الشفعة في مال الوقف
أ.د. عبد
المؤمن شجاع الدين
الأستاذ
في كلية الشريعة والقانون جامعة صنعاء
الحكم محل تعليقنا هو الحكم الصادر عن الدائرة المدنية
بالمحكمة العليا بتاريخ 5/12/2006م في الطعن المدني رقم 26065 سنة 1427ه وتتخلص
وقائع هذا الحكم أن احد الأشخاص أوقف بعض أراضيه في مبرة فتقدم المالك المجاور
لتلك الأراضي بطلب الشفعة التي رفضها متولي الوقف وبعدئذ تقدم طالب الشفعة إلى
المحكمة المختصة التي رفضت طلبه فطعن أمام محكمة الاستئناف فانتهت إلى تأييد الحكم
حتى وصلت القضية إلى المحكمة العليا التي حكمت بأنه(من خلال المطالعة لأوراق القضية وعريضة الطعن بالنقض والرد عليها فقد
وجدت الدائرة أن الطاعن قد نعى على الحكم
المطعون فيه أنه لم يحكم له بثبوت الشفعة ,ومن خلال الدراسة لأوراق القضية فقد وجدت الدائرة أن السبب
والمدعي به باستحقاق الشفعة وقف ,لذلك قررت الدائرة رفض الطعن وإقرار حكم محكمة
الاستئناف ومصادرة كفألة الطعن )وسيكون تعليقنا على هذا الحكم بحسب الأوجه الآتية
:
الوجه الأول :عدم جواز الشفعة في الوقف:
قرر الحكم محل تعليقنا بان الشفعة لا تجوز في ملكية الوقف (الرقبة) إي إذا كان المال المشفوع وقفا وطلب
الشفيع تملك ارض الوقف بالشفعة فلا تجوز الشفعة في هذه الحالة , لان ملكية رقبة
الوقف لله سبحانه وتعالى تظل خالدة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها حسبما يرد في
الواقفيات, وعلى هذا الأساس فان الحكم محل تعليقنا قد وافق الشرع والقانون .
الوجه الثاني: عدم جواز الوقف إذا كان قصد الواقف هو
التهرب من الشفعة :
والسند في ذلك المادة (16) من قانون الوقف التي نصت على انه (لا يصح الوقف فرارا
من دين أو شفعة ولا بحيلة كالتحايل على إحكام الإرث ),فالشخص في هذه الأحوال لا
يريد و لا يقصد التقرب إلى الله سبحانه وتعالى بقربة وإنما مقصده من ذلك التحايل والإضرار
بالحقوق الشرعية للغير التي هي مقدمة على حق الله.
الوجه الثالث: مدى جواز الشفعة في الانتفاع بأملاك الأوقاف:
بمعنى انه إذا باع أجير الوقف حق اليد
(الشقية ) للغير هل يجوز للجار إن يشفع ويطلب أولويته في الانتفاع بأرض الوقف أو ملك
الوقف؟
هناك من يذهب إلى عدم الشفعة في هذه الحالة
لان المادة (1260)مدني فقرة (1) نصت على انه (يشترط لصحة الشفعة ما يأتي :1- أن يكون المشفوع عينا فلا تصح الشفعة في المنافع ولا
فيما لا يباع من الحقوق)فمن وجهة نظر هولاء أن المستأجر لملك الوقف منتفع وليس
مالكا للعين كما أن (ملكية الرقبة) في الوقف لإتباع ولذلك فان النص صريح بعدم صحة
الشفعة في هذه الحالة,وقد أشار الحكم محل تعليقنا إلى ذلك ,كما أن لائحة تنظيم إجراءات
التأجير والانتفاع بأموال وعقارات الأوقاف الصادرة بالقرار الجمهوري رقم (99)
1996م وكذا قانون الأوقاف لم ينظما هذه المسالة مع أهميتها وكثرة الاجتياح لها,
وربما أن المختصون في وزارة الأوقاف يحشون من أن تكون الشفعة في الانتفاع بالأوقاف
وسيلة لتعويق تأجير الأوقاف من قبل الوزارة أو اثارة المشاكل فعندما تقوم الوزارة بتاجير
المنتفع سوف يقوم الجار لمال الوقف بطلب الشفعة ومن وجهة نظرنا إن الشفعة تجوز في الانتفاع بأملاك الوقف,لان النص
القانوني السابق ذكره قد صرح بقصر منع الشفعة في المنافع التي لا تباع إما
الانتفاع بأملاك الأوقاف فانه يباع ويشترى مثله في ذلك مثل المال الحر وهو ما يسمى في اليمن (حق اليد أو حق الشقية) كما أن العلة
والحكمة من تقرير الشفعة شرعا وقانونا متحققة في الانتفاع بأملاك الأوقاف ومن ذلك
مضار الجوار والاشتراك في المراهق,ومعلوم أن مضار الجوار والاشتراك تقلل من قيمة
عقارات الأوقاف إضافة إلى أنها تقلل من
أوجه الانتفاع بها ومن ثم قيمتها إلايجارية,وبما أن قانون الوقف ولائحة التأجير والانتفاع
بأملاك الأوقاف توجبا منع إي تصرف أو تنازل عن الانتفاع بأموال الأوقاف إلا بنظر
وزارة الأوقاف وبما إن الشفعة نوع من أنواع التصرف في أموال الأوقاف, والشفعة في
الانتفاع بأملاك الأوقاف تحصل كثيرا في الواقع العملي فإننا نوصي وزارة الأوقاف بتنظيم
الشفعة في الانتفاع في عقارات الأوقاف ضمن لائحة التأجير لعقارات الاوقاف بحيث
يقدم طلب الشفعة إلى الوزارة أو إلى مكاتبها وان يتم النص في اللائحة على انه لا يترتب
على مباشرة حق الشفعة تحميل أموال الأوقاف أية أعباء أو تكاليف أنية أو
مستقبلية,لان الشفيع أصلا هو الذي يتحمل هذه الأعباء والله اعلم.
تعليقات
إرسال تعليق