خلو وثيقة التحكيم من موضوع النزاع يبطل التحكيم

 


أ.د.عبد المؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون جامعة صنعاء

 

الحكم محل تعليقنا هو الحكم الصادرعن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا بتاريخ 14/1/2002م في الطعن المدني رقم 435 لسنة 1442ه وخلاصة هذا الحكم (أن الدائرة قد قامت بدراسة عريضة الطعن بالنقض والرد عليه في ضوء أوراق القضية فتبين لها أن محكمة الاستئناف كانت قد نظرت في دعوى البطلان وقررت قبول الدعوى وإلغاء حكم التحكيم الصادر بتاريخ 31/7/1999م بكل فقراته لخلو وثيقة التحكيم المحررة بتاريخ 30/7/1999م من أي إشارة تدل على تحديد موضع الخلاف محل التحكيم ,حيث أن المادة (15)من قانون التحكيم قد نصت على انه لا يجوز الاتفاق على التحكيم إلا كتابة سواء قبل قيام الخلاف أو النزاع أو بعد ذلك حتى لو كان طرفا التحكيم قد أقاما الدعوى أمام المحكمة فيكون الاتفاق باطلا إذا لم يكن مكتوبا ومحددا به موضوع التحكيم,وحيث أن وثيقة التحكيم جاءت خالية من تحديد موضوع التحكيم,وحيث أن لجنة التحكيم  لم تتقيد بالإجراءات المنصوص عليها بالمادتين 34و 35 من قانون التحكيم فان اللحنة تكون قد خالفت أحكام القانون مما يجعل حكم التحكيم باطلا لمخالفته صحيح القانون, ولكل هذه الأسباب قررت الدائرة المدنية بالمحكمة العليا تأييد الحكم ألاستئنافي بكل فقراته)وسيكون تعليقنا على هذا الحكم بحسب الأوجه الآتية :

الوجه الأول: الأساس القانوني لبطلان حكم التحكيم إذا خلت وثيقة التحكيم من ذكر موضوع التحكيم :

حسبما ورد في الحكم محل تعليقنا فقد تأسس هذا الحكم على المواد 35,34,15 من قانون التحكيم حيث نصت المادة (15) على انه (لا يجوز الاتفاق على التحكيم إلا بالكتابة ، سواءً قبل قيام الخلاف أو النزاع أو بعد ذلك وحتى لو كان طرفا التحكيم قد أقاما الدعوى أمام المحكمة ويكون الاتفاق باطلاً إذا لم يكن مكتوباً ويكون الاتفاق مكتوباً إذا تضمنته وثيقة تحكيم أو شرط تحكيم أو برقيات أو خطابات أو غيرها من وسائل الاتصال الحديثة (في حين نصت المادة (34) على ان (تبدأ إجراءات التحكيم من اليوم الذي يتسلم فيه أحد الطرفين طلباً من الطرف الآخر بعرض النزاع على التحكيم وفقاَ لأحكام هذا القانون أو لشروط اتفاق التحكيم (إما المادة (35) فقد نصت على أنه(على الطرف المدعي أن يرسل بياناً مكتوباً بدعواه إلى الطرف المدعى عليه والى كل عضو من أعضاء لجنة التحكيم , وذلك من خلال المدة الزمنية المتفق عليها أو التي تعينها لجنة التحكيم ، ويجب أن يشمل البيان المكتوب المعلومات التالية :اسم وعنوان الطرف المدعي ، اسم وعنوان الطرف المدعى عليه ، شرح كامل لوقائع الدعوى مع تحديد القضايا محل النزاع وكذا طلباته وكل ما اتفق الطرفان على ضرورة ذكره في بيان الدعوى وعلى الطرف المدعي أن يرفق ببيانه إلى المحكمين كل المستندات والوثائق والأدلة الأخرى ذات الصلة بموضوع المنازعة ، ويحق للطرف المدعي أن يعدل دفاعه أو طلباته أو يضيف إليها خلال مدة سير إجراءات التحكيم ، ما لم ترى لجنة التحكيم أن ذلك قد جاء متأخراً).

 

الوجه الثاني: تأثير خلو وثيقة التحكيم من تحديد موضوع النزاع :

تحديد محل النزاع أو موضوع التحكيم هو أهم البيانات التي يجب أن تشتمل عليها وثيقة التحكيم ,فموضوع التحكيم أو محل الخلاف هو الذي يحدد ولاية وإختصاص هيئة التحكيم ونطاق عملها ,وبناء على ذلك فان اختصاص ولاية هيئة التحكيم متعلقة بموضوع التحكيم الذي يرد في وثيقة التحكيم فان تم ذكر موضوع التحكيم في الوثيقة فان الولاية والاختصاص تنعقد لهيئة التحكيم إما إذا لم يرد ذكر موضوع التحكيم فان هيئة التحكيم أو الحكم لا تتصل بموضوع النزاع إضافة إلى أن وثيقة التحكيم تكون مشوبة بالجهالة التي تبطلها ,فضلا عن أن وثيقة التحكيم هي أساس ومنطلق عمل هيئة التحكيم حيث تبدأ جلساتها مستندة إلى وثيقة التحكيم وبعد أن تنتهي من عملها يتوجب عليها أن تقوم بإبداع حكم التحكيم وترفق به وثيقة التحكيم,فهيئة التحكيم تبدأ عملها وتنهيه بموجب وثيقة التحكيم.

 

الوجه الرابع :إمكانية كتابة وثيقة التحكيم في أثناء نظر هيئة التحكيم للنزاع:

ذكرت المادة(15) تحكيم السابق ذكرها أنه يجوز كتابة وثيقة التحكيم قبل النزاع أو بعده ,وذلك يعني أن تتم كتابة الوثيقة قبل أن تباشر هيئة التحكيم جلساتها ,إذ أن ولايتها يجب أن تثبت قبل انعقاد جلسات التحكيم ,إما إذا قام طرفا النزاع بكتابة الوثيقة في أثناء نظر النزاع فان الجلسات السابقة لتحرير الوثيقة تكون باطلة .

 

الوجه الخامس :إمكانية تحديد موضوع التحكيم أو النزاع من واقع مرافعات الخصوم :

أشار الحكم محل تعليقنا أن المحكمين لم يلتزموا بالإجراءات المحددة في المادتين 34و35 تحكيم السابق ذكرهما في الوجه الأول ,وهذه الإجراءات هي تقديم الدعاوى والردود من أطراف خصومة التحكيم,وبالطبع فان الدعوى والردود يتم فيها تحديد موضوع التحكيم أو الخلاف بدقة , ومن خلال ذلك يمكن معرفة موضوع التحكيم بحيث يكون ذلك مكملا لنقص وثيقة التحكيم,وعدم وجود الدعاوى أو الردود عليها في حكم التحكيم الذي أبطله الحكم محل تعليقنا كان سبباً كافيا لإبطال حكم المحكم ومع هذا فقد قرر الحكم محل تعليقنا حسبما ورد في أسبابه أن خلو وثيقة  التحكيم من موضوع النزاع أو التحكيم سببا كافياً يجعل الوثيقة من ثم حكم المحكم باطل حتى لو تداعي المحتكمون فقدموا دعاويهم وردودهم  أمام هيئة التحكيم ,ونحن من جهتنا نؤيد ما ذهب إليه الحكم في هذا الشأن ,لان ورود موضوع التحكيم في دعاوى وردود المحتكمين لا يكمل نقص وثيقة التحكيم لأسباب عدة أهمها وجوب أن تكون وثيقة التحكيم مكتوبة وموجودة ومكتملة بكافة عناصرها الجوهرية بما في ذلك بيان موضوع التحكيم وذلك قبل إنعقاد جلسات هيئة التحكيم,أي قبل تقديم دعاوى و وردود المحكمين ,والله علم.

 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اسباب الطعن بالنقض في القانون اليمني

ماهي الحالة التي يجوز فيها الحكم بإعادة القضية الى المحكمة الابتدائية؟

إنكار المحرر العرفي الصادر عن الغير