.

([24]) راجع د/ أمينة النمر، أصول المحاكمات المدنية، مرجع سابق، ، ص315. ود/ أحمد أبو الوفاء، التعليق على نصوص قانون المرافعات، مرجع سابق، ص886.  ود/ مصطفى صخري، موسوعة المرافعات المدنية والتجارية والإدارية والجنائية، المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية، 2005م، ص996.

([25]) راجع د/ أمينة النمر، مرجع سابق، ص316. ود/ أحمد أبو الوفا، التعليق على نصوص قانون المرافعات، مرجع سابق، ص887.

([26]) راجع د/ أحمد السيد صاوي، مرجع سابق، ص698.

([27]) راجع المستشار أنور طلبة، موسوعة المرافعات المدنية والتجارية، شركة الجلال للطباعة، الإسكندرية، الجزء الخامس، ص74. ود/إبراهيم سعد أحمد، التماس إعادة النظر في المواد المدنية والتجارية فقهاً وقضاءً، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2004م، ص 486.  ود/ أمينة النمر، مرجع سابق، ص316.

([28]) راجع، المحامي/ محمد كمال عبدا لعزيز، تقنين المرافعات في ضوء القضاء والفقه، مرجع سابق، ص1617. والمستشار، أنور طلبه، الطعن بالاستئناف والتماس إعادة النظر، مرجع سابق، ص1175.

([29]) راجع المحامي/ محمد كمال عبد العزيز، مرجع سابق، ص1617. والمستشار/ أنور طلبه، مرجع سابق، ص1176. ود/ فتحي والي، الوسيط في قانون القضاء المدني، الطبعة الثالثة، دار النهضة، 1981م،ف663، ص825،.

([30]) راجع فتحي والي، نفس المرجع، ص828.

([31]) راجع المحامي/ محمد كمال، مرجع سابق، ص1919. ود/ محمود السيد عمر التحوي،  الطعن في الأحكام القضائية، مرجع سابق، ص159، فتحي والي، مرجع سابق، ص828، والمستشار/ عز الدين الديناصوري، التعليق على قانون المرافعات، بلد النشر بدون، تاريخ النشر بدون، الجزء الثاني الطبعة العاشرة، ص597.

([32]) القواعد القضائية المستخلصة من بعض الأحكام الصادرة عن المحكمة العليا، المكتب الفني، الجزء الأول، العدد الأول، المطبعة القضائية المعهد العالي للقضاء، 2004م، ص 264.

([33]) انظر الدكتور، فتحي والي، الوسيط في قانون القضاء المدني، مرجع سابق، ص827.

([34]) راجع فتحي والي، نفس المرجع السابق، نفس الموضع. ود/أمينة النمر، أصول المحاكمات المدنية،مرجع سابق، ، ص311. وأنور طلبة، مرجع سابق، ص1180.

([35]) القواعد القضائية، مرجع سابق، ص324.

([36]) انظر د/ نبيل إسماعيل عمر، الوسيط في الطعن بالتماس إعادة النظر في المواد المدنية والتجارية، مرجع سابق، ف138، ص170.

([37]) نفس المرجع، ص170.

([38]) راجع د/ محمد كمال عبد العزيز، تعيين قانون المرافعات، في ضوء الفقه والقانون، مرجع سابق، ص1620. د/ أحمد السيد صاوي، الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية، مرجع سابق، ص702. د/ فتحي والي، الوسيط في قانون القضاء المدني، مرجع سابق، ص829.

([39]) راجع د/ أنور طلبه، الطعن بالاستئناف والتماس إعادة النظر، مرجع سابق، ص1180.د/فتحي والي، الوسيط في القانون المدني، مرجع سابق، ص829. د/ أحمد أبو الوفاء، مرجع سابق، ف268، ص371. و/ أحمد هندي، أصول المحاكمات المدنية، مرجع سابق، ص419. د/ محمد كمال عبد العزيز، تقنين المرافعات في ضوء الفقه والقانون، مرجع سابق، ص1620.

([40]) راجع د/ نبيل إسماعيل عمر، الوسيط في الطعن بالتماس إعادة النظر، مرجع سابق، ص178.

([41]) راجع د/ محمود التحيوي، مرجع سابق، ص159. والمستشار/ عز الدين الديناصوري، التعليق على قانون المرافعات، مرجع سابق، ص599.

([42]) راجع د/ نبيل إسماعيل عمر، الطعن بالتماس إعادة النظر، مرجع سابق، ص194. والمستشار/ أنور طلبة، الطعن بالالتماس والاستئناف، مرجع سابق، ص1184. د/ أحمد أبو الوفاء، أصول المرافعات المدنية والتجارية، مرجع سابق، ص372. د/ فتحي والي، الوسيط في قانون القضاء المدني، مرجع سابق، ص 829.

([43]) راجع المستشار/ أنور طلبة، نفس المرجع، ص1185.

([44]) راجع د/ نبيل عمر، الطعن بالتماس إعادة النظر، مرجع سابق، ص196، والمحامي محمد كمال، مرجع سابق، ص1621.

([45]) راجع/ نبيل إسماعيل عمر، الوسيط في الطعن بالتماس إعادة النظر، مرجع سابق، ص239. ود/ فتحي والي، الوسيط في القضاء المدني، مرجع سابق، ص820. والمستشار/ أنور طلبة، مرجع سابق، ص1183.

([46]) راجع د/ فتحي والي، ص830، مرجع سابق.

([47]) راجع د/ سعيد خالد الشرعبي، الموجز في قانون القضاء المدني، ص...، مرجع سابق.

([48]) صدر بتاريخ 18 ربيع الثاني 1428هـ الموافق 5/5/2007م، غير منشور.

([49]) راجع المحامي/ محمد كمال عبد العزيز، تقنين المرافعات في ضوء القضاء والفقه، مرجع سابق، ص1630.

([50]) راجع المستشار/ محمد أحمد عابدين، التماس إعادة النظر في المواد المدنية والتجارية، رجع سابق، ص94.

([51]) انظر د/ أحمد السيد صاوي، شرح قانون المرافعات، مرجع سابق، ص 705.

([52]) راجع المستشار/ أنور طلبة، مرجع سابق، ص1191.

([53]) راجع محمد كمال، مرجع سابق، ص1631. وأنور طلبة، مرجع سابق، ص1192. د/نبيل إسماعيل عمر، مرجع سابق، ص260.  د/ أحمد أبو وفاء، أصول المحاكمات المدنية، مرجع سابق، ص833.

([54]) راجع د/ سعيد خالد الشرعبي، الموجز في أصول قانون القضاء المدني، مرجع سابق، ص608.

([55]) راجع د/ سعيد خالد الشرعبي، الموجز في أصول قانون القضاء المدني، مرجع سابق، ص613.

([56]) راجع القواعد القضائية الصادرة عن المحكمة العليا، ص392، مرجع سابق.

([57]) راجع القواعد القضائية الصادرة عن المحكمة العليا، ص392، مرجع سابق.

([58]) صدر في 22/11/1421هـ الموافق 15/2/2001م ، بدون نشر.

([59]) راجع د/ سعيد خالد الشرعبي، الموجز في أصول قانون القضاء المدني، مرجع سابق، ص169.

([60]) راجع العشماوي بند (1316 و 1307) رمزي سيف بنده 71-      ناشر بند 132 وما بعده – إلى بند 376 ونبيل إسماعيل في الالتماس بند 21 (نقلاً عن المحامي محمد كمال عبدالعزيز –تقنين المرافعات في ضوء الفقه والقضاء،مرجع سابق،  ص1623.

([61]) راجع المحامي محمد كمال عبدالعزيز، نفس المرجع السابق، ص1623. د/نبيل إسماعيل عمر، مرجع سابق، ص296، والمستشار أنور طلبة، الطعن بالتماس والاستئناف، مرجع سابق، ص1184. ود/ أحمد السيد صاوي، شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية، مرجع سابق، ص713.

([62]) راجع د/ سعيد خالد الشرعبي، الموجز في أصول قانون القضاء المدني ، مرجع سابق، ص615.

([63]) راجع د/ نبيل إسماعيل عمر، الوسيط في الطعن بالتماس إعادة النظر، ، مرجع سابق بند252، ص325.

([64]) راجع محمد كمال عبد العزيز، تقنين المرافعات في ضوء الفقه والقضاء ، مرجع سابق، ص1627. والمستشار سعيد أحمد شعله، قضاء النقض المدني في الطعن في الأحكام، مرجع سابق، ص 815.

([65]) انظر د/ سعيد خالد الشرعبي، الموجز في أصول قانون القضاء المدني، مرجع سابق، ص906.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اسباب الطعن بالنقض في القانون اليمني

ماهي الحالة التي يجوز فيها الحكم بإعادة القضية الى المحكمة الابتدائية؟

إنكار المحرر العرفي الصادر عن الغير