نظام الأوامر على عرائض في القانون اليمني



أ.د/ نجيب أحمد عبدالـله الجبلي أستاذ قانون المرافعات والتنفيذ المدني ورئيس قسم قانون المرافعات بكلية الشريعة والقانون –جامعة صنعاء

يقتضي الكلام عن الأوامر على عرائض كتباً ومجلدات، بل تعد من الموضوعات الهامة من الناحية العملية، والبحثية ومناط ذلك يرجع إلى حداثة تنظيم قواعد الأوامر على عرائض في قانون المرافعات اليمني برقم (40) لسنة 2002م، إذ أنه نظم هذه الأوامر بتنظيم يتمشى مع طبيعة وهدف هذه الأوامر، ويؤدي ذلك لاسيما عند اتباع النموذج المحدد بهذا التنظيم إلى تحقيق الهدف الذي يقصده الشرع من هذا التنظيم.
وفي هذه المقالة سأحاول الكلام عن الأوامر على عرائض بالقدر اللازم لتحقق هذه المقالة الهدف المرجو منها، وهو إيصال المبادئ الأساسية لكل المشتغلين بالقانون من قضاة ومساعديهم، لأن وقتهم قد لا يتسع للاطلاع والبحث عن هذه المبادئ من كتب الفقه. نظمت الأوامر على عرائض في المواد (246 إلى 252) من قانون المرافعات، ولفهم هذا النظام يلزم الإشارة إلى أن القاضي يتمتع بالعديد من السلطات التي تنبثق من طبيعة وظيفته، فهو يملك سلطة القضاء أي إصدار أحكام قضائية فاصلة في نزاع نتيجة خصومة تحقيق كامل، كما أنه يتمتع بسلطة الأمر، أي بسلطة إصدار أوامر قضائية ملزمة نتيجة خصومه تحقيق غير كامل، ويتمتع أخيراً بسلطة الإدارة، وبناء عليها يصدر قرارات إدارية باعتباره موظفاً عاماً.
ويكاد يجمع الفقهاء والشراح على أن الأوامر على عرائض في الشكل الذي يمارس القاضي من خلاله ما يتمتع به من سلطة الأمر، أي السلطة الولائية، ولهذا يجمع الفقه على أن القاضي عند إصداره لهذه الأوامر التي تهدف إلى اتخاذ تدابير وقتية لا يستند على سلطته القضائية لأن القضاء هو حسم للمنازعة، وهنا لا توجد منازعة ولا حسم، لان السلطة الولائية تعني إصدار أوامر للأفراد المقصود منها المحافظة على وضع معين إلى أن ينظر النزاع القائم أو الذي سيقوم في شأنه أمام المحكمة، ولهذا يقال أن للقاضي وظيفة قضائية ووظيفة ولائية، فالأولى هي فض الخصومات وإقرار الحقوق، والثانية هي إصدار الأوامر؛ ولهذا لا يرتهن استعمال القاضي لسلطته الولائية بسبق رفع دعوى موضوعية أمام القضاء؛ بمعنى لا يشترط التلازم بين الدعوى بأصل الحق وبين استعمال القاضي لسلطته الولائية؛ فسلطة القاضي الولائية (عند إصداره الأوامر) تباشر إذاً كإدارة قانونية أو كوسيلة قانونية لحل مشكلة النشاط الأصيل لإرادة الأطراف عن تحقيق فاعليته الذاتية إزاء مركز قانوني معين، والاعتبارات التي يستند إليها تنظيم الأوامر على عرائض متعددة؛ فقد ترجع إلى الوصايا القانونية التي يفرضها القانون على الإرادة الفردية، وقد ترجع إلى مصالح أشخاص آخرين غير من يطلب استصدار الأمر الولائي، وقد ترجع إلى مصلحة المجتمع ككل.
ويترتب للتمييز بين سلطة القضاء (الحكم) وسلطة الأمر نتائج هامة من حيث سلطة القاضي، ومن حيث الإجراءات والشكل الذي يمارس فيه العمل، ومن حيث الوقائع المقدمة للقاضي، والآثار المترتبة على العمل الصادر من القاضي.
1- ويمكن التمييز بين سلطة القضاء وسلطة الأمر من حيث الواقع المقدمة إلى القضاء، فحينما يتصدى القاضي لأعمال سلطة القضاء (الحكم)، فإنه يرمي إلى إزالة عارض قانوني، طرح عليه ليفصل به سواء كان موضوعياً أم مستعجلاً، أي أن القاضي عندما يحكم يقوم بتركز الوقائع الأساسية للإدعاء وإجراء ما يلزم من عمليات الإثبات والتحقيق والتقدير القانوني والتكييف ثم ينزل حكم القانون على المركز المتنازع عليه، وعلى ذلك فعندما يمارس القاضي سلطته القضائية (الحكم)، فإنه يهدف بصفة أساسية إلى منح الخصوم الحماية القضائية سواء كانت حماية موضوعية أم وقتية، ونقصد بالحماية الموضوعية الوقتية، عندما يصدر القاضي حكماً يلازم الخصومة طالما تعلق بأصل الحق المدعى به، أما الحماية القضائية الوقتية فهي تهدف إلى حماية أصل الحق المتنازع عليه حماية مؤقتة إلى أن يتم الفصل في موضوع النزاع.
أما طلب الأمر على عريضة الذي يقدم للقاضي ويطلب منه استعمال سلطته الولائية، فهو مركز واقعي مغاير للمركز الذي تكلمنا عنه فيما سبق، ومظهر المغايرة يتضح من خلال تجديد القانون إرادة الأشخاص في هذه الحالة من صلاحيتها في إحداث آثار قانونية معينة، لأن القانون ربط توليد هذه الآثار أو كمال فعاليتها بضرورة صدور أمر من القضاء، هذا الأمر يصدر من القاضي بناء على سلطة أخرى غير سلطة القضاء، هذه السلطة هي السلطة الولائية.
2- من حيث الإجراءات والشكل: ينبغي عند ممارسة القاضي لسلطته القضائية (الحكم) أن يراعي القواعد المقررة لذلك، فيلزم مراعاة حقوق الدفاع ومبدأ المواجهة، لا سيما الإعلانات القضائية بشكلها والتنظيم المقرر لها من أجل علم الأطراف بالإجراءات المتخذة ضد كل طرف، حتى يتمكن من الدفاع عن حقوقه بالوقت المناسب، كما أنه ينبغي صدور الحكم بالشكل المقرر من حيث الكتابة والبيانات والتسبيب...الخ.
أما عندما يمارس القاضي سلطته الولائية (الأوامر) فلم يشترط القانون لإصدارها ضرورة احترام مبدأ المواجهة، أي أنها تصدر في غفلة من الطرف الآخر، لأنها تهدف إلى تدابير لصيانة حقوق غير متنازع فعلياً عليها، وبالتالي فإن هذه التدابير تتخذ في غياب الخصم المراد اتخاذ الإجراء في مواجهته، ومثال ذلك الأمر بالحجز التحفظي، أو نقل الأموال المحجوزة إلى مكان آخر، أو الأمر بعزل حارس قضائي، أو الأمر بجني الثمار في غير مواعيدها، أو من يريد وضع الأختام وجرد الأموال، أو من يريد اتخاذ إجراء وقتي أو تحفظي. معنى ذلك أن القاضي وهو بصدد استعمال سلطته القضائية (الأوامر) فإنه يفترض دائماً غياب النزاع وغياب الخصم الآخر، بكلمة واحدة معيار العمل الولائي (الأوامر) غياب النزاع والخصم الآخر، لأنه لو كان هناك نزاع قائم لتم اللجوء إلى القضاء بوسيلة الدعوى العادية؛ مع ملاحظة أن هناك أعمالاً ولائية (أوامر) مرتبطة بنزاع فقد يحدث أن يصدر القاضي قرارات أثناء خصومه قضائية مثل تعيين حارس قضائي، أو الإذن بإعلان الخصم في يوم عطلة رسمية، مثل هذه القرارات لا تثير في ذاتها أي منازعة ولا تفترض وجود نزاع سابق على إصدارها. ولكنها تصدر بسبب وجود خصومه قضائية. وعلى ذلك بالنسبة للشكل الذي تمارس فيه الأوامر على عرائض، فإنها تمارس بناء على عريضة ولا تعلن للطرف الآخر ويصدر القاضي أمره بلا تحقيق، وبلا تسبيب وفي غرفة المشورة وليس في جلسة علنية، وبناء على ذلك فإن القرار الولائي لا يتضمن سوى سلطة الأمر أو الإلزام دون تقرير الحق. أو القرار القضائي (الحكم) فإنه يحتوي على تقرير الحق مقروناً بالإلزام.
3- من حيث الآثار: تختلف سلطة القضاء وسلطة الأمر من حيث الآثار من أهم هذا الاختلاف من حيث استنفاد القاضي لولايته فلا يترتب استنفاد القاضي لولايته إلا للأحكام القطعية الصادرة في دعوى أو في حالة إجرائية. أما القرار الصادر بناء على سلطة القاضي الولائية، فيجوز سحبه وإصدار قرار جديد إذا ما تغيرت الظروف بشرط بيان أسباب ذلك، كما تختلف الآثار المترتبة على القرار بناء على السلطة الولائية من حيث حجية الشيء المقضي به، فلا تترتب الحجية على صدور الأوامر على عرائض، لأن الحجية لا تكون إلا للأحكام القطعية الصادرة بالموضوع، وبالتالي يجوز للمحكمة التي أصدرت الأمر على عريضة، أو لغيرها إصدار أمر مخالف للأمر السابق، لأن الأمر الصادر من القاضي لا يكسب حقاً ولا يهدره، كما أن هذا الأمر لا يقوم بتطبيق قاعدة قانونية على واقع متنازع عليه حيث لم يطلب أحد ذلك، وبالتالي لا يكتسب القرار الولائي حجية الشيء المقضي به، لأنه من الأصل لا يوجد قضاء يحسم نزاعاً، كما يختلف الأمر على عريضة من حيث القوة التنفيذية، إذ أنها مشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون في جميع الحالات، لأن هدف الأمر على عريضة هو تيسير السبيل أمام الأفراد للحصول على أوامر قضائية تتيح لهم مكنة أو سلطة اتخاذ مجرد تدابير وقتية لحماية مراكزهم القانونية، ومناط ذلك يرجع إلى أن نظام الأوامر على عرائض يتفق مع نظام القضاء المستعجل في نوع الحماية المطلوبة فهي في الحالتين حماية وقتية، لا تودي إلى إكساب الخصم حقاً، كما أنها لا تهدر الحقوق الموضوعية وعدا ذلك يختلف النظامان من حيث الممارسة، فالقضاء المستعجل يمارس في الشكل العادي للدعوى القضائية مع بعض التيسير فيما يتعلق بالمواعيد والإجراءات، وتنشأ عن الدعوى المستعجلة خصومة ويصدر فيها حكم يحترم فيه مبدأ المواجهة ومبادئ إصدار الأحكام، أما الأمر على عريضة فيمارس بطريقة العرائض ولا توجد خصومة ولا خصم ولا يصدر حكم بل أمر فيها. كما يختلف النظامان أيضاً من حيث الاختصاص، والسلطة التي يمارسها القاضي، فالقاضي المستعجل يستند على سلطته القضائية في الفصل في الدعوى المستعجلة، بينما يستند إلى سلطته الولائية في إصدار الأمر على عريضة.

(حالاتها وشروطها والمحكمة المختصة)
نظام الأوامر على عرائض  حالاتها وشروطها والمحكمة المختصة بإصدارها، نقصد بحالات الأوامر على عرائض الأحوال التي يجوز للمحكمة إصدار هذه الأوامر، بمعنى آخر هل وردت هذه الحالات في القانون على سبيل الحصر أم على سبيل المثال؟ وللإجابة على ذلك نذكر القارئ الكريم إلى أن هدف هذه الأوامر باعتبارها نظاماً إجرائياً يهدف إلى إيجاد شكل إجرائي يختلف عن الشكل الإجرائي للدعوى القضائية، ويهدف إلى غايات غير تلك التي تهدف إليها هذه الدعوى.
فهدف نظام الأوامر على عرائض هو إيجاد شكل سهل خال من الإجراءات التي تفترض وجود نزاع وتلك التي تفترض وجود خصم، ووجود إعلان قضائي، وجلسات حضورية وإثبات ومناقشة وإصدار حكم وتسبيب. كل ذلك يؤدي إلى القول بأن هدف نظام الأوامر على عرائض هو تيسير السبيل أمام الأفراد للحصول على أوامر قضائية تتيح لهم مكنة أو القدرة على اتخاذ تدابير وقتية لحماية مراكزهم القانونية. نعود للإجابة على السؤال السابق، وقبل توضيح موقف القانون اليمني من ذلك نلاحظ أن التشريعات المقارنة تتباين مواقفها من حالات الأوامر على عرائض وتبعاً لذلك انقسم الفقه إلى قسمين فريق يرى أنه من الأفضل أن ينص المشرع على الحالات التي يجوز فيها طلب استصدار الأوامر على عرائض، أي ينبغي حصر وتحديد حالات الأوامر على عرائض، ويستند هذا الاتجاه إلى اعتبار هذا النظام استثناء أما الأصل هو أن يكون الطلب عن طريق الدعوى العادية. ويذهب فريق آخر يناقض هذا الاتجاه وهو موقف قانون المرافعات اليمني كما سيأتي إلى القول بأن الأصل في باب الأوامر على عرائض هو أن لكل فرد من الأفراد الحق في أن يلجأ إلى القضاء يلتمس منهم اتخاذ الإجراءات اللازمة لصيانة حقوقه المهددة بالضياع وذلك في أية حال وحيثما يوجد مقتضى لهذا الإجراء، أي أنه ينبغي على المشرع عدم تحديد حالات استصدار الأوامر على عرائض وبالتالي للقاضي الحق في ممارسة سلطته الولائية في إصدار أوامر على ما يقدم إليه من عرائض، بمعنى ذلك أن القانون اليمني لم يحدد الأحوال التي يكون فيها للخصم وجه في استصدار أمر على عريضة وهو موقف الفقه الراجح كما سبق، إذ أن المادة (247) من قانون المرافعات اليمني تنص على ذلك بقاعدة صريحة حيث تنص على أنه (يصدر الأمر في الأحوال التي ينص عليها القانون وفي كل حالة يثبت لدى المحكمة لزوم صدوره شرعاً وقانوناً بناء على طلب ذي مصلحة) ويفهم من ذلك أن القانون اليمني لم يحدد هذه الأحوال، بل المرجع في ذلك هو وجاهة الطلب، أي وجود وجه للطالب في تقديمه، وذلك دون تحديد أو حصر لهذه الأحوال، وإذا وردت بعض هذه الأحوال في نصوص متفرقة، كما هو في حالة الإذن بالحجز التحفظي أو الإذن بنقل الأموال المحجوزة، أو الإذن بالإعلان في عطلة رسمية، فإن ذلك يعد على سبيل المثال لا الحصر. ونستند في ذلك إلى نص المادة السابقة والتي ورد فيها وفقاً لقواعد التفسير التشريعي التي تقضي أنه إذا كان النص واضحاً فإن المعنى يستخلص من ألفاظه وعبارته ويتبادر فهمه إلى الذهن من صياغة النص، والقاعدة في هذا المجال لا اجتهاد مع النص، ومن جهة ثانية فإذا كان النص سليماً، ويدل على المراد منه بذات صيغته من غير توقف على أمر خارجي، فهو واضح الدلالة، والقاعدة في هذا المجال هو أن كل نص واضح الدلالة يجب العمل بما هو واضح الدلالة عليه، وينبني على ذلك أن نظام الأوامر على عرائض في القانون اليمني استناداً إلى النص الواضح الذي ينص: (يصدر...... وفي كل حالة يثبت لدى المحكمة لزوم...) باعتبار أن (كل) الواردة بالنص يراد بها العموم لا الحصر- واردة على سبيل المثال لا الحصر، وبالتالي يجوز للمحكمة إصدار أوامر على عرائض في كل حالة يرى فيها الخصم وجهاً لاستصدار أمر على عريضة، فإنه يسلك هذا السبيل دون قيد بشرط توافر العناصر الواقعية التي تبرر هذا المسلك وفقاً لما يقرره القاضي الآمر.
أما من حيث الشروط الواجب توافرها لقبول الأمر على عريضة فتتلخص في الشروط العامة والخاصة المقررة لقبول أي طلب أو دفع المقررة في المواد من (75 إلى 77) من قانون المرافعات، ومن الصفة والمصلحة وعدم وجود مانع قانوني، وبناء على ذلك يذهب الفقه الراجح إلى ضرورة توافر شروط لقبول الأوامر على عرائض، بحيث يترتب على تخلفها أمر بعدم قبول العريضة وعند البعض رفضها ولسنا في مجال دراسة خاصة لشروط قبول الطلب وإنما نتساءل عن شروط قبول الأوامر على عرائض، ومهما كان الخلاف بالفقه حول هذه الشروط، إلا أن الفقه الغالب يذهب إلى أنه لكي يصدر هذا الإذن من القاضي لابد من وجود شروط تؤدي إلى إصداره، وإلا رفض القاضي إجابة الطالب إلى طلبه والمتمثلة بما يلي:
1. احتمال وجود حق أو مركز قانوني يتعلق به الأمر المطلوب استصداره.
2. قيام خوف أو خطر وقوع ضرر على الحق أو المركز القانوني. يفرض وجوده إذا لم يصدر الأمر.
3. أن يكون المطلوب هو تدبير تحفظي أو إجراء وقتي، لا يمس أصل الحق.
4. أن يتأكد القاضي من أن تحقيق الهدف من الإجراء المطلوب صدوره يقتضي عدم قيام أية مواجهة.
ولاشك أن هذه الشروط الأربعة التي يراها الفقه شروطاً لقبول الأمر على عريضة تتطابق مع شروط قبول أي طلب أو دفع أو دعوى المنصوص عليها بالمواد السابقة، فهذه الشروط هي مناط قبول أي طلب أو دفع أو طعن، ويتولى القاضي من تلقاء نفسه بحث هذه الشروط فإن وجدها متوافرة نظر في الطلب، أما إذا تخلفت فإنه يرفض إصدار الأمر، مع ملاحظة أن للقاضي رفض إصدار الأمر مع توافر شروط القبول، لأن إصدار الأمر جوازي بموجب سلطته التقديرية والملائمة. أما من حيث القاضي أو المحكمة المختصة بإصدار الأوامر على عرائض، فذلك مقرر بنص المادة (246) من قانون المرافعات والتي تنص على أنه: (الأوامر على العرائض هي عبارة عن قرارات وقتية أو تحفظية تصدر في غير خصومه وفي غياب من صدر الأمر ضده بمقتضى السلطة الولائية كرئيس المحكمة أو القاضي المختص...).
هذا النص حدد القاضي المختص نوعياً بإصدار الأوامر على عرائض برئيس المحكمة الابتدائية وذلك في حالة عدم وجود دعوى أو نزاع مرفوع أمام القضاء، باعتباره قاضياً للأمور المستعجلة.
وهذا يعني أن القانون لا يجعل الاختصاص بإصدار الأوامر على عرائض لمحكمة منعقدة بكامل هيئتها، وإنما يعهد بهذا الاختصاص إلى رئيس المحكمة باعتباره قاضياً للأمور المستعجلة في خصوص الحالات التي لا تقوم فيها دعوى بين طالب الأمر وشخص آخر، وقاضي الأمور المستعجلة والوقتية في المحكمة الابتدائية هو رئيسها أو من يندب لذلك من قضاتها عملاً بنص المواد (243، 244) من قانون المرافعات. وينبني على ذلك أن هذا القاضي لا تعرفه محاكم الاستئناف أو الالتماس أو النقض، أو محاكم التظلم من الأوامر القضائية، ويرجع ذلك إلى أن محاكم الطعن لا يطرح عليها طلب أمر على عريضة دون أن يكون مرتبطاً بالطعن المرفوع أمامها. وبناء على ذلك الاختصاص بإصدار الأوامر على عرائض في الأحوال التي يكون فيها للشخص وجه في استصدار أمر على عريضة دون أن تكون له دعوى منظورة أمام القضاء بينه وبين من يريد استصدار الأمر الذي يختص باستصداره رئيس المحكمة الابتدائية، وفيما يتعلق بالاختصاص المحلي لقاضي العرائض، في حالة عدم وجود نزاع مرفوع أمام القضاء، فليزم تطبيق نص المادة (98) من قانون المرافعات والتي تنص على أنه: (في الدعاوى المتضمنة طلب اتخاذ إجراء وقتي يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه أو المحكمة المطلوب حصول الإجراء في دائرتها...).
أما إذا كانت الدعوى مرفوعة أمام القضاء، فإن الاختصاص بإصدار هذه الأوامر يكون للقاضي المختص، سواء كان فرداً، أو من رئيس الهيئة التي تنظر الدعوى على انفراد بوصفه قاضياً للأمور الوقتية المستعجلة، أما ما يتعلق بمحاكم الطعن فإنه يلزم فهم النص أن القاضي المختص هو رئيس الهيئة التي تنظر الطعن. ونخلص من ذلك أن محاكم الطعن بالاستئناف والالتماس لها إصدار أوامر على عرائض فيما يتعلق بالدعوى المنظورة أمامها وكان طلب الأمر على عريضة تابعاً للطعن.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اسباب الطعن بالنقض في القانون اليمني

ماهي الحالة التي يجوز فيها الحكم بإعادة القضية الى المحكمة الابتدائية؟

إنكار المحرر العرفي الصادر عن الغير