رفع الدعوى على أكثر من شخص بعريضة واحدة

 


أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون جامعة صنعاء

الحكم محل تعليقنا هو الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا بتاريخ 23/7/2002م في الطعن التجاري رقم 60 لسنة 1423ه وخلاصة هذا الحكم ( انه بإطلاع الدائرة على عريضة الطعن بالنقض والرد عليها و أوراق القضية نجد أن الطاعن قد ذكر في طعنه أن المطعون ضده لم يثبت حاجته الشخصية للمحلين الذين يطالب بإخلائهما ، وطبقاً للقانون فإنه يتوجب عليه أن يثبت ذلك إلا أن محكمة الإستئناف لم تفعل ذلك مما يجعل حكمها المطعون فيه مخالفاً للقانون حينما قضى بإخلاء المحلين ، إضافة إلى أن الطاعنين قد تقدما أمام محكمة أول درجة بدفع بعدم صحة الدعوى التي رفعها المطعون ضده في عريضة واحدة على الطاعنين المستأجرين للمحلين، لأن المستأجرين لا تربطهما رابطة تضامنية أو شراكة حسبما ورد في عريضة الطعن بالنقض، ومن خلال رجوع الدائرة إلى الحكمين الإبتدائي والإستئنافي نجد أنه لا صحة لما ذكره الطاعنان في طعنهما بشأن عدم ثبوت حاجة المطعون ضده للمحلين حيث  أن المحكمة الإبتدائية ثم الإستئنافية  قد توصلتا من خلال ما قدمه المطعون ضده أمامهما إلى قناعة تامة بثبوت حاجته الشخصية إلى المحلين، إضافة إلى أن محكمة الإستئناف قد ذكرت أن الطاعنين قد عجزا عن إثبات دعواهما بأن المطعون ضده ليس محتاجاً للمحلين لمنفعته الشخصية وأنه قد طلب منهما زيادة مبلغ الإيجار ، حيث عجزا عن إثبات ذلك من خلال الشهود الذين قاما بإحضارهم أمام محكمتي الموضوع، أما نعي الطاعنين على الحكمين الإبتدائي والإستئنافي بأنهما قد قبلا دعوى المطعون ضده مع أنها مرفوعة في عريضة واحدة على أكثر من شخص، فهذا النعي قد تم الرد عليه من قبل الشعبة الإستئنافية التجارية التي ذكرت أن هذا الدفع  في محله من حيث عدم قيام المحكمة الإبتدائية بالفصل في الدفع بقرار مسبب، على أن هذا القصور لا يبطل الحكم لأن هذا الدفع ليس جوهرياً ، إذ انه لا يترتب على إغفاله تغيير وجه الرأي في الحكم، فالدعوى قد تم رفعها من ذي صفة على ذي صفة وكان سببها وموضوعها واحداً ، ولذلك وبعد المداولة فإن الدائرة تحكم برفض الطعن موضوعاً لعدم قيام سببه وتحميل الطاعنين المصاريف القضائية لمرحلة النقض مبلغ عشرون ألف ريالً ومصادرة الكفالة وإعادة ملف القضية إلى المحكمة الإستئنافية كي تتولى إعادة الملف إلى المحكمة الإبتدائية لإشعار الأطراف بهذا الحكم والعمل بمقتضاه) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم على النحو الآتي:

الوجه الأول: متى يجوز رفع الدعوى على أكثر من شخص في عريضة دعوى واحدة ؟:

إذا كان الحق المدعى به تحت يد المدعى عليهم حقيقة أو حكماً إذا كانوا متعددين، وكان هذا الحق غير مفرز أو منفصل أو غير قابل للتجزئة ، ويلحق بذلك دعوى المسئولية المشتركة سواء التقصيرية أو العقدية إذا تعدد المسؤولون فيها ، وكذا دعاو التضامن حينما يكون هناك ملتزم بالحق وضامن عليه ، وكذا يجوز اختصام كل من سيكون الحكم  حجة عليه في عريضة واحدة ولو تعددوا ، وهذا المفهوم واضح من خلال نصوص قانون المرافعات التي أوجبت أن تكون العرائض والمذكرات بعدد المدعى عليهم وكذا تنظيم القانون لحالات التدخل والإدخال في الخصومة، وفي هذا المعنى قال أستاذنا المرحوم أحمد أبو الوفاء في كتابه نظرية الدفوع يجوز إختصام عدة أشخاص في عريضة واحدة إذا كان موضوع الدعوى لا يقبل التجزئة بسبب طبيعته أو بسبب نص في القانون يوجب اختصام أشخاص معينين في الدعوى، وفي غير الحالات السابق ذكرها التي يجوز فيها رفع الدعوى على أكثر من شخص في عريضة دعوى واحدة فلا يجوز ذلك، كما لو كان الحق المدعى به منفصلاً ومستقلاً حسبما أشار الحكم محل تعليقنا حينما ذكر أن الحق المدعى به هو محلين تجاريين منفصلين ومستقلين ومؤجرين من شخصين مختلفين ، كما أن العلاقة العقدية(عقد الإيجار) منفصلة فلكل محل تجاري عقد إيجار مستقل عن الآخر ، وربما تختلف الإلتزامات العقدية في كل عقد عن غيره وكذلك الأمر في الحالات المماثلة للحالة التي أشار إليها الحكم محل تعليقنا.

الوجه الثاني: حقيقة الدفع بعدم جواز رفع الدعوى على أكثر من شخص في عريضة واحدة:

ذكرنا فيما سبق الحالات التي لا يجوز فيها رفع الدعوى على أكثر من شخص في عريضة واحدة ولكن إذا حدث ذلك وقام أحد الأشخاص المدعى عليهم بالدفع بعدم الجواز، هل يكون هذا الدفع من النظام العام أو دفعاً جوهرياً؟

ذهب الحكم محل تعليقنا إلى ان هذا الدفع ليس جوهرياً طالما لا يترتب عليه تغيير وجه الرأي في الحكم لأن الدعوى حكمها واحد وأن الحق المدعى به مستقل عن غيره فالنتيجة واحدة، وما كان الحكم ليتغير لو قام المؤجر بإختصام المستأجرين كل على حدة، وكذلك الحال بالنسبة لعدم فصل محكمة أول درجة في هذا الدفع على وجه الإستقلال بحكم مسبب، وهذا استدلال سديد استدل به الحكم محل تعليقنا، والحقيقة أن هذا الحكم قد قرر قاعدة عامة مفادها أن الدفع برفع الدعوى على أشخاص متعددين لا يكون دفعاً جوهرياً إلا إذا ترتب عليه تغيير وجه الرأي في الحكم القضائي، وهذا أيضاً هو الفارق الرئيس بين الدفع الجوهري والدفع غير الجوهري كما هو معلوم، والله أعلم.  

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اسباب الطعن بالنقض في القانون اليمني

ماهي الحالة التي يجوز فيها الحكم بإعادة القضية الى المحكمة الابتدائية؟

إنكار المحرر العرفي الصادر عن الغير