فسخ عقد الزواج لعدم الكفاءة - دراسة فقهية مقارنة
د. عبد المؤمن عبد القادر شجاع الدين أستاذ الفقه المقارن المشارك – كلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
الملخص:
مشكلة
هذا البحث إجمال النص القانوني الوحيد في قانون الأحوال الشخصية اليمني الذي نظم
فسخ الزواج لعدم الكفاءة، حيث لم يتعرض القانون لأغلب أحكام هذا الموضوع، وأرجع
القضاة والباحثين إلى العمل فيما لم يرد به نص
بأقوى الأدلة في الشريعة الإسلامية، وهذه مهمة عسيرة بل متعذرة، ولذلك فإن أحكام
هذا الموضوع غير مستقرة في أذهان أغلب القضاة والمحامين والباحثين، وعلى هذا
الأساس استهدف هذا البحث جمع أحكام هذا الموضوع من كتب الفقه المعتمدة والإشارة
إلى كيفية تناول هذا الأحكام في بعض القوانين العربية المناسبة لليمن، والمقارنة
والترجيح بين أقوال المذاهب الفقهية بشأن الكفاءة في الزواج، وقد استعمل الباحث
المنهج الاستقرائي والمنهج الوصفي والمنهج التحليلي بحسب مقتضيات البحث، وقد خلص
البحث إلى أن الصفة المعتبرة في الكفاءة بين الزوجين هي الدين فقط، والتوصية بتعديل
قانون الأحوال الشخصية اليمني لتضمينه بعض أحكام الكفاءة بالإضافة إلى بيان
المقصود بصفة الدين؛ وهو أن يكون الزوج محافظاً على الشعائر الإسلامية الظاهرة من
صلاة وصيام وزكاة وعدم إتيان الكبائر.
الكلمات
المفتاحية: عقد الزواج، الكفاءة، فسخ الزواج.
Annulment
of Marriage for Incompetence: A Comparative Study
Abstract:
This
study aimed to investigate the problem of having only one and whole stipulation
in the Personal Status Law which regulates the annulment of marriage for
incompetence reasons, whereby the Law does not address most provisions of this
matter. In case of no stipulation the Law also refers judges and researchers to
consider the strongest evidence from Islamic Sharia, which is a difficult task,
if not impossible. This has made provisions related to this matter unclear in
the minds of most judges, advocates and researchers. Therefore, to tackle this
problem, and using the inductive, descriptive and analytical method, whenever
required, the researcher collected the provisions of this matter from reliable
and approved Fiqh sources, indicating how such provisions are dealt with in
some Arab laws, appropriate to the Yemeni context. Also, the researcher made a
comparison and weighting between the opinions of Fiqh doctrines concerning
competence in marriage. In conclusion, the study indicated that the required
trait between spouses should be (religion) Islam only. The study recommended
the amendment of Yemeni Personal Law so as to include some provisions on
competence, and to explain the trait Islam which means the husband should
observe regular Islamic rituals, including performing prayers, fasting and
Zakat, as well as non-committing major sins.
Keywords: Marriage bond, Competence,
Annulment of marriage.
المقدمة:
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد
وعلى أله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه المقدمة تتضمن أسباب اختيار البحث في هذا
الموضوع واهميته ومشكلته ومنهجيته وتقسيماته، وذلك على النحو الاتي:
أولاً:
أسباب اختيار البحث:
1.
الصفة المعتبرة في الكفاءة بين
الزوجين في القانون اليمني هي الدين والخلق، ولم يبين القانون اليمني المقصود
بالدين والخلق، وهذا النص المجمل يحدث إشكالات كثيرة عند تطبيقه، كما أنه يجعل
أحكام القضاء تتفاوت وتختلف في المسألة الواحدة لعدم وجود حكمها في النص القانوني.
2.
الكفاءة بين الزوجين من أهم
عوامل استقرار الحياة الزوجية ودوامها وحسن العشرة والانسجام والتفاهم بين الزوجين،
ولذلك أثره البالغ على الزوجين وعلى أولادهما وأقاربهما، بل إن ذلك الأثر يتعدى إلى
خارج نطاق الأسرة، إذ إن عدم استقرار الحياة الزوجية تنجم عنه وترتبط به مشكلات اجتماعية
خطيرة، كتفكك الأسرة وانحراف الأحداث وارتفاع معدلات الطلاق في الزواج غير
المتكافئ وغير المتوافق، واتساع رقعة العنف داخل الأسرة والذي يصل إلى القتل في
أحيان كثيرة، ولذلك من المهم للغاية البحث في هذا الموضوع والدراسة المقارنة
لمعرفة ماهية الكفاءة وموقف الفقهاء والقوانين العربية منها، وآثارها في عقد
الزواج، وأوجه القصور في النصوص القانونية في هذا الشأن في ضوء مقارنتها فيما
بينها ومع أقوال فقهاء الشريعة الإسلامية.
3.
اختلف الفقهاء اختلافاً واسعاً
ومتشعباً بشأن الكفاءة بين الزوجين من حيث الاعتداد بالكفاءة والصفات المعتبرة
فيها وتأثير انعدامها أو فواتها على عقد الزواج، وصاحب الحق فيها، ولم يقتصر هذا
الاختلاف على الفقهاء، وإنما امتد هذا الخلاف إلى قوانين الأحوال الشخصية العربية
التي اختلفت في هذا الموضوع، وهذا الخلاف الفقهي والقانوني يحتاج إلى دراسة وبحث
للوصول إلى أسبابه وآثاره والأدلة التي يستدل بها كل فريق ومنا قشتها والترجيح
بينها في ضوء الأدلة المقنعة.
4.
للعرف والعادات الاجتماعية
تأثير بالغ على الصفات المعتبرة في الكفاءة بين الزوجين، حيث تختلف هذه الصفات باختلاف
الأزمنة والأمكنة وباختلاف الأعراف والعادات، ومحال أن تكون الأعراف والعادات الاجتماعية
ثابتة وواحدة، ولذلك فإن هناك صفات جديدة للكفاءة بين الزوجين أفرزتها العادات
والأعراف الاجتماعية المعاصرة، وهذا كله يحتاج إلى بحث ودراسة للخلوص إلى نتائج وتوصيات
مثمرة تفيد في هذا الشأن بإذن الله.
5.
قوانين الأحوال الشخصية العربية
أشارت إلى أحكام الكفاءة بين الزوجين في نصوص مجملة وعبارات مقتضبة يتعذر على
المعنيين إعمالها أو تطبيقها على الوجه المراد، ولذلك لا يستفيد منها الباحثون
والمهتمون والمتابعون إلا بعد البحث عن كل جزئية منها في المراجع الفقهية المتخصصة
لبيان المراد من هذه النصوص، ومعرفة المصادر الفقهية للنصوص القانونية، لا سيما أن
كتب الفقه الإسلامي هي المرجع عند تفسير النصوص القانونية أو تطبيقها، والدليل على
ذلك أن المادة (18) من القانون المدني اليمني نصت على أن" المرجع في تفسير
نصوص القوانين وتطبيقها هو الفقه الإسلامي والمذكرات الشارحة الصادرة من الهيئة
التشريعية المختصة" ولذلك فمن اللازم البحث والدراسة لبيان أقوال المذاهب
الفقهية المختلفة في هذا الموضوع ومعرفة الراجح منها.
6.
قوانين الأحوال الشخصية العربية
تنص على العمل بأحكام الفقه الإسلامي عموماً عند عدم وجود النص فيها، كقانون
الأحوال الشخصية اليمني الذي نص في المادة (349) على أن" كل مالم يرد به نص
في هذا القانون يعمل فيه بأقوى الأدلة في الشريعة الإسلامية" وهذه مهمة عسيرة
ومتعذرة، في حين تنص أغلب قوانين الأحوال الشخصية العربية على الرجوع إلى مذهب
بذاته عند عدم وجود النص كقانون الأحوال الشخصية الكويتي الذي ينص في المادة (343)
على أن "كل ما لم يرد له حكم في هذا القانون يرجع فيه إلى المشهور في مذهب
الإمام مالك، فإن لم يوجد المشهور طُبّق غيره، فإن لم يوجد حكم أصلاً طبقت المبادئ
العامة في المذهب". ولذلك فمن المهم البحث في هذا الموضوع لمعرفة أقوال
الفقهاء والمذاهب الفقهية المختلفة في هذا الشأن ومعرفة أدلتهم ومناقشتها وبيان
الراجح منها حتى يسهل للمعنيين والباحثين والمتابعين معرفة الحكم الفقهي في مسائل
الكفاءة بين الزوجين ومشاكلها، لا سيما في المسائل التي لم يرد ذكرها في القانون
وحتى لا تختلف أحكام القضاء في المسألة الواحدة.
7.
مفردات موضوع الكفاءة بين
الزوجين وأحكامها ترد مبعثرة في مراجع الفقه الإسلامي والمراجع القانونية والمواقع
الالكترونية والصحف والمجلات وملفات القضايا في المحاكم، وهذه المفردات عبارة عن
نتف هنا وهناك تحتاج إلى جمعها في بحث علمي محايد لدراستها دراسة مقارنة لاستخلاص
النتائج والتوصيات المناسبة بشأنها.
ثانياً: أهمية
البحث:
تتضح هذه الأهمية من خلال الآتي:
1.
يعالج البحث مسألة من أخطر
مسائل الأحوال الشخصية، وهي الكفاءة في الزواج وهي مسألة ينبغي لكل مسلم فهمها، لأنه
زوج أو في طريقه للزواج، كما قد يكون أباً أو ولياً وغيره.
2.
هناك صفات يعتبرها العرف السائد
في اليمن من الكفاءة كالنسب ويظن الناس أن الشريعة الإسلامية تقر ذلك، لأن كثيراً
من المكلفين لا يدركون أن غالبية الفقهاء الذين ذهبوا إلى اعتبار النسب إنما عبروا
عما جرى عليه العرف وليس الشرع، وبسبب عدم إدراك ذلك تحدث مشاكل واختلالات مؤثرة في
بنية الأسرة اليمنية.
3.
إبراز أهمية الدين وتأثيره في
العلاقات الزوجية وجوداً وعدماً، لأن الدين هو الصفة الوحيدة المعتبرة في الكفاءة
بحسب ما توصل إليه البحث.
ثالثاً :مشكلة البحث: تكمن مشكلة البحث في
عدم استقرار أحكام فسخ الزواج لعدم الكفاءة في أذهان كثير من الباحثين والقضاة
والمحامين، ويرجع ذلك إلى إجمال النصوص القانونية التي تناولت هذا الموضوع، فضلاً
عن تناثر مفردات هذا الموضوع في مراجع ومصادر شتى على النحو السابق بيانه، ولذلك فإن
البحث يستهدف جمع شتات مفردات هذا الموضوع وبحثها وبيان إجمال النصوص القانونية وأوجه
قصورها والتوصية بتعديلها.
رابعاً :أهداف البحث: يستهدف البحث الآتي:
1.
جمع مفردات هذا الموضوع في متن
واحد ودراستها واستنباط النتائج فيها وتقديم التوصيات المناسبة بشأنها ووضعها أمام
المهتمين لاسيما القضاة والمحامين والباحثين.
2.
تسهيل الرجوع إلى تفاصيل
ومفردات هذا الموضوع لاسيما في المسائل والجزئيات التي أحجم القانون اليمني عن
ذكرها.
3.
تقديم التوصيات المناسبة أمام
الجهات المختصة والمعنيين بشأن أوجه القصور والنقص التي اعترت النص القانوني.
4.
إبراز تفوق الشريعة والفقه
الإسلامي على القانون في معالجته لهذا الموضوع.
خامساً: منهجية
البحث: اتبع
الباحث في إعداد هذا البحث المنهج الاستقرائي وكذا المنهج الوصفي والمنهج التحليلي
والمنهج المقارن بحسب مقتضيات البحث، حيث قام الباحث بالآتي:
§
الرجوع إلى الأدلة النصية سواءً
في القرآن الكريم أم في السنة النبوية وغيرها وبيان وجه الدلالة منها.
§
عزو الآيات إلى سورها وتخريج
الأحاديث النبوية من كتب السنة المعتمدة.
§
عرض أقوال الفقهاء من كتب
الفقهاء والمذاهب المعتمدة والمقارنة بينها ومناقشة أدلتها والترجيح للقول الذي
تسنده الأدلة اللازمة، وكذا المقارنة بين أقوال الفقهاء وبين القوانين العربية
فيما يتعلق بمفردات البحث.
سادساً: تقسيمات
البحث:
يتكون البحث من أربعة مباحث وخاتمة، وبيانها على النحو الآتي:
المبحث الأول: ماهية
فسخ الزواج لعدم الكفاءة.
المبحث الثاني: حكم
الكفاءة بين الزوجين.
المبحث الثالث:
الصفات المعتبرة في الكفاءة بين الزوجين.
المبحث الرابع: وقت
اعتبار الكفاءة بين الزوجين وصاحب الحق فيها ومسقطاته والآثار المترتبة على ذلك.
خاتمة البحث: وتتضمن
فيها أهم استنتاجات البحث وتوصياته.
المبحث الأول: ماهية فسخ عقد
الزواج لعدم الكفاءة:
سوف نذكر في المطلب
الأول معنى الفسخ والكفاءة بصفة عامة، أما في المطلب الثاني فسنذكر فيه التعريف
الجامع لفسخ الزواج لعدم الكفاءة.
المطلب الأول: معنى فسخ الزواج والكفاءة:
اولاً:
معنى فسخ الزواج:
الفسخ في اللغة: هو النقض والرفع والإزالة، فيقال: فسخ البيع أي نقضه أو أزاله،
وفسخت العقد فسخاً أي رفعته، وتفاسخ القوم العقد توافقوا على فسخه([1]).
معنى فسخ الزواج في
الفقه والقانون:
فسخ الزواج عند الفقهاء هو حل رابطة عقد الزواج وهدم كل الآثار التي كانت قد ترتبت
عليه([2])،
ولم يعرف قانون الأحوال الشخصية اليمني فسخ الزواج، واكتفى في هذا الشأن بالنص في
المادة (44) على أنه: (يشترط في الفسخ لفظه أو ما يدل عليه) أما قانون الأحوال
الشخصية الكويتي فقد عرّف فسخ الزواج بأنه: (نقض عقده عند عدم لزومه أو حيث يمتنع
بقاؤه شرعاَ)، والفرقة بين الزوجين لانعدام الكفاءة تعد فسخاً بإجماع الفقهاء كما
سنرى عند بيان نوع هذه الفرقة.
ثانياً: معنى
الكفاءة بين الزوجين: الكفاءة في اللغة: هي: المساواة، فيقال كفء أو كفؤُ
على وزن فعل من كافأه أي ماثله وساواه أي صار مساوياً له والمصدر الكفاءة، وفلان
لا كفاءة له أي لا مساو له، والكفؤ هو المساوي والنظير والجمع أكفاء([3])
فيقال فلان كفؤٌ لفلان في مهنته أو نسبه، قال تعالى: ]ولم
يكن له كفوا أحد
[([4]) أي لا مثل له، وقال
النبي – صلى الله عليه وسلم–: (المؤمنون تتكافأ دماؤهم)([5])،
أي تتساوى دماؤهم في القصاص، وفي هذا المعنى قوله – صلى الله عليه وسلم – في العقيقة: (عن
الغلام شاتان متكافئتان وعن الجارية شاة)([6])
وكل شيء ساوى شيئا فهو مكافئ له([7]).
أما الكفاءة في
الفقه: فقد
عرّف الفقهاء الكفاءة بتعريفات عدة، حيث عرّف الكفاءة صاحب رد المحتار بأنها: (مساواة
الرجل للمرأة في أمور مخصوصة أو كون المرأة أدنى)([8])،
في حين عرّفها صاحب مغني المحتاج بأنها: (أمر يوجب عدمه عاراً)([9])
ويعرفها أحمد إبراهيم بك: (أن لا يكون الزوج دون الزوجة بحيث تتعير به هي
وأولياؤها) كما عرّف الكفاءة بقوله: (أن يكون الزوج كفؤاً لزوجته أي مساوياً لها
في المنزلة ونظيراً لها في المركز الاجتماعي والمستوى الخلقي والمالي)([10]) والمقصود بالكفاءة عند بعض المعاصرين هو
أن يكون هناك توافق بين الزوجين لإقامة حياة زوجية مستقرة، ومنهم من يعرف الكفاءة
في الزواج بأنها: المساواة أو المقاربة بين الزوجين في أمور مخصوصة بحيث لو اختلفت
هذه الأمور كانت الحياة الزوجية غير مستقرة لما يلحق الزوجة وأولياءها من التعيير
والأذى([11]).
أما الكفاءة بين
الزوجين في القانون: فمع
أن أغلب قوانين الأحوال الشخصية العربية قد نظمت أحكام الكفاءة بين الزوجين
وأثارها إلا أن هذه القوانين لم تعرّف الكفاءة بين الزوجين، وهذا ليس عيباً في هذه
القوانين، لأن التعريف ليس من وظائف القانون، وإنما من اختصاص شراح القانون
والفقهاء، وقد أشرنا فيما سبق إلى بعض التعاريف عند هؤلاء.
المطلب الثاني: التعريف الجامع لفسخ
عقد الزواج لعدم الكفاءة:
لم
نقف على تعريف جامع لفسخ عقد الزواج لعدم الكفاءة، وأقصى ما وقفنا عليه في هذا
الشأن هو تعريفات منفصلة للفسخ على حدة وللكفاءة بين الزوجين على حدة؛ سواء في
اللغة أو الفقه أو القانون، وعلى النحو السابق ذكره، ولذلك سنحاول في هذا المطلب
صياغة التعريف الجامع (لفسخ عقد الزواج لعدم الكفاءة) في ضوء التعريفات السابقة
وذلك بتعريف فسخ عقد الزواج لعدم الكفاءة بأنه: (حق الزوجة أو وليّها في طلب فسخ
عقد زواجها من زوجها الذي لا تتوافر فيه الصفات المعتبرة شرعاً في الكفاءة).
شرح
مفردات التعريف: حق الزوجة أو وليها: وقد ذكرنا ذلك لأن جمهور
الفقهاء يذهبون إلى أن الكفاءة حق للزوجة ولأوليائها كما سنرى ذلك في موضعه، ولهما
استعمال هذا الحق، فيتم فسخ الزواج ولهما ألا يستعملانه فيبقى الزواج مع انعدام
الكفاءة، وهذا ينسجم مع القول الراجح بأن الكفاءة شرط لزوم وليس شرط صحة الزواج، كما
أن الكفاءة معتبرة في جانب الزوج وليس الزوجة حسبما هو متفق عليه بين الفقهاء كما
سنرى.
طلب
فسخ عقد زواجها:
وقد ذكرنا ذلك في التعريف، لأن فسخ الزواج لا يتم إلا بناءً على طلب صاحب الحق في
ذلك وهي الزوجة أو وليها، ولا يتم فسخ الزواج لفوات الكفاءة من تلقاء ذاته، كما أن
الفقهاء قد أجمعوا على أن فسخ الزواج لعدم الكفاءة هو فسخ وليس طلاقاً.
الصفات
المعتبرة شرعاً في الكفاءة:
ذكرنا ذلك في التعريف حتى يقتصر الاعتبار فقط على الصفة المعتبرة شرعاً في الكفاءة
بين الزوجين وهي الدين فقط دون الصفات الأخرى التي أفرزتها الأعراف والعادات
الإجتماعية التي تصادم أصول ومبادئ الشريعة الإسلامية الغراء التي تقرر المساواة
والأخوة بين المسلمين كافة، وأنه لا فضل لأحد إلا بالتقوى، وقد عرّف الفقهاء الدين
كصفة من صفات الكفاءة بأنه التقوى، وهذا يتفق مع ما ذهب إليه القانون اليمني في
حصر الكفاءة بين الزوجين في الدين.
المبحث الثاني: حكم الكفاءة بين
الزوجين عند الفقهاء:
ويشتمل هذا المبحث
على مطلبين، الأول نذكر فيه خلاف الفقهاء بشأن الاعتداد بالكفاءة بين الزوجين، في
حين نبيّن في المطلب الثاني: تكييف الفقهاء للكفاءة، اما المطلب الثالث فسوف نذكر
فيه حكم الكفاءة بين الزوجين في القانون.
المطلب الأول: خلاف
الفقهاء بشأن الاعتداد بالكفاءة بين الزوجين:
اختلف الفقهاء بشأن
الاعتداد بالكفاءة في الزواج على قولين:
القول الأول: يذهب إلى إثبات
الكفاءة والاعتداد بها في الزواج، وهو قول الجمهور، ومن هؤلاء الحنفية والمالكية
والشافعية والحنابلة والزيدية، وهذا القول مروي عن عمر وابن مسعود وعمر بن عبد
العزيز وعبيد بن عمير وحماد بن أبي سليمان وابن سيرين وابن عون([12]).
واستدل هؤلاء بأدلة كثيرة منها:
1.
حديث جابر أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: (لا
تنكحوا النساء إلا الأكفاء، ولا يزوجوهنّ إلا الأولياء ولا مهر دون عشرة دراهم)([13]).
2.
ما روي
عن ابن عمر أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "العرب أكفاء بعضهم
لبعض قبيلة لقبيل وحي لحي ورجل لرجل إلا حائكاً أو حجاماً"([14]).
3. ما روى عن عمر-
رضي الله عنه- أنه قال: "لأمنعن فروج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء"([15]).
4.
أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال:
"تخيروا لنطفكم فانكحوا الأكفاء وانكحوا إليهم"([16]).
5.
بما روى الإمام علي بن أبي طالب
كرم الله وجهه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: "يا علي
ثلاث لا تؤخرها الصلاة إذا أتت والجنازة إذا حضرت والأيم إذا وجدت لها كفؤاً"([17]).
6.
إن الزواج جعله الله سبحانه
وتعالى لغاية سامية نبيلة، هي استمرار الجنس البشري، وذلك لا يتم إلا بالانسجام
الكامل بين الزوجين، والاحترام المتبادل بينهما، وأي احترام أو انسجام في زواج ترى
الزوجة على زوجها فيها استعلاء وشرفاً ورفعة، وتقيمه من نفسها مقام الخادم منها، وإن
في زواج سيدنا زيد بن حارثة بالسيدة زينب لأكبر دليل على ذلك، فإنه لم تمض مدة على
زواجه منها حتى جاء إلى الرسول- صلى الله عليه وسلم- يشكوها إليه، ويعلن عن نيته
في طلاقها وهو المحب المتيّم بها قبل ذلك([18]).
القول الثاني: يذهب إلى عدم
الاعتداد بالكفاءة في الزواج، وهو قول أبي الحسن الكرخي وأبي بكر الجصاص من
الحنفية وسفيان الثوري وابن حزم الظاهري([19]).
واستدل هؤلاء بأدلة
كثيرة منها:
1.
أن النبي – صلى الله عليه وسلم –
قال لبني بياضة: "أنكحوا أبا هند وانكحوا عليه" وكان أبو هند حجاماً([20]).
2.
قال صلى الله عليه وسلم : "إذا أتاكم من ترضون
دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"([21]).
3.
بأن النبي – صلى الله عليه وسلم
– خطب فاطمة بنت قيس وهي قرشية لمولاه أسامة بن زيد فنكحها بأمره، وكانت فاطمة
تستشير النبي – صلى الله عليه وسلم – في معاوية وأبي جهم وهما من أكفائها، وهذا
ظاهر في عدم اعتبار الكفاءة([22]).
4.
قوله صلى الله عليه وسلم: "الناس
سواسية كأسنان المشط"([23]).
5.
روى أبو ذر – رضي الله عنه – أن
النبي – صلى الله عليه وسلم – قال
له: "انظر فإنك ليس بخير من أحمر ولا أسود إلا أن تفضله بتقوى الله"([24]).
6.
بما روي عن عائشة أنها قالت: إن
أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة تبنى سالماً وأنكحه ابنة أخيه هند ابنة الوليد بن عتبة
وكان سالم مولى لامرأة من الأنصار([25]).
7.
لو كان للكفاءة في الشرع اعتبار
لكان أولى بها باب الدماء، لأنه يحتاط فيه بما لا يحتاط في سائر الأبواب. ومع هذا
لم تعتبر، فالشريف يقتل بالوضيع فها هنا أولى([26]).
المناقشة والترجيح: وسنناقش أولاً أدلة
الجمهور، ثم نناقش ثانياً أدلة ابن حزم ومن ذهب معه إلى عدم الاعتداد بالكفاءة في
الزواج مطلقاً، وبعدئذ سوف نذكر القول الذي نجده راجحاً، وذلك على النحو الآتي:
أولاً: مناقشة أدلة
جمهور الفقهاء الذين يعتدون بالكفاءة في الزواج، ويمكن مناقشة هذه الأدلة على
الوجه الآتي:
1.
الاستدلال بالأحاديث التي تفيد
الكفاءة في الزواج، ويعترض على هذا الاستدلال بأن أكثر هذه الأحاديث ضعيفة، وقد
ذكرنا ذلك عند تخريج هذه الأحاديث في هامش الصفحات السابقة، كحديث عن ابن عمر "العرب
أكفاء بعضهم لبعض" فقد سأل عن هذا الحديث ابن أبي حاتم أباه فقال: هذا كذب لا
أصل له، وقال الدار قطني في العلل: لا يصح، وقال ابن عبد البر: هذا منكر موضوع، وكذا
حديث جابر "لا تنكحوا النساء إلا الأكفاء" فقد قال ابن حجر: إسناده واه
لأن فيه بشر بن عبيد وهو كذاب([27]).
وكذا حديث معاذ "العرب
بعضهم لبعض أكفاء" ففي هذا الحديث سليمان بن أبي الجون، قال بن القطان: لا
يعرف، ثم إن هذا الحديث من رواية خالد بن معدان عن معاذ ولم يسمع منه، ومثل هذا
الحديث حديث ابن ماجة "تخيروا لنطفكم" فهو ضعيف أيضاً على اختلاف رواياته
كما ذكر صاحب نصب الراية([28]).
2.
الاستدلال بأحاديث لم يثبت ضعفها على اعتبار الكفاءة،
فيعترض على هذا الاستدلال بأن المساواة بين المسلمين أصل ثابت في الشريعة
الإسلامية وأساس متين وناظم للعلاقات فيما بين المسلمين بما فيها علاقات الزواج، والنصوص
في هذا الشأن كثيرة ومتساندة ومنها قوله تعالى: ]إِنَّ
أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ[([29]) وقوله صلى الله
عليه وسلم: "الناس سواسية لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى"([30]).
وكذلك وقائع الزواج الكثيرة التي تمت في عصر النبي – صلى الله عليه وسلم – دون
اعتبار للكفاءة في الزواج، وقد وردت هذه الوقائع في نصوص صحيحة، كما أن المراد
بالكفاءة الواردة في هذه الأحاديث الصحيحة هي الكفاءة في الدين وليس غيرها من
الصفات.
ثانياً: مناقشة أدلة
الفقهاء الذاهبين إلى عدم الاعتداد بالكفاءة: ويعترض على هذه الأدلة بالقول
بأنه لا دليل لمن لم يعتد بالكفاءة بالزواج فيما استدل به، إذ إن بعض هذه الأدلة
ضعيفة كحديث أبي هند الذي ضعفه الأمام أحمد وأنكره إنكاراً شديداً، كما أن أمر
الرسول- صلى الله عليه وسلم- بزواج أبي هند لم يكن إلا أمراً خاصاً لمصلحة خاصة وهي
علمه وورعه وفضله فلا يعم، بدليل أن لكل فتاة أن ترفض الزواج ممّن يخطبها دون أي
سبب ولو كان الخاطب كفؤاً لها، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتزويج أبي هند
لم يقيد ذلك برضا الفتاة نفسها، فكان ذلك دليل الخصوص، ثم إن الجمهور في الراجح
عندهم لا يرون الكفاءة شرط صحة لا بدّ من توافره، بل هي شرط لزوم على ما سيأتي، فإذا
ما وافق الأولياء والزوجة مع عدم الكفاءة سقط اعتبارها لديهم، وعلى هذا يحمل أمر
رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم بالرضا بالنكاح ليسقط اعتبار الكفاءة ويصحّ
النكاح، ثم أن الأمر في تلك الأحاديث قد يحمل على الإرشاد والنصح، كما يمكن أن
يحمل على الوجوب والحتم، ولم يتعين تخصيصه بشيء من ذلك، ولهذا لم يكن في تلك
الأحاديث دليل لهم([31]).
ثالثاً: الترجيح: ونحن نذهب إلى ترجيح
قول الجمهور بالاعتداد بالكفاءة في الزواج ولكن في الدين فقط، حيث والثابت أن
الفقهاء الذين يعتدون بصفات الكفاءة الأخرى كالنسب والحرفة وغيرهما قد استدلوا
بأدلة بعضها ضعيفة من حيث ثبوتها وبعضها ضعيفة من حيث دلالتها، وهذا يعني أن ما صح
فيها ليس قاطعاً في دلالته([32])،
كما أن اعتبار الصفات الأخرى غير الدين والنسب يثير في المجتمع المسلم
عوامل الفرقة والانقسام.
المطلب الثاني: التكييف الفقهي
للكفاءة بين الزوجين:
ذكرنا في المطلب
السابق أن جمهور الفقهاء ذهبوا إلى الاعتداد بالكفاءة في الزواج، ومع ذلك فقد
اختلف جمهور الفقهاء في كيفية الكفاءة – هل هي شرط صحة عقد الزواج أو شرط لزومه أو
شرط نفاذه؟
وللجمهور في هذه
المسألة ثلاثة أقوال:
القول
الأول: تعتبر
الكفاءة شرطاً لصحة الزواج، وهو قول بعض الحنفية، وقول الحنابلة في غير المشهور عندهم،
وقول عند الشافعية، والمعتمد لدى الإباضية، فإذا فقد شرط الكفاءة فيكون العقد
باطلاً ولو رضت به الزوجة أو أولياؤها لأنه شرط صحة لا يسقط بالإسقاط([33]).
واستدل
أصحاب القول الأول على أن الكفاءة شرط لصحة الزواج بالأدلة الآتية:
1.
قول رسول الله صلى الله عليه :
"تخيروا لنطفكم وانكحوا الأكفاء وانكحوا إليهم"([34])،
قال الزيلعي روي من عدة طرق كلها ضعيفة لكن يقوي بعضها بعضاً([35])
ووجه الدلالة من هذا الحديث: أن اللفظ جاء بصيغة الأمر، فلا يصح تجاهله بلا مسوغ
شرعي.
2.
ما روي عن عمر رضي الله عنه أنه
قال: لأمنعن فروج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء([36])،
والحسب شرف الآباء والأٌقارب، ومثل الحسب: المال، فدل عزم أمير المؤمنين على وجوب
التقيد بالكفاءة، وأن منع الزواج من غير الأكفاء يعني البطلان.
3.
ما روى جابر بن عبدالله، أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تنكحوا النساء إلا الأكفاء، ولا يزوجهن
إلا الأولياء، ولا مهر دون عشرة دراهم"([37]).
والحديث فيه نفي وإثبات، والنفي
يفيد المنع عموماً، لكنه استثنى من توفرت فيه الكفاءة، فدل على اشتراطها لصحة
الزواج.
القول
الثاني:
ذهب الحنفية في ظاهر الرواية، والشافعية والحنابلة في المشهور عندهم والهادوية إلى
أن الكفاءة شرط لزوم عقد الزواج لا شرط صحته، فإن تزوجت المرأة بغير كفء، أو زوجها
الأب بغير رضاها، أو زوّجها أحد الأولياء المتساويين برضاها دون رضا الباقين، فإن
العقد يظل صحيحاً، لكن يجوز لمن تقدم ذكرهم حق الاعتراض وطلب الفسخ ما لم يحصل
الحمل، فإن لم يعترضوا فقد لزم عقد الزواج([38]).
واستدل
أصحاب القول الثاني على اعتبار الكفاءة شرط لزوم بالأدلة الآتية:
1.
روى عبد الله بن بريدة عن أبيه
قال: جاءت فتاة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أبي زوجني ابن أخيه
ليرفع بها خسيسته، قال: فجعل الأمر إليها، فقالت : قد أجزت ما صنع أبي ولكن أردت أن
أعلم النساء أن ليس إلى الإباء من الأمر شيء([39]).
2.
إن رسول الله صلى الله عليه
وسلم زوّج مولاه زيد بن حارثة من زينب بنت جحش، وهي القرشية وابنة عمة رسول الله صلى
الله عليه وسلم، فلو أن الكفاءة شرط صحة لما صح هذا الزواج لكنه صح، فحمل على أنه
شرط لزوم([40]).
3.
إن عقد الزواج وقع مستكملاً كل
شروطه وأركانه، ولكن فيه مساساً بحقوق الولي والزوجة، فيلزم اعتباره صحيحاً غير
لازم في حق من لم يرض به سواء الولي أو الزوجة دفعاً للضرر عنه([41]).
القول الثالث: تعتبر الكفاءة بين
الزوجين شرط نفاذ عقد الزواج، فإذا تزوجت المرأة من غير كفء بدون رضاء وليها أو زوّجها
وليها بغير كفء دون رضاها كان العقد غير نافذ وموقوفاَ على رضاها أو رضاء وليّها، إن
أجازه نفذ وإن لم يجزه بطل من أساسه، وهذا هو حكم العقد الموقوف، وهذا القول هو
أحد قولين للشافعي وإحدى الروايتين عن أحمد، وهي رواية الحسن بن زياد لدى الحنفية،
وأستدل هؤلاء بالآتي:
1.
عقد الزواج وقع مستكملاً شروط صحته،
ولكن فيه تعد على حق الولي أو الزوجة وذلك يجلب لهم الضرر والعار، فكان العقد
موقوفاً على موافقتهم.
2.
جعل الكفاءة شرط لزوم لا شرط
نفاذ مضر بالولي والزوجة، فقد تدعوه عزته إلى ترك الخصومة ورفع الأمر إلى القضاء ويلحقه
الضرر والعار، فكان لا بد من جعله شرط نفاذ لا شرط لزوم([42]).
المناقشة والترجيح: الاستدلال على أن
الكفاءة في الزواج شرط لصحة الزواج بالأحاديث السالف ذكرها كحديث: (تخيروا لنطفكم)،
ويعترض على هذا الاستدلال بأن هذه الأحاديث ضعيفة كما ذكر صاحب نصب الراية وغيره([43])،
وقد ذكرنا سابقاً أوجه الضعف في هذه الأحاديث، وعلى افتراض تقوية هذه الأحاديث
بغيرها فأنه من الثابت أن النبي ﷺ قد قام بتزويج مولاه زيد بن حارثة من زينب بنت جحش مع
أن زيداً من الموالي وزينب من ذوات النسب والحسب([44])،
وهذه سنة عملية لا يمكن تجاهلها، كما أن هذه الأدلة لا تقوى على مواجهة القواعد
والأصول الثابتة في الشريعة الإسلامية ومنها إن المؤمنين إخوة متساوون لا تفاوت
بينهم إلا بالتقوى والعمل الصالح لقوله تعالى: ]إِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ[ وقوله تعالى: ]إِنَّ
أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ[، والذي يظهر لنا راجحاً هو القول
بأن الكفاءة شرط لزوم عقد الزواج للأسباب الآتية:
1.
الغاية من الزواج هي تحصين
الفروج والحفاظ على التناسل وإنشاء أسرة قوامها حسن العشرة، والكفاءة بين الزوجين تحقق
الغايات المقصودة من الزواج، ويكفي في هذا الشأن اعتبار الكفاءة شرط لزوم وليس شرط
صحة الزواج أو نفاذه.
2.
جمهور الفقهاء الذين يعتدون
بالكفاءة بين الزوجين لم يجعلوا الكفاءة شرطاً واجباً على الأولياء والزوجات، فيحق
لهؤلاء التنازل عنه أو إسقاطه، والقول بأن الكفاءة شرط لزوم يوافق قول جمهور
الفقهاء في هذا، خلافاً لمن جعله شرطاً لصحة الزواج، لأن الكفاءة لا تدخل في تكوين
عقد الزواج ولا يصح اعتبارها ركناً أو شرطاً في عقد الزواج.
3.
المعنى في اعتبار الكفاءة في
الزواج هو دفع العار والدنية عن الزوجة وعن أوليائها، وذلك يندفع باعتبار الزواج
غير لازم في حق الزوجة أو وليها مع صحته، فلا حاجة إلى الحكم بفساده، كما أن القول
باعتبار الكفاءة شرطاً لصحة الزواج يترتب عليه فساد العقد وذلك مضر بالزوجة
وأولادها لا سيما إذا كان قد تم دخول وإنجاب في هذا الزواج ولم يوافق أولياء
الزوجة على هذا العقد([45])،
وقد حصل ذلك بالفعل([46]).
كما أنه إذا تم اعتبار الكفاءة شرط صحة أو شرط نفاذ عقد الزواج فسيكون هذا العقد
عرضة للاضطراب قبل موافقة الأولياء والزوجة، لأن الزوج كفؤ في نظر بعض الفقهاء في
حين أنه ليس كذلك وفقاً لمذهب آخر، وبالتالي لا يستطيع الزوجان معرفة ما إذا كانت
العلاقة بينهما حلالاً أم حراماً([47]).
المطلب الثالث: حكم الكفاءة في
الزواج في القانون:
تذهب أغلب قوانين الأحوال الشخصية العربية إلى
الاعتداد بالكفاءة وأنها شرط لزوم وليست شرط صحة أو نفاذ حيث أخذت هذه القوانين
بقول جمهور الفقهاء، وفي هذا الشأن نصت المادة (48) من قانون الأحوال الشخصية
اليمني على أن "الكفاءة معتبرة في الدين والخلق وعمادها التراضي ولكل من
الزوجين طلب الفسخ لعدم الكفاءة"، وكذا نصت المادة (34) من قانون
الأحوال الشخصي الكويتي على أنه (يشترط في لزوم الزواج أن يكون الرجل كفؤاً
للمرأة)، كما نصت المادة (26) من قانون الأحوال الشخصية السوري على انه يشترط في
لزوم الزواج أن يكون الرجل كفؤاً للمرأة، وكذا نصت المادة (20) من قانون الأحوال
الشخصية الاردني على أنه "يشترط في لزوم الزواج أن يكون الرجل كفؤاً للمرأة
في المال"، وكذا نصت المادة (35) من قانون الأحوال الشخصية القطري على أن
(الكفاءة شرط لزوم الزواج)، وكذا نصت المادة (21) من قانون الأحوال الشخصية
الاماراتي على أنه (يشترط في لزوم الزواج أن يكون الرجل كفؤاً للمرأة)، وكذا نصت
المادة (20) من قانون الأحوال الشخصية العماني على أن "الكفاءة حق خاص
بالمرأة والولي".
المبحث الثالث: الصفات
المعتبرة في الكفاءة بين الزوجين:
اختلف
جمهور الفقهاء الذين يعتدون بالكفاءة في الصفات المعتبرة في الكفاءة بين الزوجين، ما
بين موسع ومضيق، حيث ذهب الحنفية والشافعية والحنابلة الى التوسع في ذلك، فالحنفية
أكثر الفقهاء توسعاً في هذه المسألة حيث ذهبوا إلى أن الصفات المعتبرة في الكفاءة هي:
النسب، والمال، والحرفة، والدين والسلامة من العيوب وإسلام الإباء، في حين ذهب
الشافعية الى أنها خمسة: وهي النسب والدين والحرية والحرفة والسلامة من العيوب
المثبتة للخيار، وكذا ذهب الحنابلة إلى أنها خمسة وهي النسب والدين والحرية
والحرفة واليسار، اما المالكية فقد ذهبوا إلى تضييق الصفات المعتبرة في
الكفاءة والاكتفاء بالدين والسلامة من العيوب، وقد اخذ القانون اليمني بهذا
الاتجاه، وبيان الصفات المعتبرة في الكفاءة في الزواج في المطالب الآتية:
المطلب الأول: الكفاءة في الدين:
اتفق الفقهاء الذين يعتدون
بالكفاءة في الزواج على اعتبار الدين من الصفات المعتبرة في الكفاءة بين الزوجين، ولهؤلاء
تفصيلات بيانها على الوجه الآتي:
أولاً: الكفاءة في
الدين عند الحنفية: الكفاءة
في الدين، معناها المكافأة في التقوى، فليس الفاسق كفؤاً للصالحة، سواء أكان الزوج
مستتراً في فسقه أم لا، وذهب أبو يوسف إلى أن الفسق ليس مخلاً بالكفاءة لأن الفسق
أمر قابل للزوال، إلا أن يكون الرجل فاسقاً مجاهراً بفسقه بين الناس ولا يخفيه، ففي
هذه الحال لا يكون كفوءاً للصالحة بنت الصالح، وذهب محمد في الأصح عنه إلى أن
التقوى شرط في الكفاءة مطلقاً، فلا يعتبر الفاسق كفؤاً للصالحة بنت الصالح، سواء
أكان مجاهراً بفسقه أم لا، إلا أن يكون ذا سلطان وشوكة تمحو عار فسقه([48] ).
ثانياً: الكفاءة في
الدين عند المالكية: الدين
من الصفات المعتبرة في الكفاءة عند المالكية، وهو التقوى وزيادة الورع، فلا يكون
الفاسق كفؤاً للصالحة([49]).
ثالثاً: الكفاءة في
الدين عند الشافعية: يستعمل
الشافعية اصطلاح العفة للتعبير عن الكفاءة في الدين، فالمقصود بالعفة عندهم هو
الدين والصلاح وترك مالا يحل، فليس الفاسق كفؤاً للعفيفة، وفي هذا يستوي المسلمون
والكفار، فالفاسق المسلم ليس كفؤاً للعفيفة المسلمة، والفاسق الكافر ليس كفؤاً
للعفيفة الكافرة([50]).
رابعاً: الكفاءة في
الدين عند الحنابلة: الدين
عند الحنابلة من الصفات المعتبرة في الكفاءة، والمراد بالدين عندهم هو التقوى، فالفاسق
ليس كفؤاً للمتدينة العفيفة([51])
لقوله تعالى: [أفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لا يَسْتَوُون]([52]).
ومعنى الدين عند
الفقهاء جميعهم عدم المعصية (الفسق) وأوجه الفسق كثيرة ومختلفة تندرج من ضمنها عدم
إقامة الشعائر الإسلامية وعدم الوفاء بالواجبات الزوجية وإن كان الفقهاء لم يذكروا
ذلك صراحة إلا أنه مفهوم من أقوالهم.
المطلب الثاني: الكفاءة في
النسب:
اختلف الفقهاء الذين يعتدون
بالكفاءة في الزواج في اعتبار النسب صفة من الصفات المعتبرة في الكفاءة في الزواج
على النحو الآتي:
أولاً: الكفاءة في
النسب عند الحنفية:
يعتد الحنفية بالنسب كصفة من الصفات المعتبرة في الكفاءة في الزواج، فالناس في
النسب عند الحنفية على درجات متتابعة وترتيبهم: القرشيون ثم سائر العرب غير قريش، ثم
غير العرب، فالقرشيون بعضهم أكفاء لبعض، لا فرق بين هاشمي أو مطَّلبي وغيرهما، والعرب
غير قريش بعضهم أكفاء لبعض على اختلاف قبائلهم، ولكنهم غير أكفاء لقريش. وكذلك غير
العرب بعضهم أكفاء لبعض مهما اختلفت شعوبهم ولغاتهم، ولكنهم غير أكفّاء للعرب، أما
الذميون فالكفاءة لا تعتبر بينهم عند الحنفية بل كلهم أكفاء بعض، إلا أن يحتاج إلى
اعتبارها لدفع فتنة، كأن تتزوج بنت ملك من ملوكهم حائكاً قد خدعها، فإنه يفرّق بينهما
سداً للفتنة([53]).
ثانياً: الكفاءة في النسب عند
المالكية: لا
يعتد المالكية بالنسب كصفة من الصفات المعتبرة في الكفاءة في الزواج، فالناس عند
المالكية سواسية في هذا الشأن([54]).
ثالثاً: الكفاءة في
النسب عند الشافعية: يعتد
الشافعية بالنسب كصفة من الصفات المعتبرة في الكفاءة في الزواج، فالناس في الأنساب
عند الشافعية على درجات مرتبة، أولاً الشرفاء وهم أبناء الحسن والحسين وأبناؤهم، ثم
المطّلبيون والهاشميون وهم أكفاء لبعضهم وليسوا أكفاء للشرفاء، ثم القرشيون غير
بني هاشم وبني المطلب فهم أكفاء لبعض ولكنهم غير أكفاء لمن سبق، ثم العرب غير
قريش. ثم الأعاجم غير العرب. فكل صنف من أولئك يعتبرون أكفاء لبعضهم، ولكنهم ليسوا
بأكفاء لمن فوقهم في النسب، وهكذا. وقيل أن العرب غير قريش ليسوا درجة واحدة، بل
هم درجات بالنسبة لقربهم من رسول الله ﷺ وهو الأوجه في المذهب. أما
العجم فقيل هم درجة واحدة لعدم اعتنائهم بالأنساب، والأصح في مذهب الشافعية اعتبار
الشرف في العجم كالعرب قياساً عليهم([55]).
رابعاً: الكفاءة في النسب عند
الحنابلة: يعتد
الحنابلة بالنسب كصفة من الصفات المعتبرة في الكفاءة في الزواج، لأن العرب يعدّون
الكفاءة في النسب ويأنفون من نكاح الموالي، ويرون ذلك نقصاً وعاراً، وإذا أطلقت
الكفاءة وجب حملها على المتعارف.
روي
عن الأمام أحمد أن العرب كلهم أكفاء لبعض، وكذلك العجم مع بعضهم، ولا يعد العجمي
كفؤاً للعربية، وروى عنه أن العرب غير قريش أكفاء لبعضهم ولا يكونون أكفاء لقريش، والقرشيون
أكفاء بعضهم لبعض، وروي عنه أن غير بني هاشم من قريش لا يكافئ بني هاشم، وأن العرب
فُضِّلت على الأمم برسول الله صلى الله عليه وسلم وقريش أخصّ به من سائر العرب، وبنو
هاشم أخصّ به من قريش، فتكون الكفاءة في النسب على هذا الترتيب([56]).
المطلب الثالث: الكفاءة
في الحرفة:
اختلف الفقهاء الذين يعتدون بالكفاءة في الزواج، في
اعتبار الحرفة صفة من الصفات المعتبرة في الكفاءة، وبيان ذلك على النحو الآتي:
أولاً:
الكفاءة في الحرفة عند الحنفية: ذهب أبو حنيفة إلى أن الحرفة والصناعة لا تعتبر ضمن
الصفات المعتبرة في الكفاءة، وقال أبو يوسف تعتبر، وذهب بعض مشائخ الحنفية إلى أن
هذا الخلاف مبني على اختلاف العرف بين الناس، فالحائك غير كفء لبنت الخياط عند أبي
يوسف، والخلاف بين أبي يوسف وأبي حنيفة في الحقيقة إنما هو خلاف عصر وعرف وليس
خلافاً في الدليل([57]).
ثانياً:
الكفاءة في الحرفة عند المالكية: لا يعتد المالكية بالحرفة كصفة من الصفات المعتبرة
في الكفاءة في الزواج، لأنهم لا يعتدّون إلا بالدين والسلامة من العيوب كما سبق ذكره.
ثالثاً:
الكفاءة في الحرفة عند الشافعية: يعتد الشافعية بالحرفة كصفة من الصفات المعتبرة في
الكفاءة، فصاحب حرفة دنيئة ليس كفؤاً لمن هي أرفع منه في الحرفة. واستدلوا لذلك
بقوله تعالى: ] وَاللَّهُ
فَضـّـَلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ[ ([58])، أي في سببه، وعلى هذا فكنّاس وحجّام وحارس
وراعٍ وقيّم الحمّام ونحوهم، ليس كفؤاً لبنت خياط، ولا خياط كفؤاً لبنت بزاز وهكذا([59]).
رابعاً:
الكفاءة في الحرفة عند الحنابلة: في هذا الشأن وردت عن الإمام أحمد بن حنبل روايتان:
إحداهما: (أنها شرط لأن ذلك
متعارف بين الناس، فالزبال والحارس ليس كفؤاً لبنت التاجر، وهكذا..
والرواية الثانية: (أنها لا تعتبر في
الكفاءة، لأنها لا تورث نقصاً دائماً وإنما هي أمر عارض)([60]).
الحرف
والمهن التي تعدم الكفاءة عند بعض الفقهاء: سبق أن ذكرنا أن الحرفة أو
المهنة من الصفات المعتبرة في الكفاءة عند بعض الفقهاء كما هو الحال عند الحنفية
والشافعية والحنابلة، والحرف أو المهن التي تعدم الكفاءة عند هؤلاء مرجعها أما إلى
أن هذه الحرف والمهن قد ذكرت في النصوص الشرعية في معرض الذم والإنكار كالغناء
ونحوه، أو بالنظر إلى علاقة بعضها بمواضع النجاسات والقاذورات كالكناس والزّبال
والحجام، أو لأن فيها اطلاع على العورات كالقيّم على الحمام، أو لأنها توجد القسوة
في القلب وتورث في الإنسان الغلظة كالجزار أو لأنها تورث في الإنسان الوقاحة وقلة
الحياء والجرأة كالمنادي([61]).
ويمكن تلخيص آراء المذاهب في
المهن التي تعدم الكفاءة على النحو الآتي:
* الحدادة والبيطرة،
والحراسة والدباغة: حِرف دنيئة في نظر الحنفية والشافعية والحنابلة، وأصحابها لا
يكافئون بنات التجار ونحوهم، لأن فيها نقصا يشبه نقص النسب([62]).
* الفصادة أو
الحجامة : وهي شق الجلد وإسالة الدم منه، ما لم يتعين أصحابها للقيام بفروض
الكفاية فيها، فتزول الكراهية، فإن لم يتعين ذلك فأصحابها لا يكافئون بنات
المعلمين والتجار والقضاة ونحوهم عند الشافعية والحنابلة([63]).
* الجراحة: وهي فجر الدمامل والبثور تعتبر
حرفة دنيئة عند الحنابلة وحدهم([64]).
* البواب وسائس الخيل والسوّاق الذي يسوق
الدابة براكبها حرف دنيئة عند الحنفية وحدهم([65]).
* صانع الأحذية والحمّال والجلاد والملاح
والدلال والكحال حرف دنيئة عند الشافعية وحدهم([66]).
* حرفة الفرّان والشاعر والحلاَّق تعتبر حرف دنيئة عند المالكية
وحدهم([67]).
والتطور الذي جرى على الوسائل المستعملة في تلك
الحرف قد جعل نظرة الناس تختلف بشأنها وتبعاً لذلك تختلف نظرة العرف إلى تلك الحرف،
فالجراح (طبيب الجراحة) صار يستعمل الأجهزة الطبية الحديثة المتطورة، بحيث لا تصل
يده إلى الدم أو نحوه، أو الكحال (طبيب العيون) الذي كان يخالط الدماء والقيح
والقذى أصبح عمله اليوم يعتمد على الأجهزة المعقمة والمعقدة الكترونياً أو
إشعاعياً، وبسرعات كبيرة ومفيدة جداً ولا تلمس يديه الدماء والقاذورات.
والحداد الذي كان يتعاطى الفحم الأسود، صار يعتمد
على آلات الكهرباء والأكسجين وغيرها، والغسّال الذي كان يعمل بيده، صار يعمل
بالآلات التلقائية، وكذا كثير من المهن أو الحرف التي كانت أوصافها غير محبوبة، صارت
اليوم مطلباً مرغوباً، لأنها أكثر نوالاً وعطاءً([68])[SR1] .
ومن وجهة نظر الباحث فإن نظرة بعض الفقهاء الذين
يعتبرون الحرفة من الصفات المعتبرة في الكفاءة نابعة من العرف وتختلف باختلاف
الأعراف واختلاف الأزمنة والأمكنة، فهؤلاء الفقهاء عبروا عما تعارف عليه الناس
بشأن بعض الحرف أما الشريعة الإسلامية، فليس لها موقف من حرف ومهن بعينها فهي لا
تقر هذه المفاضلة بين الناس بسبب حرفهم التي يحترفون بها، فلا فضل لأحد في الشريعة
إلا بالتقوى وليس بالحرفة.
المطلب الرابع: الكفاءة
في المال:
اختلف الفقهاء الذين
يعتدون بالكفاءة في الزواج في اعتبار المال صفة من الصفات المعتبرة في الكفاءة في
الزواج، وبيان ذلك النحو الآتي:
أولاً: الكفاءة في المال عند
الحنفية: يذهب
الحنفية إلى أن الكفاءة في المال قاصرة على قدرة الزوج على دفع معجل المهر، وعلى
نفقة الزوجة لمدة شهر، إلا أن يكون من الكسبة فتكفي قدرته على نفقة يوم بيوم. أما
الغنى فوق ذلك فلا يشترط في ظاهر الرواية، فمن قدر على المهر المعجل والنفقة كان
كفؤاً لمن هي أغنى منه أو أبوها أغنى منه مطلقاً ([69]).
ثانياً: الكفاءة في المال عند
المالكية: لا
يعتد المالكية بالكفاءة في المال([70]).
ثالثاً: الكفاءة في المال عند
الشافعية: لا
يعتبر اليسار والمال والثروة من الصفات المعتبرة في الكفاءة في الزواج في الرأي
الأصح عند الشافعية ([71]).
رابعاً: الكفاءة في المال عند
الحنابلة: وفي
هذا الشأن وردت عن الإمام أحمد بن حنبل روايتان:
(إحداهما) هو شرط في
الكفاءة.
(والرواية الثانية) عن أحمد، المال ليس شرطاً، لأن
الفقر شرف في الدين، ثم هو عارض غير لازم فأشبه العافية من المرض، واليسار المعتبر
على الرواية الأولى هو قدرته على دفع مهرها والإنفاق عليها حسبما يجب لها ولا
يعتبر ما فوق ذلك([72]).
المطلب الخامس: الكفاءة
في السلامة من العيوب:
المقصود بالعيوب هنا
هي العيوب التي يجوز فسخ الزواج بسببها كالجب والعنة والخصاء والجنون والجذام
والبرص وغيرها، على أساس أن الزوجة أو وليها يعُيرا بالزوج المعيب فقد يقال عنها:
يا زوجة الأجذم يا زوجة الأبرص وهكذا، وقد اختلف الفقهاء في اعتبار السلامة من
العيوب من الصفات المعتبرة في الكفاءة في الزواج على النحو الآتي:
أولاً: الكفاءة في
السلامة من العيوب عند الحنفية: سكت المتقدمون من الحنفية عن اعتبار السلامة من
العيوب من الصفات المعتبرة في الكفاءة بما في ذلك سلامة العقل، أما المتأخرون من
فقهاء الحنفية، فقد اختلفوا في سلامة العقل وأكثرهم على اعتبار المجنون غير كفء
للعاقلة، ولا يلزم العقد إذا كان الزوج مجنوناً وللمعقود عليها ولأوليائها حق
الاعتراض وفسخ العقد، لأن الجنون يترتب عليه من الفساد والشر والعار ما لا يترتب
على الفقر، فكان أولى منه بهذا الحكم ([73]).
ثانياً: الكفاءة في السلامة
من العيوب عند المالكية: يذهب
المالكية إلى اعتبار السلامة من العيوب صفة من الصفات المعتبرة في الكفاءة في
الزواج([74]).
ثالثاً: الكفاءة في السلامة
من العيوب عند الشافعية: يذهب
الشافعية إلى اعتبار السلامة من العيوب صفة من الصفات المعتبرة في الكفاءة في
الزواج، فلا يكون الزوج المعيب بأحد العيوب السالف ذكرها، كالجب والعنة وغيرها
كفؤاً للسليمة منها، ولها حق فسخ الزواج بسبب انعدام الكفاءة بينهما، ولكن وجود
أحد هذه العيوب في الزوج يخل بالكفاءة بالنسبة للزوجة فقط، أما الأولياء فلا حق
لهم في ذلك إلا في الجنون والجذام والبرص لأنهم يعيرون به أما غيرها فلا([75]).
رابعاً: الكفاءة في
السلامة من العيوب عند الحنابلة: يذهب الحنابلة إلى أن السلامة من العيوب حق للزوجة
دون الأولياء، فيكون للزوجة الحق في فسخ الزواج إذا وجدت زوجها معيباً بأحد العيوب
السالف ذكرها كالجب والعنة والخصاء، أما الأولياء فلا يخيرون في ذلك، قيل إلا في
المجذوم والأبرص والمجنون، فإنهم يخيرون فيه لما يصيبهم من تعيير، لكن المذهب هو
الأول([76]).
المطلب السادس: الصفات
الأخرى المعتبرة في الكفاءة في الزواج:
إضافة إلى ما تقدم
ذكره من صفات في المطالب السابقة، هناك صفات أخرى معتبرة في الكفاءة عند بعض
المذاهب أو ظهرت في الوقت الحاضر نتيجة للتغيرات التي طرأت على الأعراف والعادات
الاجتماعية، ونشير إلى تلك الصفات بإيجاز على الوجه الآتي:
إسلام الآباء عند
الحنفية: فقد
ذهب الحنفية إلى أن إسلام الآباء معتبر عند غير العرب لأنهم يتفاخرون به أما العرب
فذلك غير معتبر عندهم، فمن أسلم بنفسه غير كفء لمن أبوها مسلم، ومن أبوه مسلم غير
كفء لذات أبوين في الإسلام، لكن ذا أبوين في الإسلام كفؤ لمن لها آباء أكثر منه في
الإسلام، لانتهاء النسب بالجد عادة([77])[SR2] .
السن عند بعض
الشافعية: ذكر
بعض المؤلفين أن بعض فقهاء الشافعية يذهبون إلى أنه ينبغي أن يناسب الزوج الزوجة
في السن، فلا يتزوج مثلاً ابن ستين سنة بابنة ست عشرة سنة([78])،
ويقال إن هذا هو قول الروياني من الشافعية الذي قال إن الشيخ ليس كفؤاً للشابة، وقرر
فقهاء الشافعية أن قول الروياني ضعيف ولكن ينبغي مراعاته، في حين يذهب المرحوم
محمد قدري باشا إلى أن السن صفة غير معتبرة في الكفاءة بين الزوجين إلا أنه يُحسن
مراعاة الأشياء المتناسبة بين الزوجين([79])،
وقد أخذ القانون الكويتي والإماراتي بهذا القول كما سنرى.
المؤهلات العلمية
والمناصب الإدارية والمراكز الاجتماعية المرموقة وزيادة الراتب: ظهرت في الوقت
الحاضر صفات مرغوبة في الكفاءة في الزواج واستقرت في الأعراف السائدة كالمؤهلات
العلمية والمناصب الإدارية والمراكز الاجتماعية المرموقة وزيادة الراتب، فالعرف
السائد في كثير من الدول العربية يعتد بهذه الصفات ويجعلها من الصفات المعتبرة في
الزواج في الوقت الحاضر.
المطلب السابع: الترجيح
بين الصفات المعتبرة في الكفاءة في الزواج:
خلال استقراء ما
تقدم يظهر لنا بجلاء تام أن الغاية من اشتراط الكفاءة في الزواج عند من يشترطها هو
حسن العشرة بين الزوجين وضمان استمرار العلاقة الزوجية وتأمين السكن النفسي بكل
معانيه من ألفة واحترام متبادل بين الزوجين، وأن ذلك يتحقق في الكفاءة بين الزوجين
في الدين والخلق وهذه هي الصفة الوحيدة المعتبرة من وجهة نظرنا، لأن الدين منظومة
قيم ورؤية للكون ورؤية للخالق ورؤية للحياة ورؤية لما بعد الموت، والكفاءة بين
الزوجين في ذلك خير ضمانة لوجود الاستقرار والانسجام والتناغم والألفة والحب
والرحمة بين الزوجين، والكفاءة بين الزوجين في الدين هي المعتبرة شرعاً والتي وردت
بها نصوص شرعية قطعية، أما غير ذلك من صفات الكفاءة فهي عارضة أو زائدة أو غير
مطردة، فمرجع اعتبار تلك الصفات العرف وليس الشرع، فما تعارف الناس عليه أنه خساسة
ودناءة فإن الناس ينظرون إليه على أنه يفوت الكفاءة، والفقهاء في تعدادهم لتلك
الصفات كانوا يعبرون عن عرف عاشوه ولمسوه في زمانهم([80])[SR3] ، فلم
يعبروا عن حكم الشرع أو موقف الشرع، والدليل على ذلك أقوال الفقهاء بشأن صفات
الكفاءة التي كانت تتغير كلما تغير الزمان وتبدل العرف، وقد عبر الفقهاء عن هذا
المعنى في أكثر من مصدر، ومن ذلك ما ورد في المغني لابن قدامة حيث قال: "فإذا
أطلقت الكفاءة وجب حملها على المتعارف"([81])،
ومن الشواهد على أن العرف هو الذي يحدد الصفات الأخرى في الكفاءة وليس الشرع قول
الشيخ مرعي الحنبلي شعراً:
قالوا الكفاءة ستة فأجبتهم |
|
قد كان هذا في الزمان الأول |
كما إن اعتبار بعض الصفات في
الكفاءة كالنسب والحرفة سوف يترتب عليه إثارة النعرات وعوامل الفرقة والانقسام في
المجتمع المسلم.
المطلب الثامن: الصفات
المعتبرة في الكفاءة في الزواج في قوانين الأحوال الشخصية العربية:
ذهبت بعض القوانين
العربية إلى حصر الصفات المعتبرة في الكفاءة في الزواج في الدين في حين أحالت
بعضها تحديد هذه الصفات إلى العرف، في حين اقتصرت بعض القوانين على جعل الكفاءة
محصورة في الكفاءة بالمال، فقد نصت المادة (48) من قانون الأحوال الشخصية اليمني
على أن "الكفاءة معتبرة في الدين والخلق"، ومن استقراء هذا النص يظهر أن
القانون اليمني قد أخذ برأي فقهاء المالكية الذين ضيقوا من الصفات المعتبرة في
الكفاءة حيث اقتصر على صفة الدين والخلق، وهذا مسلك حسن للقانون اليمني، وقد أخذ
القانون (صفة الخلق والدين) من قول النبي- صلى الله عليه وسلم-: "إذا خطب
إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه"([82])،
إلا إن القانون اليمني لم يبين معنى الدين والخلق كصفتين معتبرتين في الكفاءة
ولذلك رجع الباحث إلى شروح هذا الحديث ومن خلال ذلك ثبت أن المراد بالخلق حسن
معاشرة الزوج لزوجه وذلك يقتضي أن يقوم الزوج بواجبات الزوجية المترتبة عليه شرعاً،
أما صفة الدين فهي تعني قيام الزوج بالمحافظة على الشعائر الإسلامية الظاهرة
كالصلاة والصيام والزكاة والحج وعدم إتيانه للكبائر، لأن القضاء يكون على الظاهر
والله يتولى السرائر، أما القانون الكويتي فقد نص في المادة (35) على أن الكفاءة
تكون بالصلاح في الدين والتناسب في السن بين الزوجين، وفي حين ذهب قانون الأحوال
الشخصية القطري إلى حصر الكفاءة في الدين حيث نصت المادة (35) منه على أن "العبرة
في الكفاءة الصلاح في الدين عند العقد".
أما قانون الأحوال الشخصية
السوري فقد نصت المادة (28) منه على أن العبرة في الكفاءة لعرف البلد، حيث ارجع
تحديد الصفات المعتبرة الى العرف، في حين تنص المادة (20) من قانون الأحوال
الشخصية الأردني على أنه "يشترط في لزوم الزواج أن يكون الرجل كفؤاً للمرأة
في المال وهو أن يكون الزوج قادراً على دفع المهر المعجل ونفقة الزوجة وتراعى
الكفاءة عند العقد، فإذا زالت بعده فلا يؤثر ذلك في الزواج"، ويظهر من هذا
النص أن الصفة الوحيدة المعتبرة في الكفاءة هي الإيسار أو المال، وقد ذكر الفقهاء
هذه الصفة ضمن الصفات المعتبرة في الكفاءة وتحديداً عند الحنفية الذين ذكروا هذه
الصفة ضمن صفات كثيرة من أهمها الدين، وهي الصفة المعتبرة المجمع عليها عند جميع
الفقهاء الذين اعتدوا بالكفاءة، إلا أن القانون الأردني لم ينص على صفة الدين، ومن
جهته حدد قانون الأحوال الشخصية الاماراتي الصفات المعتبرة وهي الدين والسن بالإضافة
إلى الصفات المعتبرة في العرف حيث نصت المادة (21) من هذا القانون على أنه "وإذا
كان الخاطبان غير متناسبين سناً بأن كان سن الخاطب ضعف سن المخطوبة أو أكثر فلا
يعقد الزواج إلا بموافقة الخاطبين وعلمهما وبعد إذن القاضي وللقاضي أن لا يأذن به
مالم تكن هناك مصلحة في هذا الزواج" في حين نصت المادة (22) من القانون ذاته
على أن "العبرة في الكفاءة بصلاح الزوج ديناً ويعتبر العرف في تحديد الكفاءة
في غير الدين"، وذهب قانون الأحوال الشخصية العماني إلى تحديد الصفات
المعتبرة في الكفاءة وذلك في الدين والعرف حيث تنص المادة (20) من هذا القانون على
أن " تراعى الكفاءة حين العقد ويرجع في تقديرها إلى الدين ثم العرف"، ومن
خلال استقراء ما تقدم يظهر لنا أن القانون اليمني أكثر موافقة للحديث النبوي الحسن
السابق ذكره، علماً بأن الفقهاء والقوانين التي ذهبت إلى حصر الكفاءة بالدين دون
الإشارة إلى الخلق يرون أن صفة الخلق داخلة ضمناً في الدين، فالزوج المتدين حتماً
يكون صاحب خُلق، فالخلق أثر من آثار التدين، فلا يتصور أن يكون الزوج المتدين سيء الأخلاق،
كما ان القوانين العربية كافة بما فيها القانون اليمني لم تبين معنى الصفات
المعتبرة في الكفاءة باستثناء القانون الأردني الذي بين معنى الكفاءة في المال، وقد
ترتب على عدم بيان معنى الكفاءة في تلك الصفات إشكاليات كبيرة وكثيرة عند التقاضي أمام
المحاكم في اليمن وغيرها لاسيما عند طلب الفسخ لعدم الكفاءة في الدين لأن الافهام
تختلف في فهم معنى الدين كصفة من الصفات المعتبرة في الكفاءة، فقد رفعت دعاوى إلى
القضاء مطالبة بفسخ الزواج كون الزوج يتعاطى الدخان أو يشاهد التلفزيون أو يسمع
الغناء وغير ذلك، ولذلك فمن المهم بيان معنى صفة الدين والخلق.
المبحث الرابع: وقت
اعتبار الكفاءة وصاحب الحق فيها:
وسنذكر
في هذا المبحث وقت اعتبار الكفاءة وصاحب الحق فيها ومسقطاتها في المطلب الأول، أما
المطلب الثاني فسوف نبين فيه طريق وقوع الفرقة لعدم الكفاءة ونوع الفرقة والآثار
المترتبة على هذه الفرقة.
المطلب الأول: وقت
اعتبار الكفاءة بين الزوجين وصاحب الحق فيها:
وسنذكر ذلك في
الفروع الآتية:
الفرع الأول: وقت
اعتبار الكفاءة ومن تعتبر فيه الكفاءة: سنذكر أولاً وقت اعتبار الكفاءة،
ثم نذكر ثانياً الزوج الذي تعتبر الكفاءة في جانبه.
أولاً: وقت اعتبار
الكفاءة في الفقه الاسلامي: ذهب
الفقهاء الذين اعتبروا الكفاءة شرط لزوم إلى أن وقتها يكون عند إنشاء عقد الزواج، فإذا
تزوجت الفتاة من كفء ثم طرأ على الزوج ما ينقص من كفاءته بعد ذلك، فلا يؤثر ذلك
على العقد، لأن العقد نشأ صحيحاً، وقد عبّر عن ذلك ابن عابدين بقوله: فلو كان
كفؤاً ثم انتكلت الكفاءة لا يفسخ العقد([83])،
ومعناه أن حق الاعتراض على فوات الكفاءة يسقط؛ لأن العقد تم لازماً فلا يفسخ.
هل حق الاعتراض على
فوات الكفاءة يثبت على التراخي؟ اتفق الفقهاء على أن حق الاعتراض على فوات الكفاءة
يكون على التراخي لا الفور([84])، لأن
الأصل أن هذا الحق يثبت للزوجة والأولياء، فلا يسقطه التأخير إلا بدليل، ولا دليل
على ذلك، وسواءً في هذا اعتبرت الكفاءة شرطاً لنفاذ العقد أم شرطاً للزومه، أما
على القول باعتبارها شرط صحة، فإن العقد يعتبر فاسداً من أصله مع فواتها، ولا
يحتاج التفريق فيه إلى اعتراض من أحد، بل على الزوجين أن يفترقا، وعلى القاضي أن
يفرّق بينهما دون طلب من أحد إن علم بحالهما في أي وقت كان، والحق أن فسخ النكاح
لعدم الكفاءة ثابت للزوج وأوليائها ما لم يظهر منهم دليل على الرضاء بالزواج صراحة
أو دلالةً.
ثانياً: وقت اعتبار
الكفاءة في القانون: أغفل
القانون اليمني النص على وقت اعتبار الكفاءة، ومن وجهة نظرنا فإن سبب ذلك يرجع إلى
أن الخلق والدين هما الصفتان الوحيدتان المعتبرتان في القانون اليمني ولا يكفي
توفرهما عند إبرام عقد الزواج فقط بل يجب استمرارهما طوال فترة العلاقة الزوجية، في
حين حددت غالبية قوانين الأحوال الشخصية العربية وقت اعتبار الكفاءة بأنه وقت
ابرام عقد الزواج حيث نصت المادة (34) من القانون الكويتي على أنه (يشترط في لزوم
الزواج أن يكون الرجل كفؤاً للمرأة وقت العقد) وكذا نصت المادة (31) من القانون
السوري على أن" تراعى الكفاءة عند العقد فلا يؤثر زوالها بعده)، وكذا نصت
المادة (20) من القانون الاردني على أن "تراعى الكفاءة عند العقد"، وكذا
نصت المادة (35) من القانون القطري على أن "الكفاءة شرط لزوم الزواج والعبرة
فيها بالصلاح في الدين عند العقد"، وكذا نصت المادة (21) من القانون
الاماراتي على أنه "يشترط في لزوم الزواج أن يكون الرجل كفؤاً للمرأة وقت
العقد فقط"، وكذا نصت المادة (20) من القانون العماني على أن "تراعى
الكفاءة حين العقد".
ثالثاً:
الزوج الذي تعتبر الكفاءة في جانبه: لا تشترط الكفاءة إلا في الرجل،
فلا تشترط الكفاءة في جانب المرأة، لأن الزوجة تتضرر إذا كان زوجها أقل منزلة من
أهلها، أما الزوج فلا يتضرر بذلك، وإذا رأى أنه متضرر بسوء الاختيار فإنه يستطيع
رفع الضرر بالطلاق([85])،
هذا إذا كان كل من الزوج أو الزوجة كبيرين عاقلين، أما إذا كان أحدهما صغيراً أو
ناقص الأهلية، وزوّجَه غير الأب أو الجد، فالكفاءة عند ذلك مطلوبة في الجانبين، الرجل
والمرأة ([86]).
وقد
ذهبت غالبية قوانين الدول العربية إلى أن الذي تشترط فيه الكفاءة هو الرجل وليس
المرأة، وفي هذا الشأن اشترط القانون الكويتي توفرها في الزوج دون الزوجة حسبما
ورد في (34) من هذا القانون، وكذا القانون السوري حيث نصت المادة (26) منه على أنه
"يشترط في لزوم الزواج أن يكون الرجل كفؤاً للمرأة"، وكذا القانون
الأردني حيث نصت المادة (20) من هذا القانون على أنه "يشترط في لزوم الزواج
أن يكون الرجل كفؤاً للمرأة في المال"، وكذا نصت المادة (21) من القانون
الاماراتي على أنه (يشترط في لزوم الزواج أن يكون الرجل كفؤاً للمرأة)، أما
القانون اليمني فقد جعل الكفاءة معتبرة في الرجل والمرأة في آن واحد، فالعرف
السائد في اليمن يجعل الناس يزدرون من يتزوج امرأة أدنى منه منزلة أو سيئة الأخلاق.
الفرع الثاني: صاحب الحق
في الكفاءة في الفقه الإسلامي: يرى الفقهاء الذي يعتدون بالكفاءة أن الكفاءة حق
للمرأة ولوليها على سبيل الاستقلال، لأن المرأة هي التي تتأثر بعدم الكفاءة، حيث إنها
وأهلها يعيرون بمستوى الزوج الأقل كفاءة([87])،
لكن إذا رضيت الفتاة بالزواج من شخص غير كفء فقد أسقطت حقها في كفاءة الزوج لها، وبقي
حق الأولياء الذين لهم حق الاعتراض، ويكون للقاضي صلاحية الحكم بالفسخ إذا طلبوا
منه ذلك، لكن لو اعترض أحد الأولياء المتساوين في الدرجة، دون الباقين فهل يسمع
هذا الاعتراض أم لا؟
للفقهاء في هذه
المسألة قولان:
القول الأول: حق الأولياء لا
يسقط بإسقاط البعض له، لأن هذا الحق مشترك للجميع، فهو يشبه الدَّين المشترك الذي
لا يسقط بإسقاط البعض له، بل هذا أشد لأنه حق لا يتجزأ، وكذا قياساً على حقوقهم في
الدية، وهو قول المالكية والشافعية وأبي يوسف فقد ورد عن الإمام الشافعي قوله:
" فلو رضوا إلا واحداً فله فسخه"([88]).
القول الثاني: إسقاط بعض الأولياء
لحقه إسقاط لحقوقهم جميعاً، وليس لهم حق الاعتراض لأنه لا يتجزأ بخلا ف الدين فإنه
يتجزأ، وهو قول أبي حنيفة ومحمد([89]).
الفرع الثالث: صاحب
الحق في الكفاءة في القانون: وفقاً للمادة (48) من قانون الأحوال الشخصية اليمني
فإن صاحب الحق في الكفاءة هما الزوجان معاً لأن القانون اليمني أخذ بالعرف السائد
باليمن الذي يزدري الرجل إذا كانت زوجته أدنى منه في الخلق والدين، فالعرف في
اليمن يشترط الكفاءة في الزوجين معاً، وذلك خلاف القوانين العربية الأخرى التي
حصرت هذا الحق في الزوجة او وليها دون الزوج، عملاً بقول غالبية الفقهاء الذين
يعتدون بالكفاءة، وفي هذا الشأن نصت المادة (34) من القانون الكويتي على أنه "يثبت
حق الفسخ لكل من المرأة ووليها عند فوات الكفاءة"، وكذا نصت المادة (21) من
القانون الاماراتي على أنه "لكل من المرأة ووليها الحق في طلب الفسخ عند فوات
الكفاءة"، كما نصت المادة (20) من القانون العماني على أن "الكفاءة حق
خاص بالمرأة والولي"، كما نصت المادة (29) من القانون السوري على ان "الكفاءة
حق خاص للمرأة وللوليّ"، وكذلك الحال في القانون الأردني الذي حدد صاحب الحق للكفاءة
في الزوجة ووليها وفقاً للمادتين (21) و(22)، وقد سلك هذا المسلك القانون القطري
حسبما ورد في المادتين (36) و(37).
الفرع الرابع: مسقطات
الحق في فسخ الزواج لعدم الكفاءة: يسقط هذا الحق إذا ظهر من الزوجة أو وليها دليل على
الرضا بالزواج صراحة أو دلالة، أما صراحة فكأن يصرّحوا بالموافقة على الزواج بعد
علمهم بانعدام الكفاءة بقولهم: أجزنا الزواج، ونحوه. وأما دلالة فبالنسبة للمرأة
يكون بالتمكين من الوطء أو طلب المهر أو النفقة بعد العلم بفوات الكفاءة، وبالنسبة
للوليّ بأن يطلب المهر، أو يعقد العقد بنفسه بعد العلم بفوات الكفاءة في الزوج.
ولكن إذا رضي الوليّ
بالزوج في نكاح هل له الاعتراض عليه في نكاح آخر؟ اختلف الفقهاء في ذلك على قولين:
القول الأول: ذهب الحنفية إلى
أنه إذا كان الزوج قد طلقها طلاقاً رجعياً فعادت إليه بالمراجعة قبل مضي العدّة لم
يكن للولي الاعتراض، لأنه قد رضي بالنكاح أولاً والنكاح باقٍ على حاله، فلا يكون
له حق الاعتراض. لأن الطلاق الرجعي لا يقطع النكاح، وإن كان طلقها بائناً أو فسخ
نكاحها، أو رجعياً لكنه لم يراجعها في العدّة بل عقد عليها بعد مضيّها، فإن له
الاعتراض على الزواج لعدم كفاءة الزوج، ولا يسقط حقه هذا بموافقته على الزواج
الأول. لأن العقد الثاني نكاح مستقل بعد حلول الفرقة من العقد الأول، فكان له حق
الاعتراض([90]).
القول
الثاني:
ذهب الشافعية والمالكية إلى أنه إذا رضي الوليّ بالزوج في العقد الأول ثم افترقت
عنه بطلاق رجعي أو بائن أو خلع أو فسخ نكاحها، ثم عادت له بنكاح جديد، لم يكن
للوليّ الاعتراض، لأن رضاه بالزوج أولاً يسقط اختياره الفسخ بسببه مطلقاً، لأن
الزوج الذي رضي به الوليّ أولاً لم يتغير، بخلاف ما لو نكحت من زوج آخر غير كفء
لها، فإن له حق الاعتراض باتفاق([91]).
وهل يسقط حق الوليّ
في الاعتراض بالدخول أو بالحمل أو بالولادة؟ الفقهاء الذين جعلوا الكفاءة
شرط نفاذ العقد لا يسقطون حق الوليّ في رفض العقد أو إجازته ما لم يصدر منه ما
يفيد الرفض أو الرضا صراحة أو دلالة، ولو طال الأمر حتى حملت الزوجة أو ولدت، لأن
العقد موقوف ولا مجيز له إلا هو، فلا ينفذ إلا بإجازته مهما تأخرت.
وأما الفقهاء الذين
قالوا إن الكفاءة شرط لزوم العقد، فإن العقد عندهم يقع نافذاً بدونها، ولكن للوليّ
المعترض حق طلب الفسخ، فإذا تأخر في طلب الفسخ حتى ولدت الزوجة، فقد ذهب الحنفية
إلى أن حقه في طلب الفسخ يسقط بالولادة حفظاً لحق الولد لأنه أولى من حق الوليّ في
الفسخ، سواء أكان الولي معذوراً في تأخره عن طلب الفسخ أم لا([92])،
وذهب بعض الحنفية إلى إقامة ظهور الحمل مقام الولادة في حق إسقاط حق الوليّ في
الفسخ حفظاً لحق الولد أيضاً([93])،
وذهب المالكية إلى أن حق الاعتراض من الأولياء يسقط بالدخول، ذلك أن حقهم في الفسخ
ضعيف فيسقط بالدخول لتمام التسليم به([94]).
الفرع الخامس: مسقطات
الحق في الكفاءة في القانون: نص القانون اليمني على ذلك في المادة (48) على أن
عماد الكفاءة التراضي وهذا يعني أنه إذا صدر رضاً صريح أو ضمني سقط الحق في الفسخ،
إلا أن القانون اليمني لم يذكر بقية المسقطات كالدخول أو الحمل، في حين نصت على
حالات سقوط فسخ الزواج لعدم الكفاءة بعض القوانين العربية حيث نصت المادة (39) من
القانون الكويتي على أن (يسقط حق الفسخ بحمل الزوجة أو بسبق الرضا أو بانقضاء سنة
على العلم بالزواج)، وكذا نصت المادة (30) من القانون السوري على أنه (يسقط حق
الفسخ لعدم الكفاءة إذا حملت المرأة)، كما نصت المادة (23) من القانون الأردني على
أن (للقاضي عند الطلب فسخ الزواج بسبب عدم كفاءة الزوج ما لم تحمل الزوجة من فراشه
أما بعد الحمل فلا يفسخ الزواج)، وكذا نصت المادة (39) من القانون القطري على أنه
(يسقط حق طلب الفسخ لانتفاء الكفاءة بحمل الزوجة أو انقضاء سنة على عقد الزواج)، كما
نصت المادة (25) من القانون الاماراتي على أنه "يسقط الحق في طلب الفسخ لعدم
الكفاءة إذا حملت الزوجة أو انقضت سنة بعد العلم بالزواج أو سبق الرضاء ممن له طلب
الفسخ)".
المطلب الثاني: طريق وقوع فسخ
الزواج لعدم الكفاءة ونوعها وآثارها:
وسنبين في الفرع
الأول طريق وقوع الفسخ لعدم الكفاءة، في حين نبين في الفرع الثاني نوع الفرقة بين
الزوجين لعدم الكفاءة، أما الفرع الثالث فسوف نذكر فيه الآثار المترتبة على الفرقة
بين الزوجين لعدم الكفاءة.
الفرع الأول: طريق وقوع فسخ
الزواج لعدم الكفاءة: الفقهاء
الذين يقولون بأن الكفاءة شرط صحة العقد يعدّون العقد مع فواتها فاسداً، وليس لأحد
إجازته، والفسخ فيه ثابت لحق الشرع، فعلى الزوجين أن يفترقا من نفسيهما لحرمة
الاتصال، وعلى القاضي أن يفّرق بينهما دون طلب من أحد إذا علم بحالهما، حماية لحق
الشرع. إذ إن القاضي هو الحامي لشرع الله.
أما الذين يقولون
بأن الكفاءة شرط نفاذ، فهم كذلك يعدّون العقد مع فوات الكفاءة وعدم رضا الوليّ أو
الزوجة بالزواج باطلاً من أساسه، وكأنه لم يكن، وعلى الزوجين التفرّق لحرمة الاتصال،
وكذلك على القاضي التفريق بينهما لحق الشرع.
وأما الذين يقولون
بأن الكفاءة شرط لزوم العقد، فإن العقد عندهم مع فواتها وعدم موافقة الوليّ أو
الزوجة عليه صحيح غير لازم، ولكل منْ لم يوافق عليه سواء الوليّ أو الزوجة حق طلب
فسخه، ولا يتم فسخه إلا بقضاء القاضي، لأن الفقهاء قد اختلفوا فيه وهو موضع اجتهاد،
كما أن الصفات المعتبرة في الكفاءة تختلف فيها أنظار الناس وأعرافهم، وما كان هذا
شأنه من الفرق لا بدّ لوقوعه من قضاء القاضي حسماً للمنازعات، لذلك فإنه على
الوليّ أو الزوجة التي لم ترض بالنكاح بغير الكفء رفع الدعوى إلى القاضي طلباً
للفسخ، والقاضي بعد التحقق من الدعوى يحكم بفسخ النكاح. والفرقة تقع من تاريخ
الفسخ، لا من تاريخ العقد، ويكون العقد قبل الحكم بالفرقة صحيحاً نافذاً فيتوراث
الزوجان وتستحق الزوجة كل المهر إذا مات الزوج قبل الفرقة، بخلاف ما لو اعتبرت
الكفاءة شرط نفاذ أو شرط صحة ثم ترافعا إلى القضاء في التفريق، فإن الفرقة تقع
مستندة إلى أصل العقد، لأن الحكم هنا يقرر الفرقة ولا ينشئها.
وقوانين الأحوال
الشخصية في الدول العربية ومنها اليمن متفقة على أن فسخ الزواج لعدم الكفاءة لا
يكون إلا عن طريق القضاء بحسب ما ورد في المواد 43 يمني و34 كويتي و25 سوري و23
أردني.
الفرع الثاني: نوع
الفرقة بين الزوجين لعدم الكفاءة: الفرقة لعدم الكفاءة فسخ عند جميع الفقهاء، سواء منهم
من اعتبرها شرط صحة أو شرط نفاذ أو شرط لزوم، أما من اعتبرها شرط صحة أو نفاذ
فظاهر، لأن العقد مع فوات الكفاءة وفوات موافقة من توقف العقد على موافقته يعتبر
فاسداً، والفرقة بسبب فساد العقد فسخ بالإجماع.
وأما على رأي من
يعتبرها شرط لزوم، فعلى مذهب الحنفية هي فسخ لأنها فرقة جاءت من قبل الزوجة ولا
مثيل لها من قبل الزوج، وأما على مذهب الشافعية والحنابلة فلأنها ليست من الزوج، وأما
على مذهب المالكية فإن العقد مع فوات الكفاءة في حكم الفاسد فتكون فسخاً([95]).
وقوانين الأحوال
الشخصية في الدول العربية ومنها اليمن متفقة على ان الفرقة بين الزوجين لعدم
الكفاءة فسخ.
الفرع الثالث: آثار فسخ الزواج لعدم
الكفاءة: تترتب
على فسخ الزواج لعدم الكفاءة بعض الآثار على المهر والعدة والنفقة في العدة، وبيان
ذلك على الوجه الآتي:
أولاً:
حكم المهر بعد فسخ الزواج لعدم الكفاءة: ما دامت الفرقة لفوات الكفاءة
فسخاً، فذلك يعد نقضاً للعقد من أساسه، لذا لا يجب على الزوج شيء من المهر إذا
وقعت الفرقة قبل الدخول، لأنها فسخ من قبل المرأة فلا يجب لها شيء، وإن كانت بعد
الدخول، فإنه يجب للمرأة فيها كل المهر، لأنه دخول لا يجب فيه حدّ، فوجب فيه المهر،
وهل هو المهر المسمى أم مهر المثل؟
على قول من يجعل
الكفاءة شرط صحة أو نفاذ يجب الأقل من المهر المسمى أو مهر المثل، لفساد العقد
بفواتها، وأما على قول من يجعلها شرط لزوم، كالحنفية والمالكية والشافعية، فإنهم
يوجبون فيها كل المهر المسمى لصحة العقد.
لم تنص قوانين
الأحوال الشخصية في الدول العربية على هذا الحكم، وعندئذ لا مناص من الرجوع إلى
قول المذهب المعتمد في القانون كالمذهب المالكي بالنسبة لقوانين الكويت والمغرب
والإمارات، والمذهب الحنفي بالنسبة لقوانين مصر وسوريا والأردن، أما القانون
اليمني فالمرجع في هذه الحالة هو الدليل القوي.
ثانياً:
حكم العدة والنفقة فيها بعد فسخ الزواج لعدم الكفاءة: العدّة، واجبة
بالإجماع بعد الدخول، سواءً أكانت الكفاءة شرط صحة أم شرط نفاذ أم شرط لزوم، لأن
العدّة تجب بعد كل دخول لا حدّ فيه عند الجمهور، وهي هنا عدّة الطلاق. فتعتدّ
المرأة هنا بثلاثة أشهر، أو بثلاث حيضات، أو بوضع الحمل حسب حالها.
وإن كان الفسخ قبل الدخول فلا عدّة بالإجماع، لأن
العدّة لاستبراء الرحم، ولا حاجة إليها هنا فلا تجب.
وأما نفقة العدّة
فإنها واجبة للزوجة عند الحنفية، لأنها محبوسة لحق الزوج، فتجب عليه نفقتها فيها، وأما
الأئمة الثلاثة فلا تجب نفقة العدة للزوجة عندهم في عدّة هذه الفرقة، لأنها بتات، ولا
تجب النفقة عندهم إلا للمعتدّة من الرجعي فقط.([96])
أما قوانين الأحوال
الشخصية في الدول العربية فلم تنص على هذا الحكم، وعندئذ لا مناص من الرجوع الى
قول المذهب المعتمد في القانون كالمذهب المالكي بالنسبة لقوانين الكويت والمغرب
والإمارات، والمذهب الحنفي بالنسبة لقوانين مصر وسوريا والأردن، أما القانون
اليمني فالمرجع في هذه الحالة الدليل القوي حسبما ورد في المادة (349).
خاتمة البحث:
الحمد لله
فبفضله وعونه تمكنت من إتمام البحث في موضوع فسخ الزواج لعدم الكفاءة، حيث خلصت من
هذا البحث إلى استنتاجات وتوصيات كثيرة، يمكن عرض أهمها على النحو الآتي:
أولاً: الاستنتاجات:
خلص البحث إلى أهم الاستنتاجات الآتية:
1.
الكفاءة بين الزوجين تعني
المساواة بينهما في صفات مخصوصة ذكرها الفقهاء، ولم نقف على تعريف جامع لفسخ
الزواج لعدم الكفاءة، وإن وردت تعريفات للفسخ على حدة وللكفاءة على حدة، ولذلك وفي
ضوء تلك التعريفات الجزئية قمنا بصياغة تعريف جامع (لفسخ الزواج لعدم الكفاءة) وهو
تعريفه بأنه "حق الزوجة أو وليها في طلب فسخ عقد زواجها من زوجها الذي لا
تتوفر فيه الصفات المعتبرة شرعاً في الكفاءة".
2.
اختلف الفقهاء بشأن الاعتداد
بالكفاءة بين الزوجين حيث ذهب جمهور الفقهاء إلى الاعتداد بالكفاءة، واستدلوا
بأدلة كثيرة على النحو المبين في موضعه من البحث، في حين ذهب بعض الفقهاء إلى عدم
الاعتداد بالكفاءة واستدلوا بالآيات الكريمات والأحاديث الشريفة التي تدل على أن
المسلمين سواسية، وعلى النحو المبين تفصيلاً في موضعه، وقد ذهبنا إلى ترجيح القول
باعتبار الكفاءة بين الزوجين في الدين فقط، لأنه الصفة الوحيدة المعتبرة شرعاً أما
غير ذلك من الصفات فمرجعها إلى العرف. وقد اشترطت الكفاءة بين الزوجين قوانين
الأحوال الشخصية العربية بما فيها القانون اليمني حسبما هو مثبت في موضعه من
البحث.
3.
جمهور الفقهاء الذين ذهبوا إلى
الاعتداد بالكفاءة بين الزوجين اختلفوا في التكييف الفقهي للكفاءة في الزواج، حيث
ذهب معظم هؤلاء إلى أن الكفاءة شرط لزوم عقد الزواج، فإذا تزوجت المرأة بغير كفء
أو زوّجها وليها من غير كفء فإن عقد الزواج يكون صحيحاً ولكن يجوز للزوجة وللولي طلب
فسخ الزواج، فإن لم يعترضا فقد لزم الزواج، وذهب بعض الفقهاء إلى أن الكفاءة في
الزواج تعد شرطاً لصحة الزواج، لأن عدم الكفاءة يجعل عقد الزواج باطلاً ولو رضي
الزوجان بذلك، وفريق ثالث من الفقهاء ذهب إلى أن الكفاءة تعد شرط نفاذ عقد الزواج،
فإذا تزوجت المرأة من غير كفء بدون رضا وليها أو زوجها وليها بغير كفء من دون
رضائها، كان العقد غير نافذ وموقوفاً على الرضا من الزوجة أو وليها، وقد ذهبنا إلى
ترجيح القول بأن الكفاءة شرط لزوم عقد الزواج، وقد ذكرنا أسباب الترجيح، وقد أخذت
قوانين الأحوال الشخصية في الدول العربية بما فيها القانون اليمني بالقول الذي ذهب
إلى أن الكفاءة شرط لزوم عقد الزواج، حسبما هو مبين في موضعه من البحث.
4.
اختلف جمهور الفقهاء الذين
يعتدون بالكفاءة في الزواج بشأن الصفات المعتبرة في الكفاءة، فقد توسع بعض هؤلاء
في هذه الصفات حيث يذهبون إلى أن كلا من الدين والنسب والمال والحرفة والآباء
المسلمين والسلامة من العيوب والحرية من الصفات المعتبرة في الكفاءة، فيما ذهب
المالكية إلى أن الدين والسلامة من العيوب فقط من الصفات المعتبرة، وقد ذهبنا إلى
ترجيح القول بأن الدين فقط هو الصفة المعتبرة في الكفاءة في الزواج، لأن الدين هو
الصفة المعتبرة شرعاً، أما غير ذلك من الصفات فإن المرجع في اعتبارها للعرف
المتغير دوماً وغير المطرد، وقد اتجهت غالبية قوانين الأحوال الشخصية في الدول
العربية إلى عدم التوسع في اعتبار الصفات المعتبرة في الكفاءة، فقد نص القانون
اليمني على أن الصفة المعتبرة في الكفاءة هي الدين والخلق. والقانون الكويتي نص
على أنها الدين والتناسب في السن بين الزوجين، وفي القانون الأردني المال فقط. أما
بعض القوانين العربية فقد توسعت في الصفات المعتبرة في الكفاءة في الزواج حيث نصت
على أن المرجع إلى العرف في اعتبار الصفات الأخرى في الكفاءة كالقانون السوري
والإماراتي والعماني، ومن المعلوم أن الأعراف والعادات الاجتماعية السائدة في
العصر الراهن قد أفرزت صفات جديدة في الكفاءة بين الزوجين كالمستوى التعليمي
والمركز الوظيفي والجاه الاجتماعي وغيرها.
5.
لم تبين قوانين الأحوال الشخصية
التي اعتدت بالدين كصفة معتبرة في الكفاءة المقصود بذلك، كالقانون اليمني الذي نص
على اعتبار الدين صفةً معتبرةً في الكفاءة، والفقهاء مختلفون في الأمور التي تخل
بالتدين اختلافاً واسعاً لا سيما في المفسقات، وقد قرر الفقهاء أن الفاسق ليس
كفؤاً للمتدينة، والأمور المفسقة اختلف الفقهاء بشأنها، فمنهم من يتشدد في ذلك
ومنهم يتساهل، وعدم بيان القوانين لذلك يسبب مشاكل عملية تثار أمام القضاء، فقد
طلبت أكثر من زوجة فسخ نكاحها من زوجها المدخن لأن التدخين مخالف لأحكام الشريعة
مستدلة بأقوال الفقهاء الذين يذهبون إلى أن التدخين فسق ومعصية، وهناك من طلبت فسخ
زواجها لأن زوجها يسمع الغناء أو يشاهد التلفزيون... إلخ، ولذلك فمن المهم للغاية
بيان المقصود من الدين كصفة من صفات الكفاءة في المذكرات الإيضاحية.
6.
معنى صفة الدين عند الفقهاء
صلاح الدين وعدم المعصية لله (الفسق) ولا يكون ذلك بحسب ما توصل اليه الباحث إلا
بمحافظة الزوج على الشعائر الإسلامية كالصلاة والصيام والزكاة والحج وعدم إتيان
الزوج للكبائر ومعنى صفة الدين الخلق قيام الزوج بالواجبات المقررة شرعاً عليه.
7.
وقت اعتبار الكفاءة في الزواج
هو وقت إبرام عقد الزواج، أما بعد ذلك فلا تعتبر، والكفاءة معتبرة في جانب الزوج، أما
الزوجة فلا تشترط فيها الكفاءة، ولذلك فصاحب الحق في طلب الفسخ لعدم الكفاءة هي
الزوجة وأولياؤها، وهذه المسألة محل اتفاق بين الفقهاء، وقد أخذت القوانين العربية
بذلك، أما القانون اليمني فقد اعتبرها في الزوجين معاً عملاً بالعرف السائد في اليمن،
ولم ينص القانون اليمني على وقت اعتبار الكفاءة بخلاف القوانين العربية ومنها
القانون الكويتي التي نصت على أن وقت اعتبارها هو عند إبرام العقد أما بعده فلا.
8.
اختلف الفقهاء في طريق وقوع الفسخ
لعدم الكفاءة، فمنهم من يذهب إلى أن الفرقة تقع بحكم الشرع من غير حاجة للقضاء، في
حين يذهب بعضهم إلى أن الفرقة لهذا السبب لا تقع بحكم الشرع وإنما بحكم القضاء، وقد
ذهبنا إلى ترجيح القول بأنها لا تقع إلا بحكم القضاء، وقد أخذت قوانين الأحوال
الشخصية العربية بهذا القول، والفرقة بين الزوجين لعدم الكفاءة فسخ وذلك باتفاق الفقهاء،
وكذلك قوانين الأحوال الشخصية العربية التي اتفقت على ذلك بما فيها القانون
اليمني.
9.
نظم القانون اليمني أحكام فسخ
الزواج لعدم الكفاءة في مادة واحدة فقط تمت صياغتها بألفاظ مجملة، بخلاف القوانين
العربية التي نظمت هذه الأحكام في مواد عدة، ولذلك فقد أغفل القانون اليمني كثيراً
من أحكام فسخ الزواج لعدم الكفاءة ومن أهمها وقت اعتبار الكفاءة ومسقطاتها وآثار
الفسخ على المهر والعدة ونفقة المفسوخ نكاحها.
10.
يترتب على الفسخ لعدم الكفاءة
وجوب العدة على الزوجة وعدم استحقاقها للمهر قبل الدخول واستحقاقها للمهر بالدخول،
واختلف الفقهاء بشأن استحقاقها للنفقة في أثناء عدتها على النحو المبين في موضعه
من البحث، أما قوانين الأحوال الشخصية العربية فبعضها لم تتعرض لهذا الأمر ومنها
القانون اليمني.
ثانياً: التوصيات:
وخلاصة هذه التوصيات
مبينة على النحو الآتي:
1.
تعديل القانون اليمني لتضمينه
معنى الدين كصفة معتبرة في الكفاءة بحيث يكون معناه (محافظة الزوج على الشعائر
الإسلامية وعدم إتيانه الكبائر)، وكذا تعديل القانون اليمني لتضمينه معنى الخلق
وهو "حُسن العشرة وقيام الزوج بواجباته الزوجية الشرعية" وكذا تضمينه
فقرات تبين مسقطات الفسخ وآثاره على نفقة المفسوخ نكاحها ومهرها لأنه يتعذر على
غالبية القضاة الرجوع إلى الدليل القوي مثلما اشترط القانون، وأن لم يتعذر عليهم
ذلك فسوف تكون أحكام القضاء خاضعة لأهواء القضاة، كما أنها ستكون متفاوتة ومختلفة
في المسألة الواحدة بحسب إختلاف أذهان القضاة وذلك لعدم وجود نص قانوني يبين الحكم
فيها.
2.
تعديل القوانين العربية التي
توسعت في الصفات المعتبرة في الكفاءة بحيث تقتصر على الدين فقط كصفة معتبرة في
الكفاءة دون غيرها، لأنها الصفة المعتبرة شرعاً مع بيان معنى الدين كصفة معتبرة في
الكفاءة، وحتى لا تكون الصفات الأخرى كالنسب والحرفة وليجة لإثارة النعرات وأسباب
الفرقة والخلاف بين أمة المسلمين الواحدة.
3.
أن يسلك القانون الكويتي بشأن
صفة تناسب سن الزوجين مسلك قانون الأحوال الشخصية بدولة الإمارات الذي أشار إلى حد
ما إلى ماهية التناسب حينما نص على أن المراد به هو ألا يكون سن الزوج ضعف سن
الزوجة، وهناك ضابط ذكره الفقهاء الذين اشترطوا التناسب في السن وهو ألا يتزوج
الشيخ الشابة، حسبما ورد في قول الإمام الروياني من فقهاء الشافعية.
المراجع:
إبراهيم بك، أحمد (2003)،
أحكام الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية، الطبعة الخامسة، القاهرة:
مطابع دار الجمهورية.
ابن الهمام، أكمل
الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي السكندري (1326هـ)، فتح القدير شرح
الهداية، مصر: المطبعة الأميرية ببولاق.
ابن جزي المالكي، محمد
بن أحمد بن محمد الغرناطي (1979)، قوانين الأحكام الشرعية، بيروت،
لبنان: مطبعة دار العلم للملايين.
ابن حزم، علي بن
أحمد بن سعيد (1387ه)، المحلى، القاهرة: مطبعة دار الاتحاد العربي.
ابن حنبل، أحمد (1398هـ)،
المسند، تحقيق أحمد شاكر، بيروت: المكتب الإسلامي.
ابن عابدين، محمد
أمين عمر (1432ه)، رد المحتار على الدر المختار، الطبعة الثانية، مصر:
مطبعة مصطفى البابي الحلبي.
ابن قدامه، عبد الله
بن محمد المقدسي (1417هـ)، المغني، الرياض: دار عالم الكتب.
ابن ماجه، أبو عبد
الله محمد بن يزيد (1395هـ)، سنن ابن ماجة، تحقيق محمد فؤاد عبد
الباقي، بيروت: دار إحياء التراث العربي.
ابن مفتاح، أبو
الحسن عبد الله بن مفتاح (1984)، منتزع المختار من الغيث المدرار،
اليمن: وزارة العدل.
ابن نجيم، زين الدين
بن إبراهيم (1311ه)، البحر الرائق شرح كنز الدقائق، بيروت: دار
المعرفة.
أبو الحسن الهيثمي،
نور الدين علي بن أبي بكر بن سليمان (1422هـ). مجمع الزوائد ومنبع الفوائد،
الطبعة الأولى، بيروت: دار الكتب العلمية.
أبو داود، سليمان بن
الأشعث الازدي (1430هـ)، سنن أبو داود، بيروت: دار الرسالة العلمية.
الأصبحي، مالك بن
أنس (1398هـ)، المدونة الكبرى، الطبعة الأولى، بيروت: دار صادر.
الأنصاري، أبو يحيى
زكريا بن محمد (1398هـ)، أسنى المطالب شرح روض الطالب، القاهرة: دار
الكتاب الإسلامي.
بني صالح، محمد فالح
(2010)، الحرفة وأثرها على الكفاءة في عقود الزواج الإسلامية، بحث منشور في
الموقع الإلكتروني لدليل القانون الإلكتروني العربي (www.aravlawinofo.com)، إربد، الأردن.
البهوتي، منصور بن
يونس بن إدريس (1402ه)، كشاف القناع عن متن الإقناع، بيروت: دار
الفكر.
البيهقي، أبو بكر
أحمد بن الحسين بن علي (1355هـ)، السنن الكبرى، حيدر أباد، الهند: مطبعة
دائرة المعارف العثمانية.
الترمذي، أبو عيسى
محمد بن عيسى (1996)، سنن الترمذي (الجامع الكبير)، الطبعة الأولى،
تحقيق بشار عواد معروف، تونس: دار الغرب الإسلامي.
الجندي، أحمد نصر (2006)،
الأحوال الشخصية في القانون الكويتي، مصر: دار الكتب القانونية.
الخرشي، أبو عبد الله
محمد الخرشي (1997)، على مختصر خليل، بيروت: دار صادر.
الدار قطني، علي بن
عمر (1386هـ)، سنن الدار قطني، تحقيق عبدالله هاشم يماني، مصر: مطبعة
دار المحاسن.
الدسوقي، محمد بن
عرفة (1331هـ)، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، القاهرة: مطبعة
التقدم العلمية.
الرازي، محمد بن أبي
بكر عبد القادر (1986)، مختار الصحاح، بيروت: دار الكتاب العربي.
الرملي، شمس الدين
أحمد بن شهاب الدين (1386هـ)، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، مصر:
مطبعة مصطفى البابي الحلبي.
الزيلعي، جمال الدين
عبد الله بن يوسف (1393ه)، نصب الراية لأحاديث الهداية، الطبعة الثانية،
بيروت: المكتب الإسلامي.
السرخسي، شمس الدين
محمد بن أحمد (1324هـ)، المبسوط، الطبعة الأولى، مصر: مطبعة
السعادة.
الشافعي، محمد بن
إدريس (1381هـ)، الأم، الطبعة الأولى، مصر: مكتبة الكليات الأزهرية.
الشربيني، محمد بن
أحمد الخطيب (1420ه)، مغني المحتاج شرح المنهاج، المكتبة الإسلامية،
بيروت: دار الكتب العلمية.
شمروخ، حامد محمود (1984)،
أحكام الزواج والفراق في الشريعة الإسلامية، القاهرة.[SR4]
الشيرازي، أبو إسحاق
إبراهيم بن علي بن يوسف (1379ه)، المهذب في فقه الإمام الشافعي،
الطبعة الثانية، مصر: مطبعة مصطفى البابي الحلبي.
الصاوي، أحمد بن
محمد (1382هـ)، بلغة السالك لأقرب المسالك، مصر: مطبعة مصطفى البابي
الحلبي.
العسقلاني، ابن حجر
(1384هـ)، الدراية في تخريج أحاديث الهداية، تحقيق عبد الله هاشم
اليماني، القاهرة: مطبعة الفجالة الجديدة.
العسقلاني، ابن حجر
(1384هـ)، تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، تحقيق عبد
الله هاشم اليماني، مصر: شركة الطباعة الفنية المتحدة.
العسقلاني، شهاب
الدين أبو الفضل المعروف بابن حجر (1378هـ)، فتح الباري شرح صحيح البخاري،
مصر: مكتبة ومطبعة البابي الحلبي.
العظيم أبادي، محمد
شمس الحق (1389هـ)، عون المعبود شرح سنن أبي داوود، تحقيق عبد
الرحمن محمد عثمان، المدينة المنورة: المكتبة السلفية.
العنسي، أحمد بن
قاسم (1947)، التاج المذهب لأحكام المذهب، الطبعة الأولى، القاهرة: دار
إحياء الكتب العربية.
الفتوحي، الشيخ محمد
بن أحمد الحنبلي (1999)، شرح منتهى الإرادات مع التنقيح وزيادات،
تحقيق عبد الغني عبد الخالق مؤسسة الرسالة، مصر: عالم الكتب.
الفيومي، أحمد بن
محمد علي المقري (1987)، المصباح المنير، لبنان: مكتبة لبنان.
قانون الأحوال
الشخصية الأردني -وزارة العدل-عمان(2001م).
قانون
الأحوال الشخصية السوري -مطبعة التقدم- دمشق(1992م).
قانون
الأحوال الشخصية العُماني- وزارة التراث القومي- مسقط (1998م).
قانون
الأحوال الشخصية القطري - وزارة العدل- الدوحة-(2006م).
قانون
الأحوال الشخصية الكويتي - مجلس الامة –
الكويت (1997م).
قانون
الأحوال الشخصية المصري – المكتبة القانونية المحلة (2003م).
قانون
الأحوال الشخصية المغربي (مدونة الأسرة المغربية) –معهد الدراسات القضائية –
الرباط (2008م).
قانون الأحوال الشخصية اليمني –
وزارة الشؤون القانونية – صنعاء (2006م).
قانون
الأحوال الشخصية بدولة الإمارات العربية المتحدة – مجلة العدالة – أبو ظبي (2008م).[SR5]
قدري باشا، محمد (2006)،
الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية، الطبعة الأولى، القاهرة: دار
السلام.
القشيري، أبو الحسين
مسلم بن الحجاج بن مسلم بن ورد (1997)، صحيح مسلم، الجيزة، مصر: دار المنار
للنشر والتوزيع.
القليصي، علي أحمد (1427هـ)،
أحكام الأسرة، الطبعة الثانية، صنعاء: دار النشر للجامعات.
القليوبي، أحمد بن
أحمد، وعميرة، أحمد البرلسي (1412هـ)، حاشية قليوبي وعميرة، مصر:
مطبعة عيسى البابي الحلبي.
الكاساني، علاء
الدين أبي بكر بن مسعود أحمد (1328هـ)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع،
مصر: المطبعة الجمالية.
الكردي، أحمد الحجي
(1938)، فسخ الزواج، دمشق: دار اليمامة.
لجنة علماء برئاسة
البلخي، نظام الدين (1310هـ)،
الفتاوى الهندية، بيروت: دار الفكر.
المباركفوري، ابو
العلاء محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم (1385هـ)، تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي،
الطبعة الثانية، القاهرة: دار الاتحاد العربي للطباعة.
مجد الدين الموصلي، عبد
الله بن محمود بن مودود الحنفي (1395هـ)، الاختيار لتعليل المختار، الطبعة
الثالثة، بيروت: دار المعرفة.
المرداوي، علاء
الدين أبو الحسن علي بن سليمان (1377هـ)، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف،
الطبعة الأولى، بيروت: دار إحياء التراث العربي.
النسائي، أحمد بن
شعيب (1421هـ)، سنن النسائي،
بيروت: دار إحياء التراث العربي.
([12]) ابن عابدين (1432هـ) 2/322، والشربيني (1420هـ)
2/166، والعنسي (1947)، وابن قدامه (1417هـ) 7/372.
([14]) الحاكم (1422هـ)، قال ابن حجر: رواه
الترمذي والحاكم بإسناد ضعيف، أنظر الدراية للعسقلاني (1384هـ)
2/ 63.
([16]) ابن ماجة (1395هـ)، وأبو
داود (1430هـ)
2/ 633، والحاكم (1422هـ)، والبيهقي وصححه الحاكم ورده الذهبي ونقل المناوي عن ابن
حجر ـ أنه قال: صححه أبو النعيم من حديث ابن عمر وفي إسناده مقال يقوي أحد
الإسنادين الآخر، أنظر الدراية للعسقلاني (1384هـ)
صـ 2/ 063.
([17]) الترمذي (1996) في جامع الترمذي مع
شرحه تحفة الأحوذي للمباركفوري (1385هـ) 1/ 0172، وقد قال
الحافظ ابن حجر: رواه الترمذي والحاكم بإسناد ضعيف، أنظر الدراية للعسقلاني
(1384هـ)
2/ 63، وأخرجه أبو داود (1430هـ) 2/ 333 حديث رقم
2102، والدار قطني (1386هـ) 3/ 301.
([25]) أخرجه البخاري بشرح فتح الباري للحافظ
شهاب الدين أبي الفضل العسقلاني المعروف بابن حجر (1378هـ) 9/ 108.
([30]) مسند الإمام أحمد (1398هـ) حديث رقم 23489،
ورجاله رجال الصحيح، أنظر مجمع الزوائد لأبو الحسن الهيثمي (1422هـ) 3/266.
([38]) السرخسي (1324هـ) 2/141، والرملي (1386هـ)
6/248، والمرداوي (1377هـ) 8/106، والخرشي (1997) 3/206، والعنسي (1947) 2/67، وابن
مفتاح (1984)
2/108.
([39]) النسائي (1421هـ) 6/ 87، وابن ماجه (1395هـ)
1/602، وورد بأن إسناده صحيح في مجمع الزوائد لأبو الحسن الهيثمي (1422هـ).
([46]) صدرت أحكام في السعودية وغيرها
بالتفريق بين الزوجين لعدم الكفاءة في الحرفة أشهرها الحكم الذي قضى بالتفريق بين
منصور وفاطمة يوم 16 رجب سنة 1426هـ وكان الزوجان قد أنجبا من هذا الزواج طفلين،
صحيفة الرياض الخميس 4 ذو القعدة 1438هـ.
([62]) ابن عابدين (1432هـ) 2/321، وابن الهمام (1316هـ) 3/193، والقليوبي وعميرة (1412هـ) 3/635،
والمغني 7/377.
([82]) الترمذي (1996) حديث رقم 1084 3/110، وابن
ماجه رقم 1967 كتاب النكاح باب الاكفاء وحسنه الالباني في صحيح الترمذي والسلسلة
الصحيحة.
([83]) ابن عابدين (1432هـ) 2/322، والدسوقي
(1331هـ) 2/240، والشربيني (1420هـ) 3/163، وابن قدامه (1417هـ) 6/482.
[SR2]لا يوجد لـ فروخ
(1988) مرجع في قائمة المراجع، يرجى إضافته في قائمة المراجع، وهل هو شمروخ
(1984)، يرجى التأكد.
(حياكم الله يوجد
هذا المرجع في قائمة المراجع في منتصف
صفحة 26 ، هو شمروخ وليس فروخ)
[SR4]لا يوجد استشهاد لهذا
المرجع، يرجى ذكر الاستشهاد في متن البحث مع ذكر دار النشر، أو حذف المرجع.
(حياكم الله هناك استشهاد بهذا المرجع
وذلك في صفحة 16)
تعليقات
إرسال تعليق